في الأيام الثلاثة الأخيرة قام «ائتلاف فبراير» بتصعيد حملته التي شنها عبر «مضارب» التواصل الاجتماعي لشحن البسطاء لتنفيذ إضراب عام اليوم الخميس الرابع عشر من فبراير والذي أطلقوا عليه اسم «إضراب الكرامة»، فهذا اليوم الذي بدأت فيه الأزمة في 2011 يراد له أن يكون إعادة لذلك الفعل الذي أدخل البحرين في حالة صعبة. بدأ الشحن بعبارات من قبيل «الموت أولى من ركوب العار، والعار أولى من دخول النار»، ففي هذه العبارة من التحريض ما يكفي ليجعل البسطاء من الناس يستجيبون ويرمون بأنفسهم إلى التهلكة، ولا بأس إن فقدوا وظائفهم أو أرواحهم. وبدأ الشحن بالدعوة إلى «إعلان النفير العام»، والدعوة إلى إغلاق المحلات التجارية، وإطفاء الأنوار «لا أعلم إن تم هذا البارحة أم لا ولكن بلغني أنه تم توزيع منشورات على أصحاب المحلات في بعض المناطق تأمرهم بإغلاق محالهم ليشاركوا غصباً عنهم في هذا النشاط وهو أمر–لو صح– ما كان ينبغي حدوثه حيث الإضراب قرار فردي ينبغي أن يكون عن قناعة». وبدأ الشحن بالدعوة إلى النزول في الساحات «مجللين بالأكفان.. حاملين كتاب الله بأيديكم.. دفاعاً عن العزة والكرامة». وبدأ الشحن بالتوبيخ عبر الإشارة إلى «دماء الشهداء» التي تستصرخهم. بدأ الشحن بعبارات من مثل «حي على الجهاد.. وحي على المقاومة.. وحي على القصاص».
شحن غير عادي ترافق مع التحريض ضد الحوار ومن يشارك فيه، وإطلاق أشرس النعوت عليهم، ورافقته مسيرات واعتصامات ومهرجانات جماهيرية بدأت من غرة فبراير، وتصاعدت وتلازمت مع عمليات قطع شوارع رئيسة وإشعال النار في إطارات السيارات، كما حظيت بدعم إعلامي لافت من فضائية العالم الإيرانية «السوسة» والفضائيات التابعة لها والتي وظفت كل إمكاناتها لخدمة هذا اليوم.
هل سيتم تنفيذ الإضراب اليوم؟ هل سينطلقون كما هو مقرر في مسيرات بعد صلاة الفجر؟ هل ستحدث مواجهات في الشوارع العامة؟ ما الأعداد المتوقع مشاركتها في الإضراب؟ هل سيتم منع الناس من التوجه إلى أعمالهم عنوة عبر إغلاق الشوارع؟ هل سيحاولون الوصول إلى حيث كان الدوار؟ هل سيتسبب هذا في تخريب الحوار؟ هل ستضطر الدولة إلى إنزال آليات عسكرية وأعداد كبيرة من رجال الأمن أو الحرس الوطني؟ هل ستحدث مواجهات؟ هل سيسقط أبرياء؟ هذه الأسئلة وغيرها كثيرة ظلت تشاغب المواطنين والمقيمين في اليومين الأخيرين نتيجة ما يتم نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات وعبر الأنشطة التي تم تنفيذها ميدانياً على مدى الأسبوعين الماضيين.
الجميع يتمنى أن يمر اليوم بسلام، فلا يفقد أحد حياته أو يتعرض إلى أذى، والجميع يتمنى أن يكون الإضراب –لو تم بالفعل– ليوم واحد فقط، وألا يتحول إلى عصيان مدني، لن يتضرر منه إلا البسطاء الذين سرعان ما سيكتشفون ألا ظهر لهم ولا معين سوى الله سبحانه وتعالى حيث «ائتلاف فبراير» دون القدرة على احتواء ما قد يصيب هؤلاء وسرعان ما سيبتعد عنهم وإن دعا الله ليعوض عليهم!
ما يتمناه كل عاقل هو ألا تشارك الجمعيات السياسية الست في هذا الإضراب، خاصة بعد اتخاذها القرار بالدخول في الحوار، ففي هذا تناقض لا ينبغي أن تقع فيه، فمن يقبل بالحوار لا يقبل منه تنفيذ نشاط يتسبب في أذى البسطاء ويحدث فوضى، وكان الواجب أن تسعى إلى ثني «ائتلاف فبراير» عن هذه الخطوة التي تعتبر قفزة جديدة في الهواء وتلاعباً بمشاعر الناس وبمستقبلهم.
ما قد يشهده الناس اليوم ينبغي ألا يحدث، فهو شر حتى لو جاء في صورة ممارسة حق دستوري يكفله القانون.