نحتفل هذه الأيام بذكرى التصويت على ميثاق العمل الوطني، هذه الذكرى العزيزة التي رسمت ملامح مستقبل مملكة البحرين من خلال السياسة الانفتاحية لعاهل البلاد المفدى، التي تنطلق من مبادئ سامية وحضارية، وتحقق آمال وتطلعات شعب البحرين، هذه السياسة التي قامت على المشاركة الشعبية وعلى الديمقراطية والشفافية وتفعيل دور القضاء من أجل تحقيق الاطمئنان للجميع، وحفظ الحقوق التي تشكل هاجس أي مواطن أو ذي حق، وكذلك ما أرساه من حقوق للمرأة وللطفل ولحقوق الإنسان.
هذا الميثاق الذي أكد على موقع البحرين العربي والإسلامي، ومساهماتها الإيجابية والفعلية لنصرة قضاياها المصيرية، وتحقيق الاكتفاء، والمساهمة في التنمية بمختلف أوجهها، كما جعل من البحرين أكثر مساهمة وفاعلية في المنظومة الدولية.
إن البحرين التي حضنت أبناءها ورفعت مكانتهم بين الشعوب، وأتاحت لهم سبل الارتقاء والعيش الكريم، تنتظر اليوم منهم أن يصونوا حقوقها وأن لا يفرطوا بأي شبر من ترابها الغالي، وأن يحافظوا على هويتها العربية والإسلامية.
وفي هذه المناسبة، لابد من التأكيد على أهمية الحفاظ على أمن وسلامة الوطن، والالتزام بالقوانين التي تدعم وتحفظ حقوق كل المواطنين في التعبير عن رأيهم، بشكل حر في إطار المؤسسات القائمة، والتي يمكن من خلالها التوصل إلى حلول ترضي الجميع بالحوار والإقناع، وما دعوة جلالة الملك لحوار التوافق الوطني في نسخته الثانية إلا دليل راسخ على قناعة العاهل بأهمية الحوار وإيمانه العميق بذلك.
اليوم لابد للجماعات التي تعبث بأمن الوطن أن تضع نصب أعينها مصلحة الوطن، والحفاظ على أمنه واستقراره، وتوفير المناخ الملائم لمزيد من الإنجازات، التي تحقق تطلعاتنا جميعاً نحو مزيد من التقدم والرفاه لهذا الوطن العزيز، بما يضمن سيادة القانون وترسيخ دولة المؤسسات.
والجميع اليوم مطالب باستنكار محاولات الخروج على الشرعية والقنوات الدستورية، لمناقشة قضايا وهموم الوطن بلجوء بعض الأفراد والجمعيات إلى المزايدة على النهج الإصلاحي والديمقراطي الذي تنتهجه مملكة البحرين، وذلك بإثارة المواطنين وتأجيج مشاعرهم، مما يعرض الوحدة الوطنية لكثير من المخاطر، وبما يهدد بانقسام المجتمع ودخوله في مهاترات وجدال عقيم، لا يخدم قضايا التنمية والتقدم لهذا الوطن الغالي.
لابد لمؤسسات المجتمع المدني في المملكة أن تسارع لاستنكار هذه التجاوزات، التي لا مكان لها في مجتمعنا والتي لا تثير إلا الفتن والأحقاد، وإلى نبذ مثل هذه العناصر الهدامة التي أساءت إلينا جميعاً، والتي تردد شعارات ومبادئ هي أول من يخرقها وأول من يستخدمها لإرهاب الآخرين، من أجل أهداف ومآرب تتعارض مع كل ما يطلقونه من مبادئ وشعارات. نأمل أن تكون هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلوبنا هي بداية الانطلاقة للوحدة الوطنية ونبذ الخلافات التي من شأنها تهديد سلامة الوطن وأمنه.
فلنقف جميعاً صفاً واحداً، على الحب مجتمعين، وفي وجه الأزمات متحدين، لأن لا شيء مستحيل في بلد عرف أهلها بعمق طيبتهم وكرمهم، كأرضهم، فحب الوطن ليس ادعاء، وإنما تكليف وتضحية من أجل رد الجميل.
وصدق الشاعر الكبير نزار قباني عندما قال:
فهذه بلادنا.. فيها وجدنا منذ فجر العمر فيها لعبنا، وعشقنا، وكتبنا الشعر، مشرشون نحن في خلجانها مثل حشيش البحر.