كان الوفاقي جميل كاظم قد صرح قبل أيام أن «الحوار خيار استراتيجي ولا يتغير بالمتغيرات الطارئة» في إشارة واضحة إلى أن «الوفاق» والجمعيات التي تسير في ركبها تريد مواصلة الحوار، لأنها توصلت أخيراً إلى قناعة بأنه السبيل الوحيد للخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ عامين، وهو موقف «جميل» ومن شأنه أن يكظم غيظ كل من يتخذ من «الوفاق» والجمعيات الأخرى موقفاً، ويشجعه كل عاقل، حيث الجلوس إلى طاولة الحوار من شأنه أن يوصل المجتمعين في نهاية المطاف إلى تسويات يرضون عنها جميعهم، ليسدل من بعدها الستار على هذه الرواية التي لا تستحقها البحرين وأهلها.
لكن تصريح جميل كاظم كان قبل 14 فبراير ومن الواضح أنه لم يتوقع أن تتطور الأحداث فيه إلى الحد الذي صار الجميع يشعر معه أننا عدنا إلى المربع الأول، فما حدث الخميس الماضي نتيجته المنطقية أن الرافضين للحوار سيمارسون ضغطاً غير عادي على «الوفاق» بشكل خاص لتنسحب من الحوار، وقد بدؤوا بالفعل، ما سيضع «الوفاق» في موقف شبيه بالموقف السابق الذي اضطرت معه للانسحاب من مجلس النواب، وفقد مقاعدها كلها. فهل ستستسلم «الوفاق» هذه المرة أيضاً وتستجيب للضغوط، وتتخذ قراراً بالانسحاب من الحوار رغم أنه «خيار استراتيجي لا يتغير بالمتغيرات الطارئة»؟
«الوفاق» اليوم في موقف لا تحسد عليه، تريد أن يكون لها دور في المصالحة الوطنية، وأن يكون لها مساهمة في إخراج البلاد مما صارت فيه بسبب تلك القفزة التي كانت في الهواء، وفي نفس الوقت لا تريد أن ينفض عنها الناس وتضيع هيبتها ومكانتها وتخسر الشارع الذي خسرت أجزاء منه، لصالح ما يسمى بـ «ائتلاف شباب فبراير» الذي صار يتحكم في الشارع ويقوده. موقف صعب تواجهه «الوفاق» اليوم فهي أمام أمرين أحلاهما مر، إن واصلت في خطوتها واستمرت في حضور جلسات الحوار وتأييدها له خسرت شارعها، وإن انسحبت من الحوار ضاعت الثقة التي كسبتها لدى الأطراف الأخرى المشاركة في الحوار رغم محدوديتها. استمرار «الوفاق» في الحوار صعب وانسحابها صعب، لذلك فإنها في مأزق كبير لا يمكنها أن تفلت منه إلا إن تمكنت من إقناع «ائتلاف فبراير» بأهمية استمرارها في الحوار، وأقنعته بأهمية التوقف عن النشاط الميداني، الذي صار يتسم بالعنف، وأدى إلى ما أدى إليه يوم الرابع عشر من فبراير.
لا يمكن للوفاق أن تقف في المنتصف، ولا يمكنها أن تلعب على الحبلين، لا بد أن تحسم، والحسم المنطقي يكون بعدم الاستجابة إلى الضغوط والدعوات لانسحابها من الحوار، وبالإعلان عن هذا القرار وبقوة، ويكون بإقناع «ائتلاف فبراير» بأن استمرار الحراك لا يعني العنف والتخريب والخروج عن السلمية التي ترفعها شعاراً، فليس من السلمية حجز الشوارع وإعاقة العمال والموظفين كي لا يتمكنوا من الوصول إلى أعمالهم واعتبارهم من ثم مشاركين في الإضراب العام، وليس من السلمية تحويل مناطق وشوارع إلى ساحات حرب لا يتوانون فيها عن استخدام كل أدوات «الدفاع المقدس»، والمتمثلة في الحجارة والأسياخ الحديدية وزجاجات المولوتوف الحارقة.
ما حدث الخميس الماضي كان متوقعاً، فمن غير المعقول أن تقف الدولة مكتوفة اليدين، وهي ترى كل الذي رأته في ذلك اليوم من بعد صلاة الفجر وحتى وقت متأخر من الليل، وإلا ضاعت هيبتها كدولة، ومن غير المعقول أن تتأخر الدولة عن دورها المتمثل في حماية الآخرين من مواطنين ومقيمين والإ تكون قد أخلت بواجبها.
ما حدث حدث ولا يمكن تغييره، المهم هو أن تظل «الوفاق» ملتزمة بخيارها الاستراتيجي الذي «لا يتغير بالمتغيرات الطارئة».
{{ article.visit_count }}
لكن تصريح جميل كاظم كان قبل 14 فبراير ومن الواضح أنه لم يتوقع أن تتطور الأحداث فيه إلى الحد الذي صار الجميع يشعر معه أننا عدنا إلى المربع الأول، فما حدث الخميس الماضي نتيجته المنطقية أن الرافضين للحوار سيمارسون ضغطاً غير عادي على «الوفاق» بشكل خاص لتنسحب من الحوار، وقد بدؤوا بالفعل، ما سيضع «الوفاق» في موقف شبيه بالموقف السابق الذي اضطرت معه للانسحاب من مجلس النواب، وفقد مقاعدها كلها. فهل ستستسلم «الوفاق» هذه المرة أيضاً وتستجيب للضغوط، وتتخذ قراراً بالانسحاب من الحوار رغم أنه «خيار استراتيجي لا يتغير بالمتغيرات الطارئة»؟
«الوفاق» اليوم في موقف لا تحسد عليه، تريد أن يكون لها دور في المصالحة الوطنية، وأن يكون لها مساهمة في إخراج البلاد مما صارت فيه بسبب تلك القفزة التي كانت في الهواء، وفي نفس الوقت لا تريد أن ينفض عنها الناس وتضيع هيبتها ومكانتها وتخسر الشارع الذي خسرت أجزاء منه، لصالح ما يسمى بـ «ائتلاف شباب فبراير» الذي صار يتحكم في الشارع ويقوده. موقف صعب تواجهه «الوفاق» اليوم فهي أمام أمرين أحلاهما مر، إن واصلت في خطوتها واستمرت في حضور جلسات الحوار وتأييدها له خسرت شارعها، وإن انسحبت من الحوار ضاعت الثقة التي كسبتها لدى الأطراف الأخرى المشاركة في الحوار رغم محدوديتها. استمرار «الوفاق» في الحوار صعب وانسحابها صعب، لذلك فإنها في مأزق كبير لا يمكنها أن تفلت منه إلا إن تمكنت من إقناع «ائتلاف فبراير» بأهمية استمرارها في الحوار، وأقنعته بأهمية التوقف عن النشاط الميداني، الذي صار يتسم بالعنف، وأدى إلى ما أدى إليه يوم الرابع عشر من فبراير.
لا يمكن للوفاق أن تقف في المنتصف، ولا يمكنها أن تلعب على الحبلين، لا بد أن تحسم، والحسم المنطقي يكون بعدم الاستجابة إلى الضغوط والدعوات لانسحابها من الحوار، وبالإعلان عن هذا القرار وبقوة، ويكون بإقناع «ائتلاف فبراير» بأن استمرار الحراك لا يعني العنف والتخريب والخروج عن السلمية التي ترفعها شعاراً، فليس من السلمية حجز الشوارع وإعاقة العمال والموظفين كي لا يتمكنوا من الوصول إلى أعمالهم واعتبارهم من ثم مشاركين في الإضراب العام، وليس من السلمية تحويل مناطق وشوارع إلى ساحات حرب لا يتوانون فيها عن استخدام كل أدوات «الدفاع المقدس»، والمتمثلة في الحجارة والأسياخ الحديدية وزجاجات المولوتوف الحارقة.
ما حدث الخميس الماضي كان متوقعاً، فمن غير المعقول أن تقف الدولة مكتوفة اليدين، وهي ترى كل الذي رأته في ذلك اليوم من بعد صلاة الفجر وحتى وقت متأخر من الليل، وإلا ضاعت هيبتها كدولة، ومن غير المعقول أن تتأخر الدولة عن دورها المتمثل في حماية الآخرين من مواطنين ومقيمين والإ تكون قد أخلت بواجبها.
ما حدث حدث ولا يمكن تغييره، المهم هو أن تظل «الوفاق» ملتزمة بخيارها الاستراتيجي الذي «لا يتغير بالمتغيرات الطارئة».