تناول المقال السابق «معركة هرمجدون» وقرب موعدها حسب التأويلات التي أفاد بها عدد من القادة الأمريكيين والإنجيليين وكبار الشراح والمراجع والمحللين للكتب المقدسة وغيرها، والذين أبحروا في متاهات سفر الرؤيا، وسفر حزقيال، وسفر دانيال، وسفر زكريا، وعدد من الأسفار فضلاً عن التلمود، كما تحدث عن حتمية الإبادة البشرية على أرض مجدون في أعظم معركة على وجه الكرة الأرضية في تاريخها الطويل إلى قيام الساعة، فيما يركز المقال الذي بين أيديكم على إثبات ما جاء في كون «هرمجدون» معركة نووية حديثة، رغم تناقض النصوص في الأسفار، ومجيئها بعدد من الأوصاف التاريخية التقليدية، وأوصاف خيالية غير مألوفة في آن واحد.
وقد جاء في نووية معركة هرمجدون ما أورده الأنبا «ديستورس» الأسقف العام في بحثه «نظرات في سفر دانيال» عن معركة هرمجدون ما ملخصه: «ذكرت هذه المعركة في سفر الرؤيا وسفر حزقيال بالإصحاحين 38،39، ستكون هذه المعركة هي الحرب الأخيرة، وستقوم فيها كافة نظم الأسلحة الحديثة مثل الصواريخ القصيرة والمتوسطة والطويلة المدى التي تحمل رؤوساً نووية، وقد تستغرق هذه الحرب بضعة ساعات أو أيام، وبعدها سوف يظهر المسيح الكذاب «المسيح الدجال» وغالباً ما سيكون شاباً من علماء تكنولوجيا هندسة الفضاء الحديثة، ويكون مشتركاً في هذه الحروب، وسيقدم أتباعه الذبائح في وقت تدشين الهيكل الجديد، ويكون له رئيس كهنة هو النبي الكذاب التابع له، وهذا بعد وقوع معركة هرمجدون».
هذا، ناهيك عما جاء في إحدى فقرات سفر الرؤيا المخيفة والمحيرة في آن واحد «وسمعت أن جيشهم يبلـــغ مائتي مليون محارب، ورأيت في الرؤيا الخيول وعليها فرسان يلبسون دروعاً بعضها أحمر ناري، وبعضها بنفسجي، وبعضها أصفر كبريتي، وكانت رؤوس الخيل مثل رؤوس الأسود، تلفظ من أفواهها ناراً ودخاناً وكبريتاً». ويستنتج «ليندسي» صاحب كتاب «آخر أعظم كرة أرضية» أن كاتب السفر كان يشير إلى «منصة صواريخ بالستية متنقلة» سيتم نشرها في حرب نووية حرارية مستقبلية «وأخيرة». وهو ما دعاه ودعا «بروس أنيستي» وغيرهما إلى التأكيد على أن المعركة ستكون نووية بناءً على ما ورد في سفر زكريا وسفر الرؤيا.
يتجاهل أغلبنا سفر الرؤيا باعتباره لا يمت لثقافتنا العربية ومرجعياتنا الفكرية وموروثاتنا العقائدية بصلة، ولكن على حساب علمنا، بل بما يعرضها للخطر، فلطالما أعدت أمريكا وإسرائيل العدة منذ سنوات طويلة، وها هما قد بدأتا في دق طبول الحرب، ودندنتا على وتر العراق تحديداً -فضلاً عما حوله- مرات عديدة، باعتبار بابل نقطة الانطلاقة لهرمجدون، كل ذلك سعياً لتدمير الكرة الأرضية من أجل عيون اليهود. وباعتقادي فقد آن الأوان أن نرفع رؤوسنا من الرمال، ونكف عن صنيع النعام، فلطالما استخدم هؤلاء خدعة حصان طروادة في غزونا فكرياً ودينياً وعسكرياً، عبر السيل الجارف من المستشرقين المؤدلجين والبحث العلمي والتطور التكنولوجي وتعلم علومنا، لنقتل بسيوفنا التي لم نعد على مقدرة على شهرها أمام الأعادي، إذ ما لبثنا أن جردناها من مغزاها وحولناها لتحفة تزين بها مجالسنا وتغلف بصورها كتبنا التي لطالما حكت عن مثالب أجداد عظام لم يعد لهم أثراً. ولسوء الحظ، ومن المفارقة أيضاً، أن أولئك العظام لم يخلفوا بعدهم عظيماً ربما.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}