كل استثمار قوي تقف خلفه وأمامه وتحيط به قوانين ونظم اقتصادية قوية وصارمة، كما إن المعيشة الآمنة والمستقرة لا تكون كذلك إلا عبر قوانين تحمي المستهلك وتنصفه من كل غشَّاش وأفَّاك ونصَّاب.
المستهلك العادي ربما لا يفهم في التجارة ولا في الاقتصاد، وبطبيعة الحال فإنه يجهل بأمور تنظيم عمليات المعاملات التجارية وقوانينها، ومن هنا يبرز دور المؤسسة الرسمية لحماية هؤلاء المستهلكين الغافلين، واسترجاع كل حقوقهم من أولئك المنتفعين السرَّاق المتحايلين على القانون.
ليس هذا وحسب؛ بل يجب على الدولة بداية أن تمنع وجود شركات وهمية تعمل على أراضيها وفي سوقها، كما يجب عليها عدم إعطائها رخص عمل في البحرين بحجة أنها ملتزمة بقوانين عالمية وملتزمة بالسوق المفتوحة، من خلال حزمة من الاتفاقات والمعاهدات الدولية، هذا (مب شغلنا).
نحن اليوم نتساءل، وعبر ما عُرف عن البحرين بدقتها عند إعطاء الرخص للشركات العالمية، أصبح الوضع اليوم معاكساً تماماً لما كان عليه بالأمس، حيث إن الكل يعمل في سوقنا، سواء كان برخص أو حتى دون رخص، أفراداً ومؤسسات، بحرينيين وغير بحرينيين، حتى اختلط الحابل بالنابل، ولم نعد نعرف من يعمل وفق الاشتراطات القانونية، ومن يعمل وفق عصابات المافيا وشركات تبييض الأموال وغسيلها!!.
تدخل أنت وزوجتك وعيالك إلى بهو المجمع التجاري وإذا بأشخاص يتحدثون العربية يلاحقونك بكل صلافة ويقولون لك أنت فزت معنا في رحلة إلى القاهرة وإلى أوروبا والمريخ، وما نطلبه منك أن تأتي لتستمع لعروضنا مع المدام، تلتفت وإذا لهم ركن خاص بذلك المجمع التجاري المحترم!!.
حين سألت يومها عن هذه الشركة، أخبرني مجموعة من الأشخاص أن هذه شركة تبيعك أوهاماً، وأنهم وقعوا في فخ أوهامها وخسروا الكثير من المبالغ على (ولا شي).
قبل أيام طرق أحدهم باب منزلي، وإذا به شاب عربي يقول إنه يبيع مكنسة كهربائية تفعل ما يفعله السَّحرة وكل شغالات العالم، ومن سُخرية العرض، سألني مسوَّق المكنسة السحرية؛ هل تعرف وكالة ناسا للأبحاث الفضائية الأمريكية؟ قلت له بالطبع، فقال لي، إن مكنستهم مصنوعة بالتعاون مع وكالة ناسا الفضائية، فقلت له جميل.. لكن هل بإمكانك أن تذهب من هنا؟!!.
دخل هذا الشخص إلى بيت أحد العوائل وأخذ يشرح للزوجة بغياب زوجها مميزات هذه المكنسة، حتى (انصطرتْ) الزوجة بمميزاتها الخارقة، فطلبوا منها مبلغاً أولياً (كعربون)، فأعطتهم 200 دينار، وهو كل مالديها، وحين جاء زوجها وقصتْ عليه القصص عرف أنهم من أولئك المحتالين جداً، فقام واتصل بهم لإلغاء هذه العملية المشبوهة، فقالوا له لا يمكن إرجاء المبلغ، بل من حقنا أن نرفع عليكم شكوى بدفع المبالغ المتبقية للمكنسة وهي 800 دينار بحريني، رغم أنهم لم يستلموها أصلاً. هذا يدل أيضاً أن هذه الشركات تُسند وتُدعم من قبل مكاتب قانونية بحرينية مع الأسف الشديد.
أحد البسطاء خدعته شركة وهمية، حتى أخذت منه كل ما جمعه طيلة حياته، وحين شعر بالخديعة ظل يتصل بالشركة وإذا يجد خط هاتفهم مقطوعاً، وحين ذهب إلى مكتبهم الواقع في شارع المعارض وجده مغلقاً، فأخبره أحدهم أن هذه الشركة ومن فيها رحلوا من حيث أتوا.
مواقف يومية مشابهة تتعرض إليها الأسر البحرينية والأفراد من البحرينيين والمقيمين، كلها تدخل تحت خانة الابتزاز والخداع وبيع الأوهام، بينما الدولة لحد الآن لم تضبط الوضع من الناحية القانونية، ومازال أولئك المخادعون يسرحون ويمرحون في المجمعات وبين البيوت وفي الأحياء السكنية، وفي مكاتب أعدت للنصب والسرقة.
مازالت الزوجة التي نصبت عليها شركة المكنسة الكهربائية الفضائية تطالب بحقها، ومازالت تتساءل؛ كيف دخل هؤلاء البحرين؟ ومن يمولهم؟ وما هو اسم شركتهم؟ ومنْ مِنَ البحرينيين الجشعين يقف خلف هذه العصابات التي تسرقك بكل صلافة وأصحابها يضحكون عليك؟.
البحرينيون اليوم يطالبون بوضع قوانين حازمة لدخول مثل هؤلاء الأفراد من قطاع الطرق ومن الشركات الوهمية التي تملأ الأرجاء إلى داخل البحرين، كما يطالب البحرينيون أن تُكنس مجمعاتنا التجارية وأحياؤنا السكنية من هذه العصابات، والأهم من كل ذلك أننا نطالب بفتح مكاتب قانونية تسترجع كل حق سُرِقَ من كل مواطن، حيث تم سرقته بطريقة تحايلية، ولا يهمنا بعد ذلك أين تقع هذه المكاتب القانونية، وما هي المؤسسات الرسمية التي تتبنى هذا المشروع الحافظ لكرامتنا وأموالنا، وإلا سنظل نشكك في قدرة الدولة على حفظ ممتلكاتنا وأموالنا من قطاع طرق، دخلوا البحرين عن طريق المطار ومعابرنا الرسمية!!.