من المقرر أن يعقد (الثلاثاء) التاسع من أكتوبر في مؤسسة بروكنجز الأمريكية في الدوحة اجتماع لمناقشة الأوضاع في البحرين، هذا الاجتماع الذي يبدو غريباً سيتعرض بالتأكيد إلى ملفات أساسية مثل؛ توصيات بسيوني وجنيف وغيرها من تطورات شهدتها الساحة البحرينية أخيراً، لكنه في الغالب لن يتعرض إلى ملفات إنسانية كالتي يعاني منها العمال الآسيويون الذين صاروا عرضة لهجمات شبه يومية، ما دفع الزميل أنور عبدالرحمن رئيس تحرير صحيفة “أخبار الخليج” إلى إطلاق صرخة استنكار واحتجاج مدوية عبر مقاله الافتتاحي الجمعة الفائتة بغية لفت الأنظار -وأنظار الذين يعتزمون مناقشة الأوضاع في البحرين غداً على وجه الخصوص- إلى ما يعانيه هؤلاء العمال الأبرياء من مشكلات وصلت إلى حد تعريض حياتهم للخطر، حيث تحولوا إلى هدف وصيد سهل.ما يعانيه العمال الآسيويون البسطاء الذين يشتغلون في كل الأعمال والوظائف التي يستنكف العمل فيها اليوم أولئك “الثوريون” وأبناؤهم كثيراً، ذلك أنهم بالفعل صاروا ضحايا قضية لا ناقة لهم فيها ولا جمل. أما الغاية من التعرض لأولئك العمال وتهديد حياتهم فهي دفعهم إلى الخروج من البحرين بغية شل كل مجالات الحياة فيها، فهؤلاء البسطاء يعملون في كل الأعمال حيث من دونهم يتوقف البناء وكثير من الخدمات التي يستفيد منها الجميع.وإذا كان ما تعرض له هؤلاء العمال -الذين لا يملكون غالباً الوسيلة لإيصال صوتهم وشكواهم إلى المنظمات الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان- في التسعينات وما تلاها يعتبر محدوداً رغم قسوته؛ فإن ما يتعرضون له اليوم من اعتداءات ينذر بمستقبل صعب لن يجدوا معه مفراً سوى الهروب والعودة إلى بلدانهم ناشدين الأمان، وإن كان مغموساً بالفقر المدقع الذي كان سبب خروجهم.نحن إذا أمام خطة مكشوفة لها غايات وأهداف واضحة ووسائل وأنشطة معروفة، هذه الخطة أساسها بث الرعب في قلوب هؤلاء البسطاء ودفعهم نحو اتخاذ قرار الهروب وبالتالي ضرب الاقتصاد البحريني وتهيئة الأجواء لانهيار النظام، أما التقويم فمتروك لمن بيده العصا التي تحرك كل هؤلاء ويتخذهم وسيلة لضرب بلادهم وتخريب وطنهم.الآسيويون البسطاء الذين تركوا بلدانهم بحثاً عن لقمة كريمة تكفي عيالهم الذين تركوهم خلفهم هناك وتكفيهم ذل السؤال؛ هم الأدوات التي بها بنيت البحرين، فمن دونهم لا ترتفع عمارات ومبانٍ، ومن دونهم لا تشق طرق وشوارع وتبنى الجسور والأنفاق. هؤلاء هم من لم يجدوا بداً من القبول بالأعمال البسيطة ذات الدخل المحدود ولكن الأكثر صعوبة وخطورة. ما سيحدث لو أنهم خافوا على حياتهم وهربوا أن تتوقف كثير من مناحي الحياة في البحرين، فهذه الأعمال لا يقبل أبناؤنا بها، ويكذب “الثوريون” لو قالوا إنهم قادرون على الانخراط فيها.مشكلة العمال الآسيويين مشكلة إنسانية ينبغي الالتفات إليها وعدم تأجيلها واتخاذ القرارات التي توفر لهم الحماية اللازمة، فهؤلاء اليوم هم عصب الحياة، ومن دونهم يتوقف كل عمران وكل تطور؛ حيث العمران والتطور لا يتحققان عبر الأعمال المكتبية التي يفضلها أبناؤنا جميعاً.أما مسؤولية حماية هؤلاء البسطاء الذين يتعرضون اليوم إلى ظلم فاحش فليست فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، إنها مسؤولية مجتمع البحرين بمؤسساته وأفراده. أما “المعارضة” فعليها بدل الاهتمام بإنكار تورطها في الإساءة إلى هؤلاء العمال أن تبادر بإدانة ذلك السلوك أولاً، ودعوة عناصرها إلى التوقف عن التعرض إليهم بل السعي إلى حمايتهم. أما أولئك الذين سيجتمعون غداً في الدوحة فعليهم أن يضعوا هذا الموضوع الإنساني على رأس جدول أعمالهم، فهو أهم من كثير من غيره من الموضوعات التي يعتمدون في مناقشتها على معلومات غير دقيقة وصلتهم من هنا أو هناك.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90