كثر الحديث عن تعرّض المواطنين والمقيمين لاعتداءات إرهابية متكررة على مدى أكثر من عام ونصف العام، ولكن ندر الحديث عن الاعتداءات الإرهابية المتكررة ضد العمالة الأجنبية رغم أهميتها أيضاً.
بداية لابد من إقرار حقيقة هامة، وهي أن الاعتداء على العمالة الأجنبية لا علاقة له بحقوقهم العمالية كما يحاول البعض خداع الرأي العام المحلي والخارجي بشأنه، وإنما له علاقة مباشرة بحقوقهم الإنسانية كغيرهم من البشر، فهم ليسوا أقل منزلة ومكانة من غيرهم أبداً، ولكن المسألة لها علاقة بانتهاك حقوقهم الإنسانية المكفولة لغيرهم كما هو الحال بالنسبة للمواطنين.
اللافت التجاهل الرسمي الكبير لقضايا الاعتداءات على العمالة الأجنبية، فالموقف الرسمي لا يتجاوز سوى سلسلة إنشائية من التصريحات المتكررة، فضلاً عن بعض اللقاءات التي تدخل ضمن نطاق العلاقات العامة لا أكثر. ولنلاحظ هنا أن المهتم بهذه القضية هي المؤسسات الأمنية فقط، مثل وزارة الداخلية التي تؤمن أن دورها ليس أمنياً فحسب بل يتجاوز ذلك.
هذا هو واقع تعامل وزارة الداخلية مع قضايا الاعتداء على العمالة الأجنبية، ولكن بالمقابل كيف تتعامل دوائر حكومية أخرى مع مثل هذه القضية، ولنأخذ مثالاً وزارة الدولة لشؤون حقوق الإنسان، ماذا فعلت؟
لم نسمع تصريحاً واحداً يدين الاعتداءات المتكررة على العمالة الأجنبية، ولم نسمع أيضاً قيامها بخطوات فعالة على الصعيد الخارجي لتوضيح موقف الحكومة البحرينية من هذه الاعتداءات والإجراءات التي تعتزم تنفيذها خلال الفترة المقبلة لحماية العمالة الأجنبية في البلدان المصدرة لهذه العمالة، فضلاً عن بعض العواصم الكبرى في العالم.
قد يكون مبرر وزارة حقوق الإنسان انشغالها الكبير خلال الفترة الماضية بملف البحرين الحقوقي في جلسات جنيف، ولكن هذه الجلسات انتهت، ولن تعود إلا بعد عامين على الأقل طوعاً أو أربع سنوات إلزاماً.
وكذلك الحال بالنسبة لوزارة التنمية الاجتماعية التي تتولى مسؤولية رعاية منظمات العمالة الوافدة والجاليات والكنائس وبعض المؤسسات الدينية، لم تبد الوزارة موقفاً صارماً إزاء هذه الاعتداءات الإرهابية.
ننتقل لمؤسسة أخرى، وهي وزارة العمل المعنية بتنظيم قطاع العمالة في البلاد، لم تشكل الاعتداءات الإرهابية بالنسبة لها أدنى أهمية، فهي معنية بقانون العمل الجديد ولوائحه التنفيذية والصراع مع النقابيين.
من المتوقع أن يكون عذر المسؤولين في وزارات حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية والعمل أن الحكومة أصدرت موقفها إزاء الاعتداءات الإرهابية على العمالة الأجنبية، وبالتالي جميعها ليست مطالبة بإصدار مواقف منفصلة عن مواقف الحكومة.
أتفق مع هذا الطرح تماماً، ولكن لا أتفق معه نهائياً عندما يكون هذا الالتزام السياسي تهرباً من المسؤولية الملقاة على عاتق هذه المؤسسات الحكومية. فليس مطلوباً هنا مجرد الاكتفاء بإصدار مواقف سياسية يتم التباهي فيها عبر وسائل الإعلام، بل الحاجة تتعدى ذلك إلى ما هو أبعد، إلى لقاءات مع سفراء البلدان المصدرة للعمالة الأجنبية إلى البحرين لتوضيح الموقف، وإيفاد وفود شعبية إلى البلدان المصدرة، ولقاءات إعلامية في الخارج، ونشاط واسع النطاق عبر شبكات التواصل الاجتماعي بلغات عدة، وأيضاً زيارات للمنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالعمل والعمال لبيان الحقائق. كل ذلك لا أعتقد أنه تم أو سيتم، وأبسط مثال أنه لا توجد جهة في البحرين عكفت على توثيق ما تتعرض له العمالة الأجنبية من اعتداءات، هذا مثال بسيط لا أكثر.
إذا تمت المقارنة بين النشاط الرسمي للدفاع عن حقوق العمالة الأجنبية، مقارنة بنشاط المؤسسات المجتمع المدني، فإنه لا مجال للمقارنة هنا ألبتة، فالمؤسسات الرسمية مازالت تتقاذف المسؤوليات والاتهامات، أو تلزم الصمت وتقف حائرة خوفاً من مشكلة أكبر، أو بانتظار قرارات فوقية. في الوقت الذي تنشط فيه مؤسسات المجتمع المدني ليلاً ونهاراً داخل وخارج البلاد توظف قضية حقوق العمالة الأجنبية لصالح أجندتها، فالمنظمات الحقوقية والسياسية المدافعة عن الدولة ستدافع عن حقوقها بحماس مطلوب، في حين تتجه المنظمات الحقوقية التابعة للجماعات الراديكالية إلى توظيف قضية العمالة الأجنبية لصالح أجندتها.
هذا هو واقع قضية العمالة الأجنبية في البحرين، ونخدع أنفسنا إذا نظرنا إلى ضرورة الاكتفاء بالتصريحات، فهي لن تغيّر من واقع الأمر شيئاً!
بداية لابد من إقرار حقيقة هامة، وهي أن الاعتداء على العمالة الأجنبية لا علاقة له بحقوقهم العمالية كما يحاول البعض خداع الرأي العام المحلي والخارجي بشأنه، وإنما له علاقة مباشرة بحقوقهم الإنسانية كغيرهم من البشر، فهم ليسوا أقل منزلة ومكانة من غيرهم أبداً، ولكن المسألة لها علاقة بانتهاك حقوقهم الإنسانية المكفولة لغيرهم كما هو الحال بالنسبة للمواطنين.
اللافت التجاهل الرسمي الكبير لقضايا الاعتداءات على العمالة الأجنبية، فالموقف الرسمي لا يتجاوز سوى سلسلة إنشائية من التصريحات المتكررة، فضلاً عن بعض اللقاءات التي تدخل ضمن نطاق العلاقات العامة لا أكثر. ولنلاحظ هنا أن المهتم بهذه القضية هي المؤسسات الأمنية فقط، مثل وزارة الداخلية التي تؤمن أن دورها ليس أمنياً فحسب بل يتجاوز ذلك.
هذا هو واقع تعامل وزارة الداخلية مع قضايا الاعتداء على العمالة الأجنبية، ولكن بالمقابل كيف تتعامل دوائر حكومية أخرى مع مثل هذه القضية، ولنأخذ مثالاً وزارة الدولة لشؤون حقوق الإنسان، ماذا فعلت؟
لم نسمع تصريحاً واحداً يدين الاعتداءات المتكررة على العمالة الأجنبية، ولم نسمع أيضاً قيامها بخطوات فعالة على الصعيد الخارجي لتوضيح موقف الحكومة البحرينية من هذه الاعتداءات والإجراءات التي تعتزم تنفيذها خلال الفترة المقبلة لحماية العمالة الأجنبية في البلدان المصدرة لهذه العمالة، فضلاً عن بعض العواصم الكبرى في العالم.
قد يكون مبرر وزارة حقوق الإنسان انشغالها الكبير خلال الفترة الماضية بملف البحرين الحقوقي في جلسات جنيف، ولكن هذه الجلسات انتهت، ولن تعود إلا بعد عامين على الأقل طوعاً أو أربع سنوات إلزاماً.
وكذلك الحال بالنسبة لوزارة التنمية الاجتماعية التي تتولى مسؤولية رعاية منظمات العمالة الوافدة والجاليات والكنائس وبعض المؤسسات الدينية، لم تبد الوزارة موقفاً صارماً إزاء هذه الاعتداءات الإرهابية.
ننتقل لمؤسسة أخرى، وهي وزارة العمل المعنية بتنظيم قطاع العمالة في البلاد، لم تشكل الاعتداءات الإرهابية بالنسبة لها أدنى أهمية، فهي معنية بقانون العمل الجديد ولوائحه التنفيذية والصراع مع النقابيين.
من المتوقع أن يكون عذر المسؤولين في وزارات حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية والعمل أن الحكومة أصدرت موقفها إزاء الاعتداءات الإرهابية على العمالة الأجنبية، وبالتالي جميعها ليست مطالبة بإصدار مواقف منفصلة عن مواقف الحكومة.
أتفق مع هذا الطرح تماماً، ولكن لا أتفق معه نهائياً عندما يكون هذا الالتزام السياسي تهرباً من المسؤولية الملقاة على عاتق هذه المؤسسات الحكومية. فليس مطلوباً هنا مجرد الاكتفاء بإصدار مواقف سياسية يتم التباهي فيها عبر وسائل الإعلام، بل الحاجة تتعدى ذلك إلى ما هو أبعد، إلى لقاءات مع سفراء البلدان المصدرة للعمالة الأجنبية إلى البحرين لتوضيح الموقف، وإيفاد وفود شعبية إلى البلدان المصدرة، ولقاءات إعلامية في الخارج، ونشاط واسع النطاق عبر شبكات التواصل الاجتماعي بلغات عدة، وأيضاً زيارات للمنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالعمل والعمال لبيان الحقائق. كل ذلك لا أعتقد أنه تم أو سيتم، وأبسط مثال أنه لا توجد جهة في البحرين عكفت على توثيق ما تتعرض له العمالة الأجنبية من اعتداءات، هذا مثال بسيط لا أكثر.
إذا تمت المقارنة بين النشاط الرسمي للدفاع عن حقوق العمالة الأجنبية، مقارنة بنشاط المؤسسات المجتمع المدني، فإنه لا مجال للمقارنة هنا ألبتة، فالمؤسسات الرسمية مازالت تتقاذف المسؤوليات والاتهامات، أو تلزم الصمت وتقف حائرة خوفاً من مشكلة أكبر، أو بانتظار قرارات فوقية. في الوقت الذي تنشط فيه مؤسسات المجتمع المدني ليلاً ونهاراً داخل وخارج البلاد توظف قضية حقوق العمالة الأجنبية لصالح أجندتها، فالمنظمات الحقوقية والسياسية المدافعة عن الدولة ستدافع عن حقوقها بحماس مطلوب، في حين تتجه المنظمات الحقوقية التابعة للجماعات الراديكالية إلى توظيف قضية العمالة الأجنبية لصالح أجندتها.
هذا هو واقع قضية العمالة الأجنبية في البحرين، ونخدع أنفسنا إذا نظرنا إلى ضرورة الاكتفاء بالتصريحات، فهي لن تغيّر من واقع الأمر شيئاً!