خلال الحرب العالمية الأولى 1914-1918 اشتغل أهل الخليج في تجارة السلاح من مسقط جنوباً إلى الكويت شمالاً، فاشتروه من تاجر السلاح الفرنسي غواغييه “Antoine Goguyer” في مسقط وباعوه للقوات العثمانية المحاصرة في نجد؛ مما دفع بريطانيا لفرض حصار اقتصادي على بعض دول الخليج ومنها الكويت.
كما وثقت المصادر التاريخية أساليب مبتكرة لتهريبهم الذهب للهند خلال الحرب العالمية الثانية 1939-1945، أما خلال الحرب العراقية الإيرانية فقد تحولت موانئ الخليج إلى مخازن ضخمة لبضائع مزدوجة الاستخدام لكلا الطرفين رغم قرارات الحظر والمقاطعة الأممية، كما خرقت أطراف خليجية عدة عبر الخليج والأردن الحظر الذي فرض على نظام صدام بعد حرب تحرير الكويت، حتى قيل من لم يغتنِ عبر منعطفات العقوبات والحصارات والحروب التي مرت على الإقليم فلن يغتني أبداً.
فهل يعود الخليجيون لممارسة ذلك الدور؛ فنكون ثغرة في الحصار المفروض على طهران والذي بدأت تظهر في الأفق نتائجه بانهيار سعر الريال الإيراني للنصف، وبدء تذمر البازار والشارع الإيراني، وهل يبتلع الغرب الطعم الذي تروج له طهران أن تجارة التهريب انخفضت جراء انهيار العملة الإيرانية بينما العكس هو الصحيح؟
في يناير تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عن احتمال تخفيف الضغط على إيران من قبل دول الخليج، لكنها استدركت قائلة “نتوقع من جميع شركائنا الذين يشاطروننا القلق حيال إيران أن يركزوا إلى أقصى حد ممكن ويبذلوا كل ما في وسعهم في حدود المنطق للمساهمة في تطبيق تلك العقوبات”، فهل قرأت كلينتون مأثورنا الشعبي الذي يحض على اقتناص الفرص وعدم التطير من غبار المعارك والأزمات “الرزق بأطراف العجاج”، أم قرأت المقدمة التي استهلينا بها هذا البحث وبينت استفادتنا التاريخية من عجاج الحروب؟
حدود المنطق الذي أشارت له كلنتون سيكون حيز مناورة لجشع البعض وحصان طروادة الذي سيدخل من خلاله الإيرانيون لموانئ الخليج العربي، مسلحين بخليط من المسوغات التي ستجد هوى في نفوس بعض “نسور الأعمال” من كل الجنسيات، والذين تنتشر أعشاشهم في الأبراج التجارية بعواصم الخليج، وأدواتهم فتية إيرانيين على زوارق الفايبرغلاس ومحركات ياماها تنقل للشاطئ الآخر كل شيء، ومن تلك المسوغات التي يروجون لها في وسائل الإعلام ليخلقوا بها ثغرة في الحصار ما يلي:
1- صممت العقوبات على طهران (الحكومة) وليس على إيران (الشعب) لتكون قيداً وليس غرامة تستهدف الاقتصاد الإيراني برمته، فنحن لسنا ضد الشعب الإيراني الجار المسلم.
2- لم تتوقف التصريحات من الغرب وإسرائيل عن احتمال تأخر حصول إيران على القنبلة النووية لعدة سنوات، فلا داعي للتعجل أو للشدة في تطبيق العقوبات.
3- الضرر الواقع على المواطن الإيراني يأتي من خلط إيران للواردات المشروعة وغير المشروعة، ويمكن تمييزها، فالعقوبات وضعت ضد أفراد ومواد للمشروع النووي بأسماء محددة لا يمكن الخلط بينها وبين غيرها.
4- لا تخصيب اليورانيوم لنقاوة 20%، ولا صناعة الصواريخ البالستية ممنوعة دولياً، وكل ما يطلبه المجتمع الدولي هو ضمانات بعدم الجنوح للسلاح النووي، لكن إصرار طهران على المضي قدماً في تخصيب اليورانيوم لـ20% وأكثر سيجعل الغرب يذعن في النهاية.
5- من العبث الانقياد للجهود التي تدفع لمعاداة طهران بناء على حسابات قيام حرب وشيكة، حيث لن تهاجمها أمريكا التي خسرت حرب العراق وتخسر أفغانستان وليست مؤهلة لبدء حرب جديدة، كما لن تهاجمها إسرائيل دون الدعم الأمريكي المفقود حالياً؛ إضافة إلى أن الأزمة المالية تعصف بالاتحاد الأوروبي وهو غير مستعد لحرب جديدة.
6- لن يستطيع الغرب تحمل غياب النفط الإيراني عن السوق النفطية لمدة طويلة وسينهار الحصار، فطهران تستظل من الشمس بمظلة صينية زاهية الألوان وتتقي البرد بمعطف روسي فاخر، فكلا الدولتين تستوردان نفطهما وتحميانها بالفيتو في الأمم المتحدة.
وللحيلولة دون إدخال الفضوليين الجشعين لحصان طروادة من بوابة الخليج، نختتم ما سبق بتقديم توصيات تقليدية لصانع القرار هنا أن يعي حقيقة أن دول الخليج وإسرائيل هما الدعامتان اللتان قام عليهما القلق الغربي حيال الطموح النووي الإيراني. لأن نجاح طهران في فرض نفسها كقوة نووية يعني مصادرة قرار دول الخليج. وفي الوقت نفسه تقويض المركز الاستراتيجي لإسرائيل.
وقد فرض الصهاينة أنفسهم كلاعب رئيس في القضية بناء على عقيدة بيغن 1981 “Begin Doctrine” التي تحرم على دول المنطقة امتلاك سلاح دمار شامل ولو باستخدام القوة العسكرية لوقفه، مما يجعلنا نتساءل كيف تم استبعادنا من مجموعة 5+1 وقنابل طهران في خاصرتنا! وكيف لا يكون هناك ولو للجنة فرعية بيننا وبين المفاوض الغربي تنسق الجهد الخليجي والدولي في هذا المنحى كاللجنة العربية الدولية لسوريا! وكيف يطلب منا مقاطعة طهران وهي سوق لتجارة إعادة التصدير الخليجية دون تعويضات! إن الانعزال الخليجي والسلبية تجاه هذا الموضوع لدرجة تسمية ما يجري مماحكات طهران والأمم المتحدة، وكأن الأمر لا يعنينا، هو ما سيسهل أن نكون ثغرة في العقوبات التي صممت في جزء كبير منها للحيلولة دون خضوعنا لذل هيمنة طهران. وسيكون مفارقة مؤلمة أن نشهد قريباً قراراً من الأمم المتحدة بإدانة دول مجلس التعاون لخرقها العقوبات الدولية على طهران لإنقاذ الريال الإيراني!
كما وثقت المصادر التاريخية أساليب مبتكرة لتهريبهم الذهب للهند خلال الحرب العالمية الثانية 1939-1945، أما خلال الحرب العراقية الإيرانية فقد تحولت موانئ الخليج إلى مخازن ضخمة لبضائع مزدوجة الاستخدام لكلا الطرفين رغم قرارات الحظر والمقاطعة الأممية، كما خرقت أطراف خليجية عدة عبر الخليج والأردن الحظر الذي فرض على نظام صدام بعد حرب تحرير الكويت، حتى قيل من لم يغتنِ عبر منعطفات العقوبات والحصارات والحروب التي مرت على الإقليم فلن يغتني أبداً.
فهل يعود الخليجيون لممارسة ذلك الدور؛ فنكون ثغرة في الحصار المفروض على طهران والذي بدأت تظهر في الأفق نتائجه بانهيار سعر الريال الإيراني للنصف، وبدء تذمر البازار والشارع الإيراني، وهل يبتلع الغرب الطعم الذي تروج له طهران أن تجارة التهريب انخفضت جراء انهيار العملة الإيرانية بينما العكس هو الصحيح؟
في يناير تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عن احتمال تخفيف الضغط على إيران من قبل دول الخليج، لكنها استدركت قائلة “نتوقع من جميع شركائنا الذين يشاطروننا القلق حيال إيران أن يركزوا إلى أقصى حد ممكن ويبذلوا كل ما في وسعهم في حدود المنطق للمساهمة في تطبيق تلك العقوبات”، فهل قرأت كلينتون مأثورنا الشعبي الذي يحض على اقتناص الفرص وعدم التطير من غبار المعارك والأزمات “الرزق بأطراف العجاج”، أم قرأت المقدمة التي استهلينا بها هذا البحث وبينت استفادتنا التاريخية من عجاج الحروب؟
حدود المنطق الذي أشارت له كلنتون سيكون حيز مناورة لجشع البعض وحصان طروادة الذي سيدخل من خلاله الإيرانيون لموانئ الخليج العربي، مسلحين بخليط من المسوغات التي ستجد هوى في نفوس بعض “نسور الأعمال” من كل الجنسيات، والذين تنتشر أعشاشهم في الأبراج التجارية بعواصم الخليج، وأدواتهم فتية إيرانيين على زوارق الفايبرغلاس ومحركات ياماها تنقل للشاطئ الآخر كل شيء، ومن تلك المسوغات التي يروجون لها في وسائل الإعلام ليخلقوا بها ثغرة في الحصار ما يلي:
1- صممت العقوبات على طهران (الحكومة) وليس على إيران (الشعب) لتكون قيداً وليس غرامة تستهدف الاقتصاد الإيراني برمته، فنحن لسنا ضد الشعب الإيراني الجار المسلم.
2- لم تتوقف التصريحات من الغرب وإسرائيل عن احتمال تأخر حصول إيران على القنبلة النووية لعدة سنوات، فلا داعي للتعجل أو للشدة في تطبيق العقوبات.
3- الضرر الواقع على المواطن الإيراني يأتي من خلط إيران للواردات المشروعة وغير المشروعة، ويمكن تمييزها، فالعقوبات وضعت ضد أفراد ومواد للمشروع النووي بأسماء محددة لا يمكن الخلط بينها وبين غيرها.
4- لا تخصيب اليورانيوم لنقاوة 20%، ولا صناعة الصواريخ البالستية ممنوعة دولياً، وكل ما يطلبه المجتمع الدولي هو ضمانات بعدم الجنوح للسلاح النووي، لكن إصرار طهران على المضي قدماً في تخصيب اليورانيوم لـ20% وأكثر سيجعل الغرب يذعن في النهاية.
5- من العبث الانقياد للجهود التي تدفع لمعاداة طهران بناء على حسابات قيام حرب وشيكة، حيث لن تهاجمها أمريكا التي خسرت حرب العراق وتخسر أفغانستان وليست مؤهلة لبدء حرب جديدة، كما لن تهاجمها إسرائيل دون الدعم الأمريكي المفقود حالياً؛ إضافة إلى أن الأزمة المالية تعصف بالاتحاد الأوروبي وهو غير مستعد لحرب جديدة.
6- لن يستطيع الغرب تحمل غياب النفط الإيراني عن السوق النفطية لمدة طويلة وسينهار الحصار، فطهران تستظل من الشمس بمظلة صينية زاهية الألوان وتتقي البرد بمعطف روسي فاخر، فكلا الدولتين تستوردان نفطهما وتحميانها بالفيتو في الأمم المتحدة.
وللحيلولة دون إدخال الفضوليين الجشعين لحصان طروادة من بوابة الخليج، نختتم ما سبق بتقديم توصيات تقليدية لصانع القرار هنا أن يعي حقيقة أن دول الخليج وإسرائيل هما الدعامتان اللتان قام عليهما القلق الغربي حيال الطموح النووي الإيراني. لأن نجاح طهران في فرض نفسها كقوة نووية يعني مصادرة قرار دول الخليج. وفي الوقت نفسه تقويض المركز الاستراتيجي لإسرائيل.
وقد فرض الصهاينة أنفسهم كلاعب رئيس في القضية بناء على عقيدة بيغن 1981 “Begin Doctrine” التي تحرم على دول المنطقة امتلاك سلاح دمار شامل ولو باستخدام القوة العسكرية لوقفه، مما يجعلنا نتساءل كيف تم استبعادنا من مجموعة 5+1 وقنابل طهران في خاصرتنا! وكيف لا يكون هناك ولو للجنة فرعية بيننا وبين المفاوض الغربي تنسق الجهد الخليجي والدولي في هذا المنحى كاللجنة العربية الدولية لسوريا! وكيف يطلب منا مقاطعة طهران وهي سوق لتجارة إعادة التصدير الخليجية دون تعويضات! إن الانعزال الخليجي والسلبية تجاه هذا الموضوع لدرجة تسمية ما يجري مماحكات طهران والأمم المتحدة، وكأن الأمر لا يعنينا، هو ما سيسهل أن نكون ثغرة في العقوبات التي صممت في جزء كبير منها للحيلولة دون خضوعنا لذل هيمنة طهران. وسيكون مفارقة مؤلمة أن نشهد قريباً قراراً من الأمم المتحدة بإدانة دول مجلس التعاون لخرقها العقوبات الدولية على طهران لإنقاذ الريال الإيراني!