لن يستقيم وضع بلد ما دون أن يكون هناك مبدأ الثواب والعقاب، المحاسبة والمكافأة، لكن يبدو أن المسؤول لدينا يكافئ نفسه بنفسه من خلال عدم وجود محاسبة، وبالتالي يستشري الفساد وتضيع أموال الوطن، ومن ثم يقال للناس «ما في فلوس»!
توجد أموال في البحرين للمسارح، للحفلات، توجد أموال في وزارات لمشاريع لا تنفذ، لكن لا توجد أموال للمتقاعدين أو لمعيشة الناس أو للرواتب، هنا تتعثر الميزانية، هنا يصبح العجز هو الجرس، بينما كل هذا المال المهدر جراء الفساد لا يرهق الميزانية ولا يسبب عجزاً، وكل ما ينفق على شركة طيران أيضاً لا يسبب عجزاً، هذه المفارقة مؤلمة جداً للمواطن.
نقول للمواطن اربط الحزام، ونقول للسارق تحتاج عملية «شفط» لإزالة الترهلات من المال..!
هذا متعب جداً، متعب لنا جميعاً أن نقرأ كل أبواب تقرير ديوان الرقابة، وكل هذا الفساد الموثق من قبل ديوان أمر بتأسيسه جلالة الملك حفظه الله، لكن التقرير يصبح مثل الديون المعدومة لدى البنوك لا يمكن تحصيلها، والفساد لدينا لا يمكن أن يحاسب عليه أحد أو يحال للنيابة أحد.
بالله عليكم كيف تستقيم بلد تردد مقولات الديمقراطية كل يوم والمفسد لا يحاسب؟
كلما قرأت تصريحات النواب عن تقرير الرقابة المالية أقول في نفسي كان غيركم أشطر، وكان المجلس الذي هو أقوى من هذا المجلس أشطر، فقد جاء إلى هذا المجلس بعد انسحاب الوفاق، نواب لا أعرف ماذا أقول عنهم سوى (إذا بليتم فاستتروا)..!
لن يفعل مجلس النواب حيال التقرير أي شيء سوف تذكرون كلامنا، فمستشارو الحكومة أذكى بكثير من «نواب الغفلة» فقد أُحيل مشروع قانون الميزانية مباشرة بعد صدور التقرير، وهذا يعني أن الحكومة تجعل النواب «يلفون» حول أنفسهم!
بالتأكيد ستكون الميزانية أهم من تقرير ديوان الرقابة، وسيدخل النواب في «حيص بيص»، وسوف ينسون تقرير الرقابة المالية كما هو حال من سبقهم.
ربما يبقى هناك بصيص أمل ضعيف جداً، إذا ما كانت اللائحة الداخلية تسمح بجلسة استثنائية لمناقشة تقرير الرقابة المالية مثلاً كل خميس، لكن هذا لا أعتقد أن السادة النواب يستطيعون فعله.
وفي اعتقادي أن السادة النواب لن ينجحوا في الاثنين، لن ينجحوا في مشروع الميزانية ودهاليز الميزانية، ولن ينجحوا في محاسبة أو مناقشة تقرير ديوان الرقابة المالية، وهذا يعني أن لدينا مجلس النواب يشبه الحليب منزوع الدسم، «لا يهش ولا ينش»، فمع احترامي للنواب القدامى، إلا أن بعض النواب الجدد مأساة حقيقية، بين عنتر، وبين آخرين لا تعرف ماذا يقولون..!
مأساة الفساد قديمة، ومأساة الإرهاب أيضاً، ومع كل أسف أشعر أن الدولة فشلت في الحرب ضد الاثنين، إذا سلمنا أن هناك حرباً أصلاً ضد الإرهاب والفساد.

^^ رذاذ
^ أبشروا يا جماعة قريباً سترون استراتيجية جديدة للثروة السمكية كما أعلنت وزارة البلديات، والأسعار ستكون بخير و»الهامور بصير بدينارين، الأمور طيبة وايد بس صبروا شوي.. كل شي تبونه بسرعة، ما دري أشفيكم يا أهل البحرين.. صبروا شوي عشر سنوات»..!!
^ جاء تقرير ديوان الرقابة المالية على طبق من ذهب لمن يريد ضرب البحرين، وأصبحت لديهم وثيقة جديدة توثق الفساد، لذلك نقول للدولة، أصلحوا حالكم من أنفسكم وحاسبوا من يتجاوز، وأوقفوا الفساد حتى لا يتشفى أحد ولا يفرح ويقول إن الدولة دولة فساد..!!