بدأت قصة جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات العربية المتحدة خصوصاً وفي الخليج العربي عموماً متأثرة بالتحولات التي شهدها العالم العربي آنذاك، فقد كانت القاهرة مركزاً لتحولات كبرى بعـــــد ثـــــورة 23 يوليـــــو عـــــــام 1952، وكنتيجة للثقافة التي تقدس الدين وتتعاطف مع كل من يُضطهد في سبيله، وعلى وقع قصـــص التعذيــــــــب في معتقـــــــلات (طرة) و(السجن الحربي) في الحقبة الناصرية؛ وجد الهاربون في المجتمعات الخليجية القبلية ذات التدين الفطري ملجأ لوضع حجر الأساس وبيئة خصبة لمخطط (الجماعة).
وكان المقام قد استقر بمجموعة منهم في السعودية وقطر، لكن وجودهم في الإمارات العربية كان متأخراً بعض الشيء؛ إذ يعود للعام 1962 عندما أسست قطر مقراً للبعثة التعليمية في دبي بقيادة قطبين من أهم أقطاب الإخوان المسلمين وهما الشيخ عبدالبديع صقر والشيخ يوسف القرضاوي، وخلال سنوات قصيرة وتحديداً بعد العام 1971 عادت أولى بواكير البعثة القطرية ممثلة في مجموعة من الطلاب الذين تخرجوا من البعثة أو أرسلوا للدراسة في الدوحة متشبعين بفكر الجماعة، وكانوا في تلك المرحلة العناصر الأساسية التي اعتمدت عليها الدولة في بناء هياكلها الأساسية، خصوصاً في قطاع التعليم. من أروقة التربية والتعليم سارت خطة (أخونة) الدولة في الإمارات؛ حيث المناهج المفصلة بطريقة أيدلوجية ضيقة تحيد الدولة وهويتها وتغيب الانتماء لها والإيمان بها، مقابل تكريس مفاهيم الجماعة وفكرها، وهو ما أثر على أجيال بقيت معزولة عن التطور التعليمي بشكل لا يتكافأ مع ماتطمح إليه دولة بظروف دولة الإمارات، والتي لم تكن في معزل من الأحداث الكبرى التي عصفت بالمنطقة من التدخل الروسي في أفغانسـتــــــان في العـــــام 1970 وماتــــلاه من عقــود من طغيان فكــر الجهـاد انطلاقاً من أفغانستان والبوسنة والهرسك والشيشان، وليس انتهاء بالعراق وباكستان، وعمليات متفرقة في أنحاء من العالم لم ترتبط قضايا الفكر الديني بشكل عملي واضح بالإمارات العربية المتحدة علناً إلا في حادثتين مركزيتين أولاهما؛ عندما ذكر اسم زياد الجراح مقترناً بالإمارات في حادثة تفجير برجي التجارة العالميين في العام 2002، والثانية؛ عندما تم اغتيال محمود المبحوح ممثل الجناح العسكري لحماس المحسوبة على الأخوان ورحل تاركاً منظومة من الأسئلة منها؛ لماذا الإمارات؟ ومن كان سيلتقي به هناك؟ وهل ثمة أرضية مؤهلة للنشاط الحركي؟
كل هذه الأسئلة كانت مهمة للغاية خصوصاً أن العلاقات لم تبدُ على خير ما يرام، وتعالت إشارات بينة للتوتر كانت درجته تزيد وتنقص بين الإمارات والإخوان، منها على سبيل الذكر منع القرضاوي من دخول أراضيها في العام 2002، ثم تصريحات موسى أبو مرزوق التي شكك فيها بقضية احتلال الجزر الإماراتية الثلاث في العام 2008، وبينهما سلسلة من الأحداث الداخلية التي كانت تفاصيلها تشي بمشهد مختلف عن الهدوء الظاهري.
.. وللحدث بقية