في عرف الوفاق وأتباعها وفي عرف كارهي البحرين الساعين لقلب نظام حكمها، فإن الموت والقتل إن طال من يقف في الصف المقابل لهم هو قتل “حلال” ولا ينبغي حتى إدانته بكلمة واحدة، بينما القيامة تقوم لو سقط أحد ممن يحرضونهم ويدفعونهم للموت.
بالأمس قتل اثنان آسيويان وجرح ثالث في تفجيرات إرهابية، وهو حدث ليس بجلل على الوفاق يستدعي أن تتحرك أو تدين أو أن تطالب بمعاقبة القتلة الجناة، بل في المقابل الاستهتار واضح تماماً بدم هؤلاء، والاستهانة سرعان ما بدأت عبر جمهور الوفاق لاتهام الدولة بأنها وراء كل ذلك، والتشفي بمن أزهقت أرواحهم.
لا تعجبوا من ردود فعلهم ولا تنقهروا، أليس هم من حرقوا عدداً من الآسيويين وهم أحياء في مطعم بسترة خلال أزمة التسعينات؟!
أليس هم من استهانوا بعملية دهس الشرطي بالسيارة، ووصلوا للقول بأنها دمية وليس إنساناً بلحمه ودمه تعرض للسحق حتى الموت؟!
بل هم الذين أنكروا بأن الأطباء قاموا بدور حراس السجون حينما أقتيد الآسيويون إلى المستشفى مكبلين وتم احتجازهم فيه والاعتداء عليهم.
بل لا تنسوا بأن الوفاق هي التي تستخدم بعض التوصيفات بحق رجال الأمن، وتستهين بما يطالهم من أعمال إرهابية ولا تتوقف عندها رغم أنها تدعي كذباً “السلمية”، كل ذلك لأن بعضهم ليسوا من ذوي أصول بحرينية. نقول أقلها ولاؤهم لهذا البلد الذي أكلوا من خيره، وليس ولاء لجهات أجنبية.
لكن حتى المسألة الأخيرة لا تهم، فالوفاق وجمهورها لا يرف لهم جفن لو تم الاعتداء على مواطن بحريني إن كان يقف منهم موقف الضد. أنسيتم الشيخ السبعيني المعمري، أنسيتم الطفلة البريئة بنت العباسي، هل ذكرتهما الوفاق أو أدانت الاعتداء عليهما أو ما أدى إلى موتهما؟! لا طبعاً، لأنهما ليسا على نفس المذهب، ولأنهما -وهو الأهم- ليسا في خندق الانقلاب على البحرين.
من سيحاول الآن استدرار استنكار من الوفاق بشأن العمل الإرهابي الأخير وما سبقه من أعمال فهو كمن يسعى لإدخال “الجمل في سم الخياط”، فما يحصل في البحرين اليوم من قتل لمواطنين أو شرطة أو آسيويين كلها أمور “تفرح” الوفاق وتسعد من يريد استمرار البلد على صفيح ساخن.
أنسيتم أن فتوى “اسحقوهم” من مرجع الوفاق عيسى قاسم لا تعني إلا القتل الصريح، وهل يفضي “السحق” إلى شيء آخر غير الموت؟!
في عرفهم فإن قتل كل من يقف ضدهم هو “حلال”، وإن كان المقتول ليس ذا أصل بحريني، وإن كان المقتول آسيوياً، فإن دمه ضائع ولا أسف عليه. أليسوا هم الذين مثلوا بقيادتنا وصنعوا المجسمات وشنقوها في الدوار، بالتالي ثقافة القتل متأصلة فيهم ومقبولة لديهم.
خطاب الوفاق العنصري التمييزي الذي تستخدمه في الداخل البحريني لا “تجرؤ” على استخدامه في بريطانيا مثلاً، وعلي سلمان وأتباعه ممن كانوا في كنف سعيد الشهابي في مدينة الضباب يعرفون ذلك بالضبط، إذ من يجرؤ في بريطانيا أن يصف حامل جنسية بريطانية بأنه “مجنس” أو “غير أصلي”؟! وعليه حينما يذهب الجماعة لبريطانيا يقومون بتنقيح خطابهم من هذه التوصيفات، ويحرصون أشد الحرص على ألا تصدر منهم لفظة تدل على العنصرية والتمييز، لأنهم يعرفون تماماً رد فعل البريطانيين تجاه ذلك.
في بريطانيا احتفل مئات الآلاف بفوز البريطاني الصومالي الأصل محمد فرح بذهبية سباق الخمسة آلاف متر في الأولمبياد وحولوه لبطل قومي رغم أنه لم يولد في بلدهم ورغم أنه متحصل حديثاً على الجنسية، لكن في البحرين “أولاد بطن البلد” تصفهم الوفاق بأقذع الأوصاف وتتهمهم في وطنيتهم وولائهم وتعتبرهم “مرتزقة”.
والله “المرتزق” الذي يبيع تراب وطنه برخص التراب ويخرج ليصرخ في قنوات دولة كانت ومازالت وستظل طامعة في بلدهم.
الإرهاب وصل لمستوى لا يجب السكوت عليه، الدولة عليها أن تتحرك بقوة للضرب بيد من حديد وأن تحاسب كل إرهابي وقاتل وأن توقف كل محرض عند حده، ما يحصل لدينا ليست حرية تعبير ولا ديمقراطية ولا شيء، ما يحصل لدينا انفلات إرهابي وصل للتطاول على أمن الناس من مواطنين ومقيمين، مسألة لا يمكن السكوت عنها في أي دولة مهما كانت ظروفها ومهما كانت الضغوط عليها.
المولى عز وجل حرم قتل النفس، لكن الوفاق وأتباعها ومرجعها يحللون “السحق” ويسعدون بموت البشر، بل حينما تكون الضحية من العمالة الأجنبية، فإن دمها في عداد النسيان.
خذي الحق يا دولة، يكفي هذا التخاذل، السكوت لا يعني إلا القبول المسبق بما سيفعله المخلصون من أبناء هذا الوطن حينما يجدون أن أذرع الإرهاب تطالهم وأن من يفترض أن يكون حامياً عن البلد وعنهم هو من يحتاج نفسه إلى حماية.
^ اتجاه معاكس..
المعارضة الإيرانية نشرت تقريراً مؤخراً يشير إلى قيام النظام الإيراني بإعدام 24 معارضاً خلال عشرة أيام فقط!
طبعاً المعارضون في البحرين تصلهم هذه المعلومات لكنهم “صم بكم عمي”، إذ من يجرؤ منهم -وهم الصادحون بدفاعهم عن حقوق الإنسان- أن يدين إجرام النظام الإيراني وانتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان؟!
أليست المعارضة الإيرانية “معارضة” يا وفاق، تعمل لأجل تحرير الشعب من ظلم نظام خلال ربع قرن قتل أكثر من 20 ألف شخص في سجونه؟! فما بال ألسنتكم يصيبها “الخرس” تجاه جرائم “حبيبة قلوبكم”، مثلما ثقل لسان علي سلمان عن نطق كلمة “العربي” في توصيفه للخليج العربي، ومثلما “تلعثم” المرزوق ولم يجب على سؤال فيصل القاسم حينما سأله إن كان يؤمن بـ«الولي الفقيه”. الوفاق سقطت عنها كل أوراق التوت، لكن المشكلة في من يفترض بهم تطبيق القانون، حينما يحاول بعضهم تجميع أوراق التوت ليعيد “ستر” الوفاق، وليقنع الناس بأنه مازال هناك أمل في الحوار مع خناجر وبائعي وطن وموالين للخارج.