تفاعلاً مع سلسلة المقالات التي نشرت الأسبوع الماضي حول «الدعوة إلى الديمقراطية التوافقية بين الطوائف» تحت عنوان: «حتى لا تكون الطائفية قدرنا»، وصلني عدد من التعقيبات والملاحظات القيمة.
رد من الأخ الصديق الكاتب حسن عبدالله المدني بعنوان :«آخر الدواء.. ديمقراطية الطوائف»، ملخصه «كم صدعوا رؤوسنا بكلام منمق وجميل عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والملكية الدستورية والبرلمان كامل الصلاحيات، وظهروا علينا في كل وسائل إعلام الدنيا ووسائل التواصل الاجتماعي، وكنا نستمع إليهم بإنصات، وكان بودنا أن نصدقهم لولا أننا لا نستطيع أن نكذب أنفسنا ونخدعها لنصدقهم في المقابل. وكم مثلوا علينا دور المعلم والموجه والمرشد والواعظ ومارسوا علينا كل فنون (الأستاذية).. جادلونا كثيراً في أن المطالب المرفوعة هي مطالب وطنية وليست طائفية؛ قالوا إنها لم تتجسد في أي مطلب طائفي كبناء مأتم (وهذا هو المثل الذي أشبعوه ضرباً). لكني أقول إن هذا المطلب ليس طائفياً، بل هو مطلب مشروع ويندرج تحت حرية العبادة والاعتقاد، طمأنونا أن لا شيء طائفياً في الحركة، ودعوا الجميع إلى الانضمام لها ونصرتها، قالوا لنا هو حراك مطلبي وبشرونا بنعيم مقيم إن تحققت المطالب. لكنهم وعلى طول الخط افترضوا فينا الغباء والسذاجة وقلة الفهم وإمكانية الانقياد والانصياع لهم ولما يخططون إن لم يكن بالإقناع فتحت (ضربات الثوار وتهديداتهم)، وفي المقابل اعتقدوا في أنفسهم الذكاء و(الفهلوة) الكافية لخداعنا، وتمنوا أن نغمض أعيننا عن كل الهيكلية الطائفية للحزب ومرجعيته الداعية للعنف والقتل علناً، بل ومرجعية مرجعيته، وتمنوا كذلك أن نسكت على الأقل عن ممارساته الطائفية وسلوكه العنيف وغير العصري، وتمنوا ومازالوا أن نقول لهم (أنتم تفصلون ونحن نلبس)، وما دروا أن ذلك زمان ولى، يحسبون أنهم يستطيعون خداعنا وما يخدعون إلا أنفسهم و«محازبيهم».
والآن وبعد انتظار طويل وجهد جهيد لم يستطيعوا إقناع الطائفة التي ينتمون لها؛ فما بالك بالطائفة الأخرى؟ وما الذي جعلهم اليوم يسفرون عن وجه حسبوا أنه مخفي عن الناس؟ فهل يئسوا من كلام الديمقراطية والحق العام فأعلنوها صراحة (ديمقراطية الطوائف)؟ وهل هذا ما يريدوننا أن نصل إليه بعد أن استهلكته مجتمعات أخرى وذاقت ويلاته وهي اليوم تريد التخلص منه مثل لبنان؟ بئس ما يدعوننا إليه»!!
أخي كمال لقد أجدت في توصيف المشكلة التي تتمثل في «استثمار قوة سياسية طائفية منظمة وممولة جيداً وضعاً سياسياً معقداً تمر به البلاد لتحل نفسها محل الوطن، فتتحدث باسم الشعب كله، ولكن عندما تبين لها استحالة أن يكون الشعب برمته انبرت تعلن عن استعدادها لبناء ما تسميه الديمقراطية التوافقية الطائفية لتلغي الوطن بما فيه ومن فيه»، ولكن أضيف على ذلك أن «الوضع السياسي المعقد الذي تمر به البلاد» لم تستثمره القوى الطائفية فحسب، بل ساهمت في صنعه قبل ذلك ثم حاولت استثماره وهي تؤججه كل حين». أخوك حسن المدني ولا أجد ما أضيفه إلى تفاعل الأخ الصديق حسن المدني وما تضمنه من توصيف صادق ومخلص لهذه الإشكالية التي أوصلتنا في لحظة إلى الدعوة الصريحة إلى الطائفية، والتي لا يمكن تزيين بشاعتها بالصبغة الديمقراطية، فقط هنالك ملاحظة لا بد من قولها صراحة، وهي أن اللعبة قد انكشفت خيوطها وآلية اشتغالها، ولم يعد هنالك مجال للتورية والهروب من مواجهة حقيقة أن هنالك من ينشد الاستيلاء على السلطة بأي طريقة، بالسياسة وبالعنف والمحاصصة إن تطلب الأمر ذلك.
^ همس..
تعرف الدولة أنها المؤسسة السياسية والاجتماعية المنبثقة من المجتمع والتي تملك وحدها الحق في ممارسة القوة واستخدام القسر وباسم القانون لحماية الأمن المجتمعي، ولها صفة التميز عن غيرها من المؤسسات السياسية والاجتماعية بـ «الاعتراف المجتمعي لها بحق استخدام القوة وطلب الطاعة من المواطنين.. الدولة»، لكن الدولة يمثلها على الأرض بالأعوان العموميين وعلى رأسهم رجال الأمن، لذلك فإن الاعتداء على رجل الأمن يتجاوز شخصه إلى شخص الدولة المعنوي، ضرب أو قتل رجل الأمن هو قمة تحدي الدولة والاستهتار بها وبقوتها وبشرعيتها.
{{ article.visit_count }}
رد من الأخ الصديق الكاتب حسن عبدالله المدني بعنوان :«آخر الدواء.. ديمقراطية الطوائف»، ملخصه «كم صدعوا رؤوسنا بكلام منمق وجميل عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والملكية الدستورية والبرلمان كامل الصلاحيات، وظهروا علينا في كل وسائل إعلام الدنيا ووسائل التواصل الاجتماعي، وكنا نستمع إليهم بإنصات، وكان بودنا أن نصدقهم لولا أننا لا نستطيع أن نكذب أنفسنا ونخدعها لنصدقهم في المقابل. وكم مثلوا علينا دور المعلم والموجه والمرشد والواعظ ومارسوا علينا كل فنون (الأستاذية).. جادلونا كثيراً في أن المطالب المرفوعة هي مطالب وطنية وليست طائفية؛ قالوا إنها لم تتجسد في أي مطلب طائفي كبناء مأتم (وهذا هو المثل الذي أشبعوه ضرباً). لكني أقول إن هذا المطلب ليس طائفياً، بل هو مطلب مشروع ويندرج تحت حرية العبادة والاعتقاد، طمأنونا أن لا شيء طائفياً في الحركة، ودعوا الجميع إلى الانضمام لها ونصرتها، قالوا لنا هو حراك مطلبي وبشرونا بنعيم مقيم إن تحققت المطالب. لكنهم وعلى طول الخط افترضوا فينا الغباء والسذاجة وقلة الفهم وإمكانية الانقياد والانصياع لهم ولما يخططون إن لم يكن بالإقناع فتحت (ضربات الثوار وتهديداتهم)، وفي المقابل اعتقدوا في أنفسهم الذكاء و(الفهلوة) الكافية لخداعنا، وتمنوا أن نغمض أعيننا عن كل الهيكلية الطائفية للحزب ومرجعيته الداعية للعنف والقتل علناً، بل ومرجعية مرجعيته، وتمنوا كذلك أن نسكت على الأقل عن ممارساته الطائفية وسلوكه العنيف وغير العصري، وتمنوا ومازالوا أن نقول لهم (أنتم تفصلون ونحن نلبس)، وما دروا أن ذلك زمان ولى، يحسبون أنهم يستطيعون خداعنا وما يخدعون إلا أنفسهم و«محازبيهم».
والآن وبعد انتظار طويل وجهد جهيد لم يستطيعوا إقناع الطائفة التي ينتمون لها؛ فما بالك بالطائفة الأخرى؟ وما الذي جعلهم اليوم يسفرون عن وجه حسبوا أنه مخفي عن الناس؟ فهل يئسوا من كلام الديمقراطية والحق العام فأعلنوها صراحة (ديمقراطية الطوائف)؟ وهل هذا ما يريدوننا أن نصل إليه بعد أن استهلكته مجتمعات أخرى وذاقت ويلاته وهي اليوم تريد التخلص منه مثل لبنان؟ بئس ما يدعوننا إليه»!!
أخي كمال لقد أجدت في توصيف المشكلة التي تتمثل في «استثمار قوة سياسية طائفية منظمة وممولة جيداً وضعاً سياسياً معقداً تمر به البلاد لتحل نفسها محل الوطن، فتتحدث باسم الشعب كله، ولكن عندما تبين لها استحالة أن يكون الشعب برمته انبرت تعلن عن استعدادها لبناء ما تسميه الديمقراطية التوافقية الطائفية لتلغي الوطن بما فيه ومن فيه»، ولكن أضيف على ذلك أن «الوضع السياسي المعقد الذي تمر به البلاد» لم تستثمره القوى الطائفية فحسب، بل ساهمت في صنعه قبل ذلك ثم حاولت استثماره وهي تؤججه كل حين». أخوك حسن المدني ولا أجد ما أضيفه إلى تفاعل الأخ الصديق حسن المدني وما تضمنه من توصيف صادق ومخلص لهذه الإشكالية التي أوصلتنا في لحظة إلى الدعوة الصريحة إلى الطائفية، والتي لا يمكن تزيين بشاعتها بالصبغة الديمقراطية، فقط هنالك ملاحظة لا بد من قولها صراحة، وهي أن اللعبة قد انكشفت خيوطها وآلية اشتغالها، ولم يعد هنالك مجال للتورية والهروب من مواجهة حقيقة أن هنالك من ينشد الاستيلاء على السلطة بأي طريقة، بالسياسة وبالعنف والمحاصصة إن تطلب الأمر ذلك.
^ همس..
تعرف الدولة أنها المؤسسة السياسية والاجتماعية المنبثقة من المجتمع والتي تملك وحدها الحق في ممارسة القوة واستخدام القسر وباسم القانون لحماية الأمن المجتمعي، ولها صفة التميز عن غيرها من المؤسسات السياسية والاجتماعية بـ «الاعتراف المجتمعي لها بحق استخدام القوة وطلب الطاعة من المواطنين.. الدولة»، لكن الدولة يمثلها على الأرض بالأعوان العموميين وعلى رأسهم رجال الأمن، لذلك فإن الاعتداء على رجل الأمن يتجاوز شخصه إلى شخص الدولة المعنوي، ضرب أو قتل رجل الأمن هو قمة تحدي الدولة والاستهتار بها وبقوتها وبشرعيتها.