اليوم هو العاشر من المحرم، يوم الحسين بن علي، اليوم الذي ضرب فيه سبط الرسول عليه الصلاة والسلام أروع الأمثلة في الدفاع عن الإسلام وأسس نهج الحرية والعزة والكرامة. وكعادة أهل البحرين في كل عام يحيون هذه الذكرى ويعبِّرون عن حزنهم على الحسين وما جرى عليه وعلى أهله الذين اصطحبهم معه إلى كربلاء، ففي البحرين يخرج المعزون في مواكب عزاء تجوب طرقات المنامة ومدناً وقرى أخرى في ظل اهتمام لافت من الحكومة التي تشارك في ذلك الاحتفال الديني بتسخير كل إمكاناتها ليتمكن المعزون من الوفاء بالتزامهم تجاه هذه الذكرى الأليمة.
العزاء في هذا العام لا يختلف عن العزاء في السنوات السابقة؛ فالمعنيون جميعاً يقدمون كل ما يستطيعون من جهود وأموال ويدفعون نحو إنجاح هذه المناسبة، لكن هذا العام يبدو أنه وللأسف الشديد ليس كغيره من الأعوام، ففي هذا اليوم تحديداً وبسبب ما احتواه العام الهجري الماضي من توترات غريبة على البحرين وأهلها يتوقع الناس حدوث ما يعكر الصفو، والجميع يدعو أن يمر يوم العاشر على خير.
ما حدث في الأيام التسعة الأولى من شهر المحرم ما كان ينبغي أن يحدث أبداً، وكان ينبغي على الجميع الالتزام بالهدوء وترحيل كل الخلافات والاختلافات إلى الثلث التالي من الشهر، فما ينبغي أن يعلمه الجميع هو أن «عشرة عاشور» ليست خاصة بالأطراف «المتصارعة» ولكنها للجميع، فهناك من لا علاقة له بما يدور في الساحة السياسية من مشكلات تشكل هذه المناسبة بالنسبة له الكثير ويهمه ألا تتغير عليه الأحوال، كما إن ذكرى استشهاد الحسين لا تخص الشيعة فقط فالحسين للجميع، شيعة وسُنة، عرباً وعجماً، ولكل الملل.
مسألة أخرى أرى أهمية الإشارة إليها هنا هي أنه ينبغي مراعاة أمرين في آن واحد؛ العادات والتقاليد الموروثة في ما يخص مواكب العزاء ومحتوياتها، والتعديلات التي ينبغي أن تطال بعض فقرات العزاء كي تكون أقرب إلى المعاصرة، وبلغة المثقفين ينبغي إيجاد نوع من التوازن بين الأصالة والمعاصرة، فالعادات والتقاليد جانب مهم والمحافظة عليها واجب لكن اعتبارها خطاً لا يمكن تجاوزه يعني الجمود الذي لا يتناسب مع تطور الإنسان.. البحريني بشكل خاص.
شخصياً أؤمن بالحريات؛ لذا أرى أن من حق كل مشارك في عزاء الحسين أن يعبِّر بالطريقة التي يجد نفسه فيها ويشعر معها بالارتياح وإن كان ما يقوم به لا يريح الآخرين، فأنا ومعي كثيرون ضد أن يقدم أحد على إيذاء نفسه بالضرب بالسيف على رأسه، لكننا معه طالما أن هذا متاح وطالما أنه يمارسه بقناعته ومستفيداً من التشريعات وجو الحريات. لكن هذا لا يعني التوقف عن الدعوة إلى إدخال شيء من التغيير في فقرات العزاء في يوم العاشر والأيام السابقة له يستوجبه التطور ويفرضه العلم. بمعنى آخر هناك بعض الممارسات التي لم تعد تتناسب مع شعب متعلم يعيش في عصر مليء بالتكنولوجيا والعلم، من ذلك على سبيل المثال خروج النساء في يوم العاشر بما صار يعرف بـ»ركضة طويريج» كونه لا يتناسب مع المرأة في مجتمع لايزال ينظر إليها نظرة قاصرة، وكذلك «الحيدر» الذي أوجد له بعض رجال الدين المتنورين بدائل تمثلت في التبرع بالدم ليستفيد منه المحتاجون إليه.
أما الأهم من كل هذا فهو أن لا يستقبل المعنيون هذا الكلام وأمثاله بحساسية تبعدهم عن النظر إلى الأمور بموضوعية، فقد يكون تعطيل بعض الممارسات واعتماد أخرى تتماشى مع شعب متعلم وعصري، كشعب البحرين، سبباً لتخفيف التوتر في مثل هذه المناسبات التي هي للجميع دون استثناء.
{{ article.visit_count }}
العزاء في هذا العام لا يختلف عن العزاء في السنوات السابقة؛ فالمعنيون جميعاً يقدمون كل ما يستطيعون من جهود وأموال ويدفعون نحو إنجاح هذه المناسبة، لكن هذا العام يبدو أنه وللأسف الشديد ليس كغيره من الأعوام، ففي هذا اليوم تحديداً وبسبب ما احتواه العام الهجري الماضي من توترات غريبة على البحرين وأهلها يتوقع الناس حدوث ما يعكر الصفو، والجميع يدعو أن يمر يوم العاشر على خير.
ما حدث في الأيام التسعة الأولى من شهر المحرم ما كان ينبغي أن يحدث أبداً، وكان ينبغي على الجميع الالتزام بالهدوء وترحيل كل الخلافات والاختلافات إلى الثلث التالي من الشهر، فما ينبغي أن يعلمه الجميع هو أن «عشرة عاشور» ليست خاصة بالأطراف «المتصارعة» ولكنها للجميع، فهناك من لا علاقة له بما يدور في الساحة السياسية من مشكلات تشكل هذه المناسبة بالنسبة له الكثير ويهمه ألا تتغير عليه الأحوال، كما إن ذكرى استشهاد الحسين لا تخص الشيعة فقط فالحسين للجميع، شيعة وسُنة، عرباً وعجماً، ولكل الملل.
مسألة أخرى أرى أهمية الإشارة إليها هنا هي أنه ينبغي مراعاة أمرين في آن واحد؛ العادات والتقاليد الموروثة في ما يخص مواكب العزاء ومحتوياتها، والتعديلات التي ينبغي أن تطال بعض فقرات العزاء كي تكون أقرب إلى المعاصرة، وبلغة المثقفين ينبغي إيجاد نوع من التوازن بين الأصالة والمعاصرة، فالعادات والتقاليد جانب مهم والمحافظة عليها واجب لكن اعتبارها خطاً لا يمكن تجاوزه يعني الجمود الذي لا يتناسب مع تطور الإنسان.. البحريني بشكل خاص.
شخصياً أؤمن بالحريات؛ لذا أرى أن من حق كل مشارك في عزاء الحسين أن يعبِّر بالطريقة التي يجد نفسه فيها ويشعر معها بالارتياح وإن كان ما يقوم به لا يريح الآخرين، فأنا ومعي كثيرون ضد أن يقدم أحد على إيذاء نفسه بالضرب بالسيف على رأسه، لكننا معه طالما أن هذا متاح وطالما أنه يمارسه بقناعته ومستفيداً من التشريعات وجو الحريات. لكن هذا لا يعني التوقف عن الدعوة إلى إدخال شيء من التغيير في فقرات العزاء في يوم العاشر والأيام السابقة له يستوجبه التطور ويفرضه العلم. بمعنى آخر هناك بعض الممارسات التي لم تعد تتناسب مع شعب متعلم يعيش في عصر مليء بالتكنولوجيا والعلم، من ذلك على سبيل المثال خروج النساء في يوم العاشر بما صار يعرف بـ»ركضة طويريج» كونه لا يتناسب مع المرأة في مجتمع لايزال ينظر إليها نظرة قاصرة، وكذلك «الحيدر» الذي أوجد له بعض رجال الدين المتنورين بدائل تمثلت في التبرع بالدم ليستفيد منه المحتاجون إليه.
أما الأهم من كل هذا فهو أن لا يستقبل المعنيون هذا الكلام وأمثاله بحساسية تبعدهم عن النظر إلى الأمور بموضوعية، فقد يكون تعطيل بعض الممارسات واعتماد أخرى تتماشى مع شعب متعلم وعصري، كشعب البحرين، سبباً لتخفيف التوتر في مثل هذه المناسبات التي هي للجميع دون استثناء.