مع اقتراب موعد الحوار، يتجدد الجدل القائم بين البحرينيين بين مؤيد ومعارض للوضع السياسي الراهن، وهو ما يعكس الصراع غير المحسوم ليس لدى السواد الأعظم من الشعب البحريني، وإنما من قبل مجموعة محدودة من مكونات المجتمع المحلي.
الصراع الذي نتحدث عنه هنا، هو صراع بين خيارين لا ثالث لهما حالياً على الأقل، فالخيار الأول هو التمسك بالمشروع الإصلاحي الذي طرحه جلالة الملك في 2001، وتوافق عليه شعب البحرين بالغالبية الساحقة المشابهة للإجماع. أما الخيار الثاني فهو مشروع ولاية الفقيه، والخيار هنا طبعاً متاح للتحول إلى نظام تتراوح هويته بين النظام الثيوقراطي الإيراني وبين النظام العراقي الذي تهيمن عليه المؤسسة الدينية الشيعية.
هذان هما المشروعان اللذان يتصارع عليهما البحرينيون منذ نحو أكثر من عقد زمني على الأقل. وحتى نكون أكثر دقة فأطراف الصراع ليست واسعة، وإنما هي كبيرة بين طرف مؤيد للمشروع الإصلاحي لعاهل البلاد، وبين قلة محدودة مؤيدة لمشروع ولاية الفقيه في البحرين.
هذا الطرح قد يكون نظرياً، ولكنه واقعي، ويساعد على تفسير ما شهدته البحرين من فعاليات عادية، إلى حالات صراع دموي كما حدث في 2011، فكل ما تمر به البلاد هو نتيجة للصراع بين الطرفين، وإن اختلفت مظاهره.
والإشكالية الأهم هنا أن هذا الصراع لم يحسم حتى الآن، وحتى خلال الاستحقاق الشعبي على ميثاق العمل الوطني، لم تساعد كثيراً في حسم الصراع، رغم تجديد الشرعية السياسية والدستورية التي اكتسبها النظام في هذا التوافق الشعبي الذي ساعد على تحويل الدولة البحرينية إلى مملكة دستورية حسب رغبة البحرينيين.
باستمرار تظهر دعوات من قبل الجماعات الراديكالية التي تقودها الوفاق وتتبعها مجموعة من الجمعيات السياسية، وتتباين هذه الدعوات بين المطالبة بجمهورية إسلامية، والمطالبة بملكية دستورية، والمطالبة بما يسمى بـ «الإصلاح الحقيقي»، و»الحوار ذي مغزى»، وطرد العائلة المالكة، وتصفية.. إلخ. هي بلا شك مطالب كثيرة، ولكنها تدخل في نطاق واحد الخلاف حول مشروع البحرين، فهم يرون أن مشروع ولاية الفقيه هو الأفضل، والأكثر نفعاً لهم على مستوى المصالح، وبالتالي يرفضون قبول المشروع الإصلاحي وإن توافق عليه السواد الأعظم من البحرينيين.
مهما كانت السيناريوهات المحتملة لاستكمال المحور السياسي ضمن حوار التوافق الوطني، فإن الجماعات الراديكالية لن تقبل أبداً بالمشروع الإصلاحي في سبيل التضحية بمشروع ولاية الفقيه. وهذه الحقيقة تدفعنا للتفكير جدياً؛ هل الحوار هو الحل؟ أو هناك حلول ذكية أخرى؟ وهل سيكون الحل سريعاً وقصير المدى؟ أم أنه حل يتطلب معالجة طويلة المدى زمنياً؟