لا شك في أن الكذب من مساوئ الاخلاق إن لم يكن أشدها سوءاً، ومن الملاحظ أن ظاهرة تفشي الكذب بين الأبناء أخذت تكبر وتتسع بشكل ينذر بالخطر، ومن المعروف أن المولود يولد على الفطرة فالأصل أن الطفل لا يولد كذاباً بالفطرة، اذا ينبغي أولاً أن نعرف ما الذي يدفع الأبناء للكذب؟
أولى هذه الأسباب: محاكات الأهل، حين يرى الطفل والديه يقولان غير الحقيقة فإنه يتعلم الكذب عملياً، فماذا نريد من طفل إذا طرق الباب طارق قال أبوه قل غير موجود!!، فلابد من تحري الوالدين للصدق خصوصاً أمام الأطفال كي لا يكتسبوا هذا الخلق السيء.
اما الثاني فهو عدم شعور الطفل بالامان، وشعوره بالخوف من الوالدين، ومن كثرة العقوبة أو شدتها، فإذا أردنا لأبنائنا أن يكونوا صادقين فلابد من شعورهم بالأمان والحنان وعدم الخوف من الضرب أو العقوبة.
وأما ثالث الأسباب فهو سعة خيال الطفل: فبعض الأطفال يكون خياله واسعاً فيخلط بين الحديث عن الواقع وحديث الخيال، وهذا مما سببته الرسوم المتحركة الخيالية، فلابد لنا من من تهذيب الطفل مبكراً، حتى يستطيع الفصل بين الحقيقة والخيال، وأن لا يطلق العنان لخياله في الحوادث الواقعية.
وأما رابع الأسباب فهو إذا كذب الطفل ولم يقل الحقيقة سامحناه، وإذا صدق واعترف بما ارتكب عاقبناه، فينغرس في نفس الطفل أن الكذب منجاة وأن الصدق هلاك، والأصل ان النجاة لا تكون إلا بالصدق، ومن وسائل تنمية الصدق عند الأطفال قراءة ومشاهدة القصص والحكايات عن الصدق وفضله، مع ربط هذا بآيات الكتاب والأحاديث بصورة مبسطة على قدر إدراك الأطفال، كما إن اختيار الرفقة الصالحة تعين على تعلم الصدق.