لو سألت الذين دعوا إلى الإضراب العام يوم الخميس الماضي الموافق الرابع عشر من فبراير والذين تحمسوا له عما إذا نجح أم فشل لقالوا بكل بساطة إنه «نجح بنسبة لا تقل عن 90%»، ولو وجهت السؤال نفسه إلى الفريق المضاد لهؤلاء لقال ببساطة إنه «فشل بنسبة لا تقل عن 90%»، أما الحقيقة فهي أن الفريقين صادقان، والسبب هو أن كلاً منهما ينظر إلى الموضوع من زاوية معينة، ويعتمد معايير خاصة به، لذا اعتبر هؤلاء الإضراب ناجحاً، واعتبره أولئك فاشلاً، هؤلاء اعتبروا إرباك حياة المواطنين والمقيمين وإزعاج السلطة في ذلك اليوم نجاحاً، وأولئك اعتبروا إرباك حياة المواطنين والمقيمين في ذلك اليوم فشلاً للإضراب، وهكذا بالنسبة للأمور الأخرى. وبالتأكيد لو أجلست الطرفين على مقعدين متقابلين وأعطيتهما ما يشاءان من وقت لأصر كل طرف على رأيه، وأتى بما يعتقده حججاً دامغة.
الذين دعوا للإضراب أرادوا شل البلاد، وتوصيل رسالة إلى السلطة مفادها أنهم قادرون على تعطيل كل مناحي الحياة، والذين اتخذوا من تلك الدعوة موقفاً أرادوا توصيل رسالة للداعين إلى الإضراب مفادها أن هذا الأمر غير ممكن، وأنه لا قدرة لكم على شل البلاد، وإن تسببتم في إرباك الحياة في بعض المناطق في ذلك اليوم. هؤلاء ضغطوا كي لا ينتظم التعليم والعمل في ذلك اليوم، وتتعطل الأسواق، وأولئك حرصوا على إرسال أبنائهم إلى المدارس وتوجهوا إلى أعمالهم. هؤلاء استفادوا من الإعلام ووسائله، وأولئك سعوا إلى الاستفادة من الإعلام ووسائله. هؤلاء اجتهدوا كي يطمسوا الذكرى الأساس في هذا اليوم، وهي ذكرى ميثاق العمل الوطني، وأولئك أصروا على الاحتفال به باعتباره ذكرى وطنية تعبر عن انتقال البحرين من مرحلة إلى مرحلة أريد لها أن تكون خيراً للجميع.
في كل الأحوال، كان يوم الخميس الماضي قاسياً على البحرين ولا تستحقه، ذلك أن المسألة لم تنحصر في محاولة الإضراب، ولكنها تطورت إلى الحد الذي سقط فيه ضحايا، قتلى وجرحى، وزادت الفجوة بين أبناء هذا الوطن الذي ظل على مدى التاريخ يستوعب الجميع.
ما كان يجب أن يحدث كل ذلك الذي حدث، وكان على الجمعيات السياسية المتمثلة في «الوفاق» والأخرى المتحالفة معها ألا تسند دعوة «ائتلاف شباب فبراير»، وكان عليها أن تطلب من أعضائها ومناصريها عدم الانجرار وراء مثل هذه الدعوات، في وقت يكاد فيه الفرقاء التوصل إلى حل يرضي الجميع، بعدما انفتح باب الحوار الذي دعا إليه عاهل البلاد، وقررت المشاركة فيه، فالإضراب أمر يختلف عن الاعتصام والمسيرات والمظاهرات، وهو يكون سيئاً عندما يحاول منفذوه إرغام الآخرين على المشاركة فيه، وهو ما حدث للأسف في ذلك اليوم حيث تم إغلاق العديد من الطرق والشوارع، كي لا يتمكن الناس من الوصول إلى مقار أعمالهم، كما تم تخويفهم كي لا يرسلوا أبناءهم إلى المدارس، بل وصلوا إلى حد تخويف المسافرين عبر المطار، وتخويف شركات الطيران أملاً في تعطيل حركة السفر.
من حق أي فئة من المواطنين أن تعبر عن كل ما تريد التعبير عنه بما تشاء من طرق ووسائل، يؤكدها الدستور وينظمها القانون، ومن حق أين شخص أن يقول ما يشاء عن أحوال البلد، لكن التعبير سواء بالقول أو بالعمل ينبغي أن يراعي أمرين أساسين، الأول هو الحرص على عدم تضرر الآخرين وعدم تعطيل حياتهم أو إرباكها، والثاني هو الحرص على عدم الإساءة للوطن الذي هو للجميع. للأسف الشديد ما نتج عن بعض صور التعبير في ذلك اليوم أساء للوطن وللمواطنين، وهو ما يجعل المراقب يتردد في القول إن الإضراب قد نجح.
{{ article.visit_count }}
الذين دعوا للإضراب أرادوا شل البلاد، وتوصيل رسالة إلى السلطة مفادها أنهم قادرون على تعطيل كل مناحي الحياة، والذين اتخذوا من تلك الدعوة موقفاً أرادوا توصيل رسالة للداعين إلى الإضراب مفادها أن هذا الأمر غير ممكن، وأنه لا قدرة لكم على شل البلاد، وإن تسببتم في إرباك الحياة في بعض المناطق في ذلك اليوم. هؤلاء ضغطوا كي لا ينتظم التعليم والعمل في ذلك اليوم، وتتعطل الأسواق، وأولئك حرصوا على إرسال أبنائهم إلى المدارس وتوجهوا إلى أعمالهم. هؤلاء استفادوا من الإعلام ووسائله، وأولئك سعوا إلى الاستفادة من الإعلام ووسائله. هؤلاء اجتهدوا كي يطمسوا الذكرى الأساس في هذا اليوم، وهي ذكرى ميثاق العمل الوطني، وأولئك أصروا على الاحتفال به باعتباره ذكرى وطنية تعبر عن انتقال البحرين من مرحلة إلى مرحلة أريد لها أن تكون خيراً للجميع.
في كل الأحوال، كان يوم الخميس الماضي قاسياً على البحرين ولا تستحقه، ذلك أن المسألة لم تنحصر في محاولة الإضراب، ولكنها تطورت إلى الحد الذي سقط فيه ضحايا، قتلى وجرحى، وزادت الفجوة بين أبناء هذا الوطن الذي ظل على مدى التاريخ يستوعب الجميع.
ما كان يجب أن يحدث كل ذلك الذي حدث، وكان على الجمعيات السياسية المتمثلة في «الوفاق» والأخرى المتحالفة معها ألا تسند دعوة «ائتلاف شباب فبراير»، وكان عليها أن تطلب من أعضائها ومناصريها عدم الانجرار وراء مثل هذه الدعوات، في وقت يكاد فيه الفرقاء التوصل إلى حل يرضي الجميع، بعدما انفتح باب الحوار الذي دعا إليه عاهل البلاد، وقررت المشاركة فيه، فالإضراب أمر يختلف عن الاعتصام والمسيرات والمظاهرات، وهو يكون سيئاً عندما يحاول منفذوه إرغام الآخرين على المشاركة فيه، وهو ما حدث للأسف في ذلك اليوم حيث تم إغلاق العديد من الطرق والشوارع، كي لا يتمكن الناس من الوصول إلى مقار أعمالهم، كما تم تخويفهم كي لا يرسلوا أبناءهم إلى المدارس، بل وصلوا إلى حد تخويف المسافرين عبر المطار، وتخويف شركات الطيران أملاً في تعطيل حركة السفر.
من حق أي فئة من المواطنين أن تعبر عن كل ما تريد التعبير عنه بما تشاء من طرق ووسائل، يؤكدها الدستور وينظمها القانون، ومن حق أين شخص أن يقول ما يشاء عن أحوال البلد، لكن التعبير سواء بالقول أو بالعمل ينبغي أن يراعي أمرين أساسين، الأول هو الحرص على عدم تضرر الآخرين وعدم تعطيل حياتهم أو إرباكها، والثاني هو الحرص على عدم الإساءة للوطن الذي هو للجميع. للأسف الشديد ما نتج عن بعض صور التعبير في ذلك اليوم أساء للوطن وللمواطنين، وهو ما يجعل المراقب يتردد في القول إن الإضراب قد نجح.