راهنت البحرين كثيراً عندما توافقت مكوناتها على التحول الديمقراطي في ميثاق العمل الوطني، وكان ذلك الخيار خياراً استراتيجياً لأن الدولة بكافة مكوناتها اتفقت على الإصلاح السياسي من الداخل.
هناك من رفض هذا الخيار الاستراتيجي، ورفض التعديلات الدستورية الأولى في 2002 رغم أنه وافق على الميثاق الذي يخول جلالة الملك إجراء التعديلات الدستورية. لاحقاً ظهرت المطالب بتعديل الديمقراطية البحرينية لتكون مملكة دستورية على غرار الممالك الأوروبية خلال الفترة من 2002 ـ 2006، ثم أتيحت الفرصة لهؤلاء بتعديل الدستور من غلافه إلى غلافه الأخير عندما دخلوا البرلمان في 2006، ولكنهم لم يطرحوا أي تعديل!
هؤلاء أنفسهم هم الذين تحولوا إلى جماعات سياسية راديكالية قادت محاولة الانقلاب وإسقاط النظام والعنف الطائفي الذي شهدته البلاد في مطلع العام 2011. وفي خضم تلك الأحداث يظهر أحد الفقهاء الدستوريين الأمريكان «شبلي ملاط» برؤيته لدستور البحرين الجديد، وكان يعتزم حينها زيارة البلاد تزامناً مع سقوط النظام المرتقب آنذاك.
بعد إعلان حالة السلامة الوطنية في الربع الثاني من العام 2011 طرقت الجماعات الراديكالية أبواب الكويت وقطر باعتبارهما دول بارزة ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي من أجل الوساطة للمصالحة مع الحكومة دون جدوى، إذ رفضت الكويت والدوحة مثل هذه الوساطات باعتبارها شؤون داخلية خاصة بالمنامة.
مع ذلك استمرت الجماعات الراديكالية بتشكيل وفودها التي طافت واشنطن، ولندن، وباريس، وغيرها من العواصم، وآخرها كانت موسكو دون جدوى أيضاً. وطوال هذا الوقت كانت الجماعات الراديكالية لا تكترث بأية تدخلات إيرانية في الشؤون البحرينية، إذ تجردت من هويتها العربية، وصارت التصريحات الإيرانية ضد البحرين مثار دعم وتأييد سواءً كان معلناً أم غير معلن من هذه الجماعات نفسها.
أخيراً عندما شاركت في استكمال حوار التوافق الوطني طالبت بضمانات دولية، وكأن الضمانات الدستورية الموجودة في الدولة غير كافية بالنسبة لها. واليوم تتداول وثيقة تتضمن رؤية سياسية جديدة، واللافت في الورقة أنها مترجمة، فاللغة العربية لكوادر ومنتسبي الجماعات الراديكالية جيدة، ولديهم القدرة على كتابة الوثائق السياسية، ولكنها هذه المرة مترجمة، ومن الواضح سبب ومصدر الترجمة باعتبار الوثيقة تم تدوينها في بلد آخر لا ينطق بالعربية.
لنلاحظ هنا التسلسل الزمني: المطالبة بمملكة دستورية على غرار الديمقراطيات الأوروبية، واستقطاب فقيه دستوري أمريكي لكتابة دستور البحرين الجديد، والمطالبة بوساطات خليجية، ثم المطالبة بتدخلات أجنبية في الشؤون البحرينية، والدعم والتأييد الضمني للتصريحات الإيرانية، وطرح وثائق مترجمة.
هذا التسلسل يعكس حجم الرغبة والهوس لدى الجماعات الراديكالية للاستقواء بالخارج، والرغبة في الحصول على دعم إقليمي أو دولي لتحقيق الأجندة السياسية. وهو ما يدفعنا للتساؤل بشأن ما هي خيارات البحرينيين: هل الإصلاح من الداخل أم من الخارج؟
التحليل يدفعنا إلى القول إن السواد الأعظم من مكونات الشعب على إيمان تام ويقين بأن الإصلاح يجب أن يكون داخلياً محلي الهوية، ويتلاقى مع خصوصية مجتمع البحرين، ويعكس رغبة البحرينيين ورؤيتهم في النظام السياسي الذي يجب أن يحكمهم، وهي مسألة محسومة بالنسبة لهم عندما أعلنوا رأيهم صراحة في الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني. وفي الوقت نفسه هناك فئة محدودة العدد، راديكالية النشاط لا تؤمن بأن يكون الإصلاح السياسي في البحرين من الداخل، بل ترى أنه يجب أن يكون من الخارج دائماً، وهذه هي الحقيقة.
هناك من رفض هذا الخيار الاستراتيجي، ورفض التعديلات الدستورية الأولى في 2002 رغم أنه وافق على الميثاق الذي يخول جلالة الملك إجراء التعديلات الدستورية. لاحقاً ظهرت المطالب بتعديل الديمقراطية البحرينية لتكون مملكة دستورية على غرار الممالك الأوروبية خلال الفترة من 2002 ـ 2006، ثم أتيحت الفرصة لهؤلاء بتعديل الدستور من غلافه إلى غلافه الأخير عندما دخلوا البرلمان في 2006، ولكنهم لم يطرحوا أي تعديل!
هؤلاء أنفسهم هم الذين تحولوا إلى جماعات سياسية راديكالية قادت محاولة الانقلاب وإسقاط النظام والعنف الطائفي الذي شهدته البلاد في مطلع العام 2011. وفي خضم تلك الأحداث يظهر أحد الفقهاء الدستوريين الأمريكان «شبلي ملاط» برؤيته لدستور البحرين الجديد، وكان يعتزم حينها زيارة البلاد تزامناً مع سقوط النظام المرتقب آنذاك.
بعد إعلان حالة السلامة الوطنية في الربع الثاني من العام 2011 طرقت الجماعات الراديكالية أبواب الكويت وقطر باعتبارهما دول بارزة ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي من أجل الوساطة للمصالحة مع الحكومة دون جدوى، إذ رفضت الكويت والدوحة مثل هذه الوساطات باعتبارها شؤون داخلية خاصة بالمنامة.
مع ذلك استمرت الجماعات الراديكالية بتشكيل وفودها التي طافت واشنطن، ولندن، وباريس، وغيرها من العواصم، وآخرها كانت موسكو دون جدوى أيضاً. وطوال هذا الوقت كانت الجماعات الراديكالية لا تكترث بأية تدخلات إيرانية في الشؤون البحرينية، إذ تجردت من هويتها العربية، وصارت التصريحات الإيرانية ضد البحرين مثار دعم وتأييد سواءً كان معلناً أم غير معلن من هذه الجماعات نفسها.
أخيراً عندما شاركت في استكمال حوار التوافق الوطني طالبت بضمانات دولية، وكأن الضمانات الدستورية الموجودة في الدولة غير كافية بالنسبة لها. واليوم تتداول وثيقة تتضمن رؤية سياسية جديدة، واللافت في الورقة أنها مترجمة، فاللغة العربية لكوادر ومنتسبي الجماعات الراديكالية جيدة، ولديهم القدرة على كتابة الوثائق السياسية، ولكنها هذه المرة مترجمة، ومن الواضح سبب ومصدر الترجمة باعتبار الوثيقة تم تدوينها في بلد آخر لا ينطق بالعربية.
لنلاحظ هنا التسلسل الزمني: المطالبة بمملكة دستورية على غرار الديمقراطيات الأوروبية، واستقطاب فقيه دستوري أمريكي لكتابة دستور البحرين الجديد، والمطالبة بوساطات خليجية، ثم المطالبة بتدخلات أجنبية في الشؤون البحرينية، والدعم والتأييد الضمني للتصريحات الإيرانية، وطرح وثائق مترجمة.
هذا التسلسل يعكس حجم الرغبة والهوس لدى الجماعات الراديكالية للاستقواء بالخارج، والرغبة في الحصول على دعم إقليمي أو دولي لتحقيق الأجندة السياسية. وهو ما يدفعنا للتساؤل بشأن ما هي خيارات البحرينيين: هل الإصلاح من الداخل أم من الخارج؟
التحليل يدفعنا إلى القول إن السواد الأعظم من مكونات الشعب على إيمان تام ويقين بأن الإصلاح يجب أن يكون داخلياً محلي الهوية، ويتلاقى مع خصوصية مجتمع البحرين، ويعكس رغبة البحرينيين ورؤيتهم في النظام السياسي الذي يجب أن يحكمهم، وهي مسألة محسومة بالنسبة لهم عندما أعلنوا رأيهم صراحة في الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني. وفي الوقت نفسه هناك فئة محدودة العدد، راديكالية النشاط لا تؤمن بأن يكون الإصلاح السياسي في البحرين من الداخل، بل ترى أنه يجب أن يكون من الخارج دائماً، وهذه هي الحقيقة.