بدأت الحياة الاجتماعية في البحرين تعود إلى مسارها الطبيعي، وها هم الناس أخذوا يلتقون فيما بينهم بصورة تلقائية، وها هو البحريني اليوم بدأ يعود لطبيعته الخيرة، ورغم قوة الهزَّة التي تعرض لها مجتمعنا على صعيد التلاقي والتآلف والمودة، فإن البحرينيين بدؤوا يتخطون هذه المرحلة الصعبة بسلام آمنين، رغم ما خلفته الأزمة من ندوب، ستزول مع الوقت.
نحن لا نجزم هنا بأن الوضع المجتمعي وعلاقات الأفراد والطوائف في البحرين، بدأت تعود إلى مكانها الحقيقي بنسبة 100%، لكن هناك تغيّراً ملحوظاً بأن الأزمة التي شهدتها البحرين، لا تستحق منا جميعاً أن نسحق كياناتنا وتاريخنا وكل الحب الذي تكوَّن عبر عقود من الزمن في لحظة سياسية غبية.
تتحدث اليوم مع بعضهم وبعد عامين من المشكلة التي ضربت الوطن، تجد أن الكل متفق على أننا أضعنا عمرنا وربما علاقاتنا الاجتماعية في أمور لم تكن تستحق كل ذلك، لأن النهاية نتائجها معروفة سلفاً، وهو أن السياسيين وبعض المتسلقين، هم من سينالون النصيب الأكبر من الكعكة، فعلام التباغض والتناحر والترويج لثقافة الكراهية؟
حين ينسحب العقلاء من معركة المجتمع، وحين يتراجع ويبتعد الحكماء عن حروب تصفية الحسابات الطائفية والمذهبية، سيظل المجانين يتقاتلون فيما بينهم، سواء على الأرض أو حتى في «تويتر».
إن المجتمع البحريني كبقية المجتمعات البشرية الأخرى، ربما يمرض، لكن، لأن له إرثاً كبيراً وعطاءً لا محدود على صعيد التعايش والتسامح والحب، فإنه بكل تأكيد لا يموت. المجتمعات المريضة بأمراض الكراهية والطائفية هي التي تموت، أما المجتمعات الواعية، فإنها تنهض عند أول لحظة تشعر بالخطر، لأنها ترفض أن تستجيب لأصابع الفتن.
ها نحن اليوم، نجد الموتورين من الطائفيين يتصارعون فيما بينهم على صفحات «تويتر» وبعض مواقع التواصل الاجتماعي، أما على أرض الواقع، فإنهم لا يستطيعون نقل معاركهم الطائفية إلى الأرض، ولو أنهم استطاعوا ذلك، لنقلوها إبان بداية الأزمة السياسية في البحرين، لكنهم فشلوا، لأنهم اصطدموا بمجتمع أقوى من الكراهية، اصطدموا بمجتمع يحيطه الحب من كل جانب.
إن الناس في البحرين، بدؤوا يعودون إخوة في العمل والمجالس والمقاهي والشارع، وها نحن نلمس آثار التعافي من أزمتنا المجتمعية، أما المشكلة السياسية فهي برمتها ليست بأهم من الحياة المجتمعية لشعب البحرين، وستجد مخرجاً عاجلاً أم آجلاً.
نحن لا ننكر أن هنالك من استجاب لضغوط الطائفيين، وهناك آخرون سقطوا في امتحان الفتنة الطائفية، لكن الغالبية من الناس، بدؤوا يعون أن عليهم العيش بسلام في كنف الوطن الذي يسع الجميع، أما الطائفيون فلا عزاء لهم في وطن الخلود.