تجمعُ الدول العربية مصالح مشتركة جمة، وكذلك الأخطار المُهددة، ومع ذلك فهي تخلو من سياسة خارجية موحدة تتفق عليها الأنظمة العربية في تحديد هوية العدو، وماهيته واستراتيجيات التعامل معه دبلوماسياً وعسكرياً وحتى اقتصادياً. ويمكن القول إنها مازالت تعاني من تيه التشظي العربي، لاسيما في ظل عدم الاستقرار الأمني والسياسي في المنطقة كالمشهد السوري والمصري إلى حد ما، فضلاً عن الوضع الشائك في اليمن، والسلوك الجديد لبعض الدول، ما يدعو للتساؤل: من بقى من العرب؟!
لقد تحدثنا في سلسلة من المقالات في فترة سابقة عن وضوح عدائية إسرائيل والصهيونية من جهة، وأمريكا من جهة أخرى باعتبارها خادماً دينياً للأولى عبر الشراكة في الاستراتيجية السياسية المعادية للشرق الأوسط، فيما كانت صورة عدو آخر أكثر شبحية لسنوات طوال، إنه إيران، التي مارست في الساحة السياسية خلال العقود الخمس الأخيرة لعبة الكر والفر، والشيطان والملاك، إلى أن أماطت عن وجهها اللثام، لتكشف عن حقيقتها البشعة وأطماعها الدنيئة. ولعل من الفطنة أن نحذر ونتوجس من أطراف جديدة أثارت الريبة في سياستها بأشكال مختلفة، كالسياسات الصديقة والمتدخلة في الشؤون المحلية والمراوغة وغيرها. ولعل الخطر القادم ربما يكون تركياً أو صينياً فضلاً عن أخطار أخرى.
وعود على بدء، في عدائية إيران السافرة، دعونا نطرق أبواب التاريخ قليلاً في مراجعة عاجلة تبرهن انتهازية إيران بما يعزز مصالحها الإقليمية على وجه الخصوص وبراغماتيتها، وهو ما يبرر موقفها من الغزو الأمريكي لأفغانستان ومن ثم للعراق، رغم علاقاتها السرية المشبوهة مع من أطلقت عليه الشيطان الأكبر «أمريكا» فضلاً عن تاريخها الطويل مع إسرائيل منذ قيامها. ناهيك عن انتهازيتها المتمثلة في مباركة هجرات مواطنيها للدول الخليجية – كما أشرنا إليه في المقال السابق - وما حققته من أهداف جنت بعض ثمارها على فترات مختلفة من تاريخها السياسي مع العرب، وخصوصاً في الفترة الأخيرة المتزامنة مع أحداث «الربيع»!!
دعونا نسلم يقيناً أن سياسة إيران لا تقوم على الاعتباطية العربية النسبية، بل تمتد أذرعها لتاريخ متجذر يبني للحاضر والمستقبل بخطوات واعية ومحسوبة، ويقدم تصوراً مكتملاً لأمنها القومي، ذاك الذي يكاد لا يكتمل تماماً لدى العرب، لاسيما في ظل الظروف الأخيرة، وما تحمله من مفاجآت مستمرة، لا يبدو أن أنظمتنا قد أعدت لها ما يكفي من العدة والعتاد على مستويات مختلفة.
تواجه الأمة العربية اليوم منزلقاً خطيراً قد يودي بها للهاوية في صراع البقاء، إذ لا يضمن البقاء إلا عنصر القوة، الأمر الذي يضع الأنظمة العربية في موضع تساؤل شعوبها في قدرتها على الصمود في مراحل ما، لاسيما مع ما تملكه إيران من أسلحة فاعلة كالإعلام وغيره، فضلاً عن سلاحها النووي وإفقادها النسبي لهوية العرق العربي والخليجي الخالص في ظل التمازج الذي خلّفته الهجرات الممنهجة، وترتب على ذلك الولاء لغير دول الخليج العربي خصوصاً. ولن نستشهد بمؤشرات البداية التي قدمتها مباريات كرة القدم بين دول الخليج وإيران وأشاحت أنظمتنا عنها الوجوه، فما لحقها من مجريات سريعة للأحداث كان أعظم وأبلغ في كشف غيض من فيض أهدافها إزاء المنطقة.
كل ما يتطلبه الأمر توحيد جاد للجهود العربية، بل ما تبقى ممن نتوسم بهم الخير وعلّ الظن لا يخيب!! كما يستلزم الأمر إصراراً أكبر على إعلان الاتحاد الخليجي على عجالة وبرسوخ يقدم دول الخليج العربي ككتلة سياسية ذات ثقل وتأثير في المشهد السياسي الإقليمي والعالمي كذلك. نهمس في أذن الأنظمة الحكومية «ليت الاتحاد الخليجي يتم»، لكن.. «كلمة «ياريت» ما عمرت بيت»!! وعمار يا أوطاننا عمار.
{{ article.visit_count }}
لقد تحدثنا في سلسلة من المقالات في فترة سابقة عن وضوح عدائية إسرائيل والصهيونية من جهة، وأمريكا من جهة أخرى باعتبارها خادماً دينياً للأولى عبر الشراكة في الاستراتيجية السياسية المعادية للشرق الأوسط، فيما كانت صورة عدو آخر أكثر شبحية لسنوات طوال، إنه إيران، التي مارست في الساحة السياسية خلال العقود الخمس الأخيرة لعبة الكر والفر، والشيطان والملاك، إلى أن أماطت عن وجهها اللثام، لتكشف عن حقيقتها البشعة وأطماعها الدنيئة. ولعل من الفطنة أن نحذر ونتوجس من أطراف جديدة أثارت الريبة في سياستها بأشكال مختلفة، كالسياسات الصديقة والمتدخلة في الشؤون المحلية والمراوغة وغيرها. ولعل الخطر القادم ربما يكون تركياً أو صينياً فضلاً عن أخطار أخرى.
وعود على بدء، في عدائية إيران السافرة، دعونا نطرق أبواب التاريخ قليلاً في مراجعة عاجلة تبرهن انتهازية إيران بما يعزز مصالحها الإقليمية على وجه الخصوص وبراغماتيتها، وهو ما يبرر موقفها من الغزو الأمريكي لأفغانستان ومن ثم للعراق، رغم علاقاتها السرية المشبوهة مع من أطلقت عليه الشيطان الأكبر «أمريكا» فضلاً عن تاريخها الطويل مع إسرائيل منذ قيامها. ناهيك عن انتهازيتها المتمثلة في مباركة هجرات مواطنيها للدول الخليجية – كما أشرنا إليه في المقال السابق - وما حققته من أهداف جنت بعض ثمارها على فترات مختلفة من تاريخها السياسي مع العرب، وخصوصاً في الفترة الأخيرة المتزامنة مع أحداث «الربيع»!!
دعونا نسلم يقيناً أن سياسة إيران لا تقوم على الاعتباطية العربية النسبية، بل تمتد أذرعها لتاريخ متجذر يبني للحاضر والمستقبل بخطوات واعية ومحسوبة، ويقدم تصوراً مكتملاً لأمنها القومي، ذاك الذي يكاد لا يكتمل تماماً لدى العرب، لاسيما في ظل الظروف الأخيرة، وما تحمله من مفاجآت مستمرة، لا يبدو أن أنظمتنا قد أعدت لها ما يكفي من العدة والعتاد على مستويات مختلفة.
تواجه الأمة العربية اليوم منزلقاً خطيراً قد يودي بها للهاوية في صراع البقاء، إذ لا يضمن البقاء إلا عنصر القوة، الأمر الذي يضع الأنظمة العربية في موضع تساؤل شعوبها في قدرتها على الصمود في مراحل ما، لاسيما مع ما تملكه إيران من أسلحة فاعلة كالإعلام وغيره، فضلاً عن سلاحها النووي وإفقادها النسبي لهوية العرق العربي والخليجي الخالص في ظل التمازج الذي خلّفته الهجرات الممنهجة، وترتب على ذلك الولاء لغير دول الخليج العربي خصوصاً. ولن نستشهد بمؤشرات البداية التي قدمتها مباريات كرة القدم بين دول الخليج وإيران وأشاحت أنظمتنا عنها الوجوه، فما لحقها من مجريات سريعة للأحداث كان أعظم وأبلغ في كشف غيض من فيض أهدافها إزاء المنطقة.
كل ما يتطلبه الأمر توحيد جاد للجهود العربية، بل ما تبقى ممن نتوسم بهم الخير وعلّ الظن لا يخيب!! كما يستلزم الأمر إصراراً أكبر على إعلان الاتحاد الخليجي على عجالة وبرسوخ يقدم دول الخليج العربي ككتلة سياسية ذات ثقل وتأثير في المشهد السياسي الإقليمي والعالمي كذلك. نهمس في أذن الأنظمة الحكومية «ليت الاتحاد الخليجي يتم»، لكن.. «كلمة «ياريت» ما عمرت بيت»!! وعمار يا أوطاننا عمار.