يبدو أن الوفاق والجمعيات السياسية هذه المرة لم تجد آذاناً صاغية لها في واشنطن بعد أن حظيت بدعمها في تنفيذ المحاولة الانقلابية في عام 2011، فاضطرت إلى الحج نحو العاصمة الروسية موسكو من أجل إجراء مشاورات مع الحكومة الروسية بشأن الوضع السياسي في البحرين!
أحد كوادر جمعية وعد صرح لموقع قناة روسيا اليوم أن «الزيارة ستستغرق أربعة أيام، وسيلتقي نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بواغدانوف». معرباً ـ والحديث مازال للشخصية السياسية من (وعد) عن امتنان القوى السياسية لاستعداد موسكو «استقبال وفد يمثل طائفة من الرموز الوطنية بينهم .. علي سلمان رئيس جمعية الوفاق»!
وأكد الشخص نفسه «أهمية إجراء اتصالات بين ممثلي المعارضة البحرينية والحكومة الروسية»، وقال «سنطرح على المسؤولين الروس رؤية المعارضة للوضع في البحرين»!
كيف نبدأ طرح الموضوع؟
من أخطاء أزمة 2011 ترك المجال أمام القوى السياسية لإجراء اتصالات سياسية مباشرة خارج إطار قانون الجمعيات السياسية ولوائحه التنظيمية، وهو ما ساهم في تكوين علاقات واتصالات مستمرة، ومن ثم مصالح بين بعض الجمعيات السياسية (الراديكالية طبعاً) وبعض الحكومات الأجنبية من خلال سفاراتها في المنامة، أو عبر المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية.
ومسألة إلزام الجمعيات السياسية بالالتزام بقواعد القانون واللوائح المنظمة للاتصالات مع الجهات الأجنبية ينبغي احترامها، ولا يمكن المساومة على تجاوزها بأي شكل من الأشكال، وهذا الطرح موجه للجمعيات التي تمثل الخط الراديكالي، وموجه أيضاً لكافة الجمعيات الأخرى ومن بينها بلاشك ائتلاف الجمعيات السياسية.
ليس معروفاً ما إذا أخطرت الوفاق والجمعيات السياسية التابعة لها مكتب الجمعيات السياسية بوزارة العدل بشأن هذه الزيارة؟! وهل ستكون هناك محاسبة حقيقية على هذه الاتصالات مع جهات أجنبية لتناول شأن محلي؟!
الاتصال بالخارج وتحديداً مع الحكومات الأجنبية يعد شكلاً من أشكال الاستقواء بالخارج، وهو ما يتطلب مزيداً من التنظيم والرقابة المستمرة، خاصة لارتباط ذلك بالأمن الوطني البحريني.
الاتصالات بين موسكو والوفاق والجماعات الراديكالية في البحرين كانت منذ نحو 8 أشهر من خلال سفير موسكو بالمنامة، وإذا كنا انتقدنا كثيراً سفير البيت الأبيض بالمنامة على تدخلاته في الشؤون الداخلية للبحرين، فإننا سننتقد أيضاً تدخلات السفير الروسي في الشأن البحريني، وليس مقبولاً اتصالاته مع قوى سياسية محلية، ومن ثم دعوتها لزيارة بلاده لعرض وجهات نظرها.
ما يقلق في التدخل الروسي الحالي بالشأن البحريني، والاتصالات الجارية مع الوفاق إمكانية ربطها بالموقف الروسي تجاه الأزمة السورية. فهل اتصالات موسكو مع الجماعات الراديكالية في البحرين يعد اتصالاً بالنيابة عن طهران باعتبارها طرفاً غير مقبول خليجياً؟ ولماذا تزامنت زيارة الوفد الوفاقي قبل استكمال الحوار مباشرة؟ وهل هناك بوادر لتسويات إقليمية بين موسكو وواشنطن وطهران بشأن البحرين وسوريا؟
أسئلة إستراتيجية تحتاج إلى تحليل أكثر قبل الحصول على إجابات، وهذا ما سنفصل فيه قريباً.