كل الظروف التي أمامك مادة لينة، طيعة، من الممكن أن تحولها إلى ما تريد إن كنت تعرف ما تريد، من الممكن أن تقتلك، وتؤدي بك إلى مواطن الهلاك، إن كنت لا تعرف كيف تتعامل معها، ومن الممكن أن ترفعك أعلى قمم الحياة والسعادة الدنيوية.
الظروف أو البيئة المحيطة أو الأشخاص، وكل ما حولك قد يشكل حائلاً دون وصولك إلى ما تريد أن تصل إليه، ولكن نفس الظروف هي التي تقدر أن تقودك إلى نعم الله التي لا تحصى.
ربما سمع البعض منكم هذه القصة التي سنطرحها الآن، وربما لم يسمع عنها، المهم هو أنه يحكى أن رجلاً كان يصنع قماشاً للمراكب الشراعية يجلس طوال السنة يعمل في القماش ثم يبيعه لأصحاب المراكب.
وفي سنة من السنوات وبينما ذهب لبيع إنتاج السنة من القماش لأصحاب المراكب، سبقه أحد التجار إلى أصحاب المراكب وباع أقمشته لهم. طبعاً الصدمة كانت كبيرة على الرجل الذي ضاع رأس المال منه، وفقد تجارته، فجلس ووضع القماش أمامه وجعل يفكر، وبجلوسه، كان محط سخرية أصحاب المراكب، فقال له أحدهم «اصنع منهم سراويل وارتديها!» ففكر الرجل جيداً، وفعلاً قام بصنع سراويل لأصحاب المراكب من ذلك القماش، وقام ببيعها لقاء ربح بسيط، وصاح منادياً: «من يريد سروالاً من قماش قوي يتحمل طبيعة عملكم القاسية؟»، فأعجب الناس بتلك السراويل وقاموا بشرائها، فوعدهم الرجل بصنع المزيد منها في السنة القادمة، ثم قام بعمل تعديلات، وإضافات على السراويل، وصنع لها مزيداً من الجيوب حتى تستوفي حاجة العمال، وهكذا، ثم ذهب بها لأصحاب المراكب فاشتروها منه، وبهذه الطريقة تمكن الرجل من تحويل الأزمة لنجاح ساحق.
وتلخيصاً، كما يقول ناقل الحكاية: «الأزمة لا تجعل الإنسان يقف في مكانه، لكن استجابتنا لها وردود أفعالنا هي ما تجعلنا نتقدم أو نتراجع إلى الخلف، ما أنت عليه الآن، من مادة، وأحلام، وطموحات، وإحباطات، وانتكاسات، هو نتاج ما زرعته في ماضيك، أو ما قبل الآن، هي نتاج أفكارك التي اشتغلت عليها، وبشكل يومي في الفترة التي سبقت هذه اللحظة، التي نتكلم فيها، قد تكون منذ مرحلتك الطفولية المبكرة أو المراهقة، أو قد تكون من قبل عدة ساعات أو لحظات فقط.
وغالباً ما أردد لنفسي وللآخرين، إننا لسنا إلا مجموعة أفكار، مكسوة بما يسمى الجسد، فإذا كانت أفكارنا إيجابية نستطيع أن نحصل على كل ما نريد من خيرات هذه الأرض، نستطيع الحصول على الصحة والمال والسعادة والرضا. وإن لم تكن كذلك، فما لنا غير اللوم والشكوى والحسد والغيرة والغضب والرغبة في الانتقام، وبالطبع الأجساد المريضة نتيجة للأفكار السلبية التي أدمنا عليها، واستعبدتنا كما تستعبد الحمرة أصحاب النفوس الضعيفة.
الحكاية التي طرحناها في الأعلى، أوضحت لنا بشكل واضح، أنك قادر على تغيير ما حولك إن قمت بتغيير أفكارك، إن كنت الآن محاصراً بأي شكل من أشكال القيود الصحية والمالية والاجتماعية الغاية في السوء، غير زاوية النظر، وسترى كل ما حولك يتغير في عدة ثواني.