مصر العروبة وحاضنة التاريخ العربي، مصر التي نشرت معالم المعرفة بين جدران الوطن العربي، مصر اليوم تعيش حراكاً ليس إيجابياً، حراكاً يقودنا إلى عصر صراع المماليك، في ذلك العصر كان ولاء السلطان المملوكي لعرشه دون غيره. فاليوم مصر تعيش حالة من الرعب والأزمات والمسيرات المليونية، وشعبها يعيش في حالات من الخوف والقلق المستمر وهو يتنقل بين شوارع ميدان التحرير ومحمد محمود والقصر العيني، وهو ما يُسميه المصريون بمنطقة مثلث الرعب أو مثلث برمودا المصري.
في هذه المنطقة بالذات يتداخل الزحام اليومي للبشر مع تزايد الأحزاب السياسية بأطيافها وألوانها، ويتمترس الباعة الجائلين وأرباب السوابق من (بلطجية والمسجلين خطر) وغيرهم من ذوي الملفات السوداء الذين أصبحوا يتواجدون بشكل دائم في هذه المنطقة استعداداً للمشاركة في أي مسيرة أو تنكيل بالمشاركين فيها والمتفرجين عليها، كما يتمركز في المنطقة عدد من الشركات والمصارف والمحلات التجارية وعدد من الهيئات الحكومية والمدارس، فهذه المنطقة بمثابة دولة بمختلف مؤسساتها العامة والخاصة وبإيجابياتها وسلبياتها.
فقبل أحداث 25 يناير كان الأمن مستتباً في تلك الشوارع، وفي كل شوارع مصر، كان الناس يتنقلون براحة مع وجود الزحام، يعيشون في أمان مع وجود نظام سياسي مستبد، أحزاباً سياسية قليلة تتقادح الحالة اليومية للشعب المصري مع النظام بدون إراقة دماء، واليوم وبعد أحداث 25 يناير أصبح الحال معكوساً وهناك مَن يتوقع الأسوأ مع زيادة ضحايا القتل والجرحى والمرعوبين والخائفين من التنقل بين شوارع مصر. فأصبحت مصر اليوم بفضل ديمقراطية 25 يناير بؤرة ملتهبة، فأي حدث سياسي يقع في مصر تقابله أفعال غاضبة تصل إلى إلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف.
وبفضل ديمقراطية 25 يناير أصبح كل مَن لم يعجبه قرار قادراً على دعوة لمسيرة مليونية، وأصبح البلطجية يتناولون ما يُريدون من الأطعمة من المحلات مجاناً وينكلون بمن يُريدون ضرباً. وبفضل ديمقراطية 25 يناير أصبح منبوذو الأمس سادة البلاد وقادتها وأسيادهم مرجعيات لها، يُحرمون هذا ويُحللون ذاك، يجتثون مَن يغضبون عليه ويرفعون شأن مَن يُسبح باسمهم ويُمجد بسيرتهم، أصبحت الأرض لهم ولا تمطر السماء إلا بأمرهم، بدعائهم تصبح إشارات المرور خضراء ليمروا هُم لا غيرهم، وبسخطهم تبقى الإشارات حمراء ليتعذب الآخرون لأنهم عَدلوا عن نهج الحق، فالشريعة هي اليوم شريعتهم، وهم يخطون مدادها، والدستور القادم سيكون مُفصلاً لهم. أمنوا أن «الدين عند الله هو الإسلام» ونسخوا «لا إكراه في الدين»، طالبوا بالديمقراطية وبحقوق الإنسان لأكثر من ثمانيين عاماً ولما دخلت الديمقراطية وحقوق الإنسان مصر آمنة سالمة لبسوها وعروا الآخرين منها.
واليوم، فالوضع المصري ليس بأفضل من الأمس، فكان رئيس الأمس يخاطب قومه بـ (أيها المواطنون) ورئيس اليوم بـ (أهلي وعشيرتي)، كان حزب الأمس الحزب الوطني الديمقراطي، واليوم حزب العدالة والحرية، كان الوزراء والنواب التشريعيون بغرفتيها من (حزب سلطة) الأمس، واليوم من (حزب سلطة) اليوم، فحرموا قرض صندوق النقد الدولي بالأمس واليوم وقعوا على أوراقه، وهكذا مع باقي السبحة. فقد تبدل العنوان إلا أن الموضوع بقي كما هو دون أي تغيير.
فحال مصر وشعبها لم يتغير عن الأمس إلا فيمن يَحكم، نعم كثرت الأحزاب السياسية بأطيافها المتنوعة لكن بتشتتها وعدم توحد رؤيتها جعلها ضعيفة أمام الحزب الأقوى تاريخاً وعدداً، فكِثرة الأحزاب لا تمثل دائماً حالة سياسية صحية.. بل أحياناً تكون سبباً لإنهاك الحراك السياسي. وإذا كان الشعب المصري بالأمس يطالب بالمزيد من الخبز، فاليوم فأنه مستعد بأن يتخلى عن هذا المطلب لصالح الأمان والاستقرار، فقد أدرك بأن الأمان نعمة أكثر سكينة من الخبز، فقد دفع نفر من المواطنين المصريين أرواحهم ثمناً لهذه الديمقراطية التي أفقدت الشعب المصري الحرية والأمان وأبقت التسلط والاستبداد. وبدلاً من حل مشاكل المواطنين وتحسين أحوالهم الاقتصادية فالخلافات السياسية بين رئيس البلاد والأحزاب السياسية تكثر يوماً بعد آخر، وتسويات مشكلات الدستور بعيدة المنال حاضراً، وخسائر 25 يناير تفاقمت بعد أن حصن رئيس البلاد نفسه من رأي العباد، وجعل من مرجعية حزبه زاداً لمن لا زاد له، فإلى أين الهرب من مثلث الدمار المصري؟
في هذه المنطقة بالذات يتداخل الزحام اليومي للبشر مع تزايد الأحزاب السياسية بأطيافها وألوانها، ويتمترس الباعة الجائلين وأرباب السوابق من (بلطجية والمسجلين خطر) وغيرهم من ذوي الملفات السوداء الذين أصبحوا يتواجدون بشكل دائم في هذه المنطقة استعداداً للمشاركة في أي مسيرة أو تنكيل بالمشاركين فيها والمتفرجين عليها، كما يتمركز في المنطقة عدد من الشركات والمصارف والمحلات التجارية وعدد من الهيئات الحكومية والمدارس، فهذه المنطقة بمثابة دولة بمختلف مؤسساتها العامة والخاصة وبإيجابياتها وسلبياتها.
فقبل أحداث 25 يناير كان الأمن مستتباً في تلك الشوارع، وفي كل شوارع مصر، كان الناس يتنقلون براحة مع وجود الزحام، يعيشون في أمان مع وجود نظام سياسي مستبد، أحزاباً سياسية قليلة تتقادح الحالة اليومية للشعب المصري مع النظام بدون إراقة دماء، واليوم وبعد أحداث 25 يناير أصبح الحال معكوساً وهناك مَن يتوقع الأسوأ مع زيادة ضحايا القتل والجرحى والمرعوبين والخائفين من التنقل بين شوارع مصر. فأصبحت مصر اليوم بفضل ديمقراطية 25 يناير بؤرة ملتهبة، فأي حدث سياسي يقع في مصر تقابله أفعال غاضبة تصل إلى إلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف.
وبفضل ديمقراطية 25 يناير أصبح كل مَن لم يعجبه قرار قادراً على دعوة لمسيرة مليونية، وأصبح البلطجية يتناولون ما يُريدون من الأطعمة من المحلات مجاناً وينكلون بمن يُريدون ضرباً. وبفضل ديمقراطية 25 يناير أصبح منبوذو الأمس سادة البلاد وقادتها وأسيادهم مرجعيات لها، يُحرمون هذا ويُحللون ذاك، يجتثون مَن يغضبون عليه ويرفعون شأن مَن يُسبح باسمهم ويُمجد بسيرتهم، أصبحت الأرض لهم ولا تمطر السماء إلا بأمرهم، بدعائهم تصبح إشارات المرور خضراء ليمروا هُم لا غيرهم، وبسخطهم تبقى الإشارات حمراء ليتعذب الآخرون لأنهم عَدلوا عن نهج الحق، فالشريعة هي اليوم شريعتهم، وهم يخطون مدادها، والدستور القادم سيكون مُفصلاً لهم. أمنوا أن «الدين عند الله هو الإسلام» ونسخوا «لا إكراه في الدين»، طالبوا بالديمقراطية وبحقوق الإنسان لأكثر من ثمانيين عاماً ولما دخلت الديمقراطية وحقوق الإنسان مصر آمنة سالمة لبسوها وعروا الآخرين منها.
واليوم، فالوضع المصري ليس بأفضل من الأمس، فكان رئيس الأمس يخاطب قومه بـ (أيها المواطنون) ورئيس اليوم بـ (أهلي وعشيرتي)، كان حزب الأمس الحزب الوطني الديمقراطي، واليوم حزب العدالة والحرية، كان الوزراء والنواب التشريعيون بغرفتيها من (حزب سلطة) الأمس، واليوم من (حزب سلطة) اليوم، فحرموا قرض صندوق النقد الدولي بالأمس واليوم وقعوا على أوراقه، وهكذا مع باقي السبحة. فقد تبدل العنوان إلا أن الموضوع بقي كما هو دون أي تغيير.
فحال مصر وشعبها لم يتغير عن الأمس إلا فيمن يَحكم، نعم كثرت الأحزاب السياسية بأطيافها المتنوعة لكن بتشتتها وعدم توحد رؤيتها جعلها ضعيفة أمام الحزب الأقوى تاريخاً وعدداً، فكِثرة الأحزاب لا تمثل دائماً حالة سياسية صحية.. بل أحياناً تكون سبباً لإنهاك الحراك السياسي. وإذا كان الشعب المصري بالأمس يطالب بالمزيد من الخبز، فاليوم فأنه مستعد بأن يتخلى عن هذا المطلب لصالح الأمان والاستقرار، فقد أدرك بأن الأمان نعمة أكثر سكينة من الخبز، فقد دفع نفر من المواطنين المصريين أرواحهم ثمناً لهذه الديمقراطية التي أفقدت الشعب المصري الحرية والأمان وأبقت التسلط والاستبداد. وبدلاً من حل مشاكل المواطنين وتحسين أحوالهم الاقتصادية فالخلافات السياسية بين رئيس البلاد والأحزاب السياسية تكثر يوماً بعد آخر، وتسويات مشكلات الدستور بعيدة المنال حاضراً، وخسائر 25 يناير تفاقمت بعد أن حصن رئيس البلاد نفسه من رأي العباد، وجعل من مرجعية حزبه زاداً لمن لا زاد له، فإلى أين الهرب من مثلث الدمار المصري؟