تطفو على سطح الجدل إشكالية الإعلام ودوره، ارتباطاً بما تشهده الساحة الإعلامية من حراك على مختلف الأصعدة، حراك أهل البعض للحكم بوجود نقلة ما في هذا المشهد الذي يكاد الإجماع يكون حاصلاً على أنه وبالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذل لتطويره مايزال سجين الرؤية الفئوية وحتى الحزبية والطائفية في بعض الأحيان، يظهر ذلك في أعمدة الصحف وفي المقالات وفي نوعية المعالجة الخبرية وفي الصور وحجم التغطيات وفي بنية الخطاب الإعلامي من حيث الصياغة والإبراز والتوجه والتحليل والتوجيه، بما يعني أننا في حاجة إلى مزيد من الترشيد بما يجعله يغلب المهنية عن كل اعتبار آخر..
فإذا كان المجتمع المحلي قد شهد في بعض المراحل من تطوره السياسي والاجتماعي بعض الخلافات السياسية حول طبيعة المجتمع والقيم الناظمة له أو حول السياسات والأولويات الاقتصادية والاجتماعية، فإن الخطاب السياسي بقي محافظاً على الحد الأدنى من الرقي والتهذيب، ولكن خلال هذه الأزمة وبعدها تم تجاوز الخطوط الحمراء وثوابت الخطاب الوطني، واستطاعت التعبيرات الطائفية البذيئة والمشاعر غير المفلترة أن تجد تعبيراتها الجديدة في الخطاب الإعلامي، وخصوصاً الخطاب الإعلامي - الاجتماعي المنفلت عن أي رقابة أو سيطرة غير سيطرة الغرائز. ولذلك أصبح بعض ما نسمعه أو نقرأه اليوم من تصريحات وتتولى وسائل الإعلام نقله مؤلماً ومقززاً، لأنه وكما يقول الشاعر العربي»معظم الشر من مستصغر الشرر»، فالخطاب السياسي الطائفي الذي فقد رصانته وتهذيبه وبصيرته هو الأصل وأصبح الإعلام تابعاً أو مروجاً له أو معيداً لإنتاج هذا الخطاب الذي اجترح له القنوات والوسائل بالمال أو بالعصبية الطائفية التي أصبح لها امتدادها الإقليمي واستغلها حتى الغرب لتمرير مصالحه وشق الصفوف.
ففي الأصل فإن مهمة وسائل الإعلام أن تنقل صورة صادقة عن الواقع وتتولى تبصير الرأي العام بما يجري في الحياة السياسية، لذلك لا يمكن أن تلام على نقل الخبر أو الحقائق كما وقعت إذا ما تثبتت من صحتها، وإذا كان هناك من لوم على وسائل الإعلام فهو ما يتصل بما يعتري «إبداء الرأي» من تحريف للوقائع ليبنى على هذا التحريف مقتضاه من الموقف السياسي، وهذا ما أصبح منتشراً بشكل مؤلم إلى درجة تحول الصحف والقنوات الإعلامية الفضائية والمسموعة إلى خانة التصنيفات الطائفية والسياسية، بعيداً عن التصنيف المهني ومقتضياته، وأصبح التضليل والفبركة والاجتزاء من أخص خصائص الخطاب الإعلامي الجديد، وهذا أمر لم نعهده في المراحل السابقة بما يهدد بتفاقم الأوضاع السياسية بدل أن يساعد في تهدئة الأجواء وصولًا إلى الحلول المنشودة التي تؤمن وحدة المجتمع وسلمه الأهلي ونشر الديمقراطية وحماية الحريات العامة والخاصة، فهذا التوجه إلى التصعيد والشتائم لا يساعد في الوصول إلى حل للأزمات، بل إن ما نشهده من تصعيد في الشارع ناجم عن الوضع المتأزم السياسي والاجتماعي معاً والإحساس بالخوف من المستقبل، بسبب الاحتقان الموجود كنتيجة للخطاب التصعيدي، ويتغذى هذا الاحتقان يومياً بالتصريحات الحادة وبالمهرجانات والمؤتمرات الصحافية الاستعراضية، وبحكم كون الوسائل الإعلامية منقسمة بدورها، فإنها تدخل إلى كل بيت حاملة معها هذا الانقسام بل وتتولى تعممه. وبالتأكيد فإن الكلمة الحادة تؤسس لنقل الانقسام إلى الشارع وإلى ترجمة ذلك بغرائز متفجرة وبمتاريس متقابلة وبكراهية غير مسبوقة.
إن الإعلام إما أن يكون بناء، وإما أن يكون هداماً وفقاً للوظيفة التي يراد له تأديتها، ولكن في الحالة الراهنة فإن الإعلام يغذي الانقسام الطائفي والسياسي والمجتمعي، والمشكلة أن الأمر لم يعد يتعلق بالإعلام المحلي الذي تخضع الحريات الإعلامية فيه لمقتضيات الدستور والقوانين النافذة بالابتعاد عن بث كل ما من شأنه إثارة النعرات الطائفية أو التعرض للنظام العام ومقتضيات المصلحة الوطنية أو التحريض على العنف في المجتمع، بل بات يتعلق بالإعلام الخارجي المنفلت من كل سيطرة وبالإعلام الاجتماعي الذي لا يخضع حالياً لأي ترشيد قانوني.
ولذلك فالحل ليس بيد الإعلاميين وحدهم، وإنما هو بيد السياسيين الذين نتمنى أن يكونوا مدركين أن التصعيد وفقدان الرصانة والعقلانية سوف يؤديان إلى تدمير منهجي في البنية التوافقية في المجتمع حتى نصل في يوم من الأيام إلى استحالة الجلوس مع بعض إلى أي طاولة للحوار ضمن أصول الحوار السياسي الحضاري. فإذا كان كل طرف متمسكاً برأيه ويجزم أن رأيه وحده هو الصواب فهذا سيؤدي إلى المزيد من الاصطدام، بما يشكل خطراً على مستقبل المجتمع ومصالحه لأن الأذى عندها سيعم يشمل كل الناس دون استثناء. كما إن المشكلة في الأساس هي في أن البعض يعمل -بوعي أو بغير وعي- على بناء النظام الطائفي والمجتمع السياسي الطائفي الذي يعيد إنتاج الطائفية في حروب متجددة حفاظاً على مصالح الطائفيين، من خلال خطاب قطيعة يتم إبرازه في الإعلام عبر إثارة الغرائز الطائفية وثقافة الاقتتال إلى القضاء على الخصوم.
فإذا كان المجتمع المحلي قد شهد في بعض المراحل من تطوره السياسي والاجتماعي بعض الخلافات السياسية حول طبيعة المجتمع والقيم الناظمة له أو حول السياسات والأولويات الاقتصادية والاجتماعية، فإن الخطاب السياسي بقي محافظاً على الحد الأدنى من الرقي والتهذيب، ولكن خلال هذه الأزمة وبعدها تم تجاوز الخطوط الحمراء وثوابت الخطاب الوطني، واستطاعت التعبيرات الطائفية البذيئة والمشاعر غير المفلترة أن تجد تعبيراتها الجديدة في الخطاب الإعلامي، وخصوصاً الخطاب الإعلامي - الاجتماعي المنفلت عن أي رقابة أو سيطرة غير سيطرة الغرائز. ولذلك أصبح بعض ما نسمعه أو نقرأه اليوم من تصريحات وتتولى وسائل الإعلام نقله مؤلماً ومقززاً، لأنه وكما يقول الشاعر العربي»معظم الشر من مستصغر الشرر»، فالخطاب السياسي الطائفي الذي فقد رصانته وتهذيبه وبصيرته هو الأصل وأصبح الإعلام تابعاً أو مروجاً له أو معيداً لإنتاج هذا الخطاب الذي اجترح له القنوات والوسائل بالمال أو بالعصبية الطائفية التي أصبح لها امتدادها الإقليمي واستغلها حتى الغرب لتمرير مصالحه وشق الصفوف.
ففي الأصل فإن مهمة وسائل الإعلام أن تنقل صورة صادقة عن الواقع وتتولى تبصير الرأي العام بما يجري في الحياة السياسية، لذلك لا يمكن أن تلام على نقل الخبر أو الحقائق كما وقعت إذا ما تثبتت من صحتها، وإذا كان هناك من لوم على وسائل الإعلام فهو ما يتصل بما يعتري «إبداء الرأي» من تحريف للوقائع ليبنى على هذا التحريف مقتضاه من الموقف السياسي، وهذا ما أصبح منتشراً بشكل مؤلم إلى درجة تحول الصحف والقنوات الإعلامية الفضائية والمسموعة إلى خانة التصنيفات الطائفية والسياسية، بعيداً عن التصنيف المهني ومقتضياته، وأصبح التضليل والفبركة والاجتزاء من أخص خصائص الخطاب الإعلامي الجديد، وهذا أمر لم نعهده في المراحل السابقة بما يهدد بتفاقم الأوضاع السياسية بدل أن يساعد في تهدئة الأجواء وصولًا إلى الحلول المنشودة التي تؤمن وحدة المجتمع وسلمه الأهلي ونشر الديمقراطية وحماية الحريات العامة والخاصة، فهذا التوجه إلى التصعيد والشتائم لا يساعد في الوصول إلى حل للأزمات، بل إن ما نشهده من تصعيد في الشارع ناجم عن الوضع المتأزم السياسي والاجتماعي معاً والإحساس بالخوف من المستقبل، بسبب الاحتقان الموجود كنتيجة للخطاب التصعيدي، ويتغذى هذا الاحتقان يومياً بالتصريحات الحادة وبالمهرجانات والمؤتمرات الصحافية الاستعراضية، وبحكم كون الوسائل الإعلامية منقسمة بدورها، فإنها تدخل إلى كل بيت حاملة معها هذا الانقسام بل وتتولى تعممه. وبالتأكيد فإن الكلمة الحادة تؤسس لنقل الانقسام إلى الشارع وإلى ترجمة ذلك بغرائز متفجرة وبمتاريس متقابلة وبكراهية غير مسبوقة.
إن الإعلام إما أن يكون بناء، وإما أن يكون هداماً وفقاً للوظيفة التي يراد له تأديتها، ولكن في الحالة الراهنة فإن الإعلام يغذي الانقسام الطائفي والسياسي والمجتمعي، والمشكلة أن الأمر لم يعد يتعلق بالإعلام المحلي الذي تخضع الحريات الإعلامية فيه لمقتضيات الدستور والقوانين النافذة بالابتعاد عن بث كل ما من شأنه إثارة النعرات الطائفية أو التعرض للنظام العام ومقتضيات المصلحة الوطنية أو التحريض على العنف في المجتمع، بل بات يتعلق بالإعلام الخارجي المنفلت من كل سيطرة وبالإعلام الاجتماعي الذي لا يخضع حالياً لأي ترشيد قانوني.
ولذلك فالحل ليس بيد الإعلاميين وحدهم، وإنما هو بيد السياسيين الذين نتمنى أن يكونوا مدركين أن التصعيد وفقدان الرصانة والعقلانية سوف يؤديان إلى تدمير منهجي في البنية التوافقية في المجتمع حتى نصل في يوم من الأيام إلى استحالة الجلوس مع بعض إلى أي طاولة للحوار ضمن أصول الحوار السياسي الحضاري. فإذا كان كل طرف متمسكاً برأيه ويجزم أن رأيه وحده هو الصواب فهذا سيؤدي إلى المزيد من الاصطدام، بما يشكل خطراً على مستقبل المجتمع ومصالحه لأن الأذى عندها سيعم يشمل كل الناس دون استثناء. كما إن المشكلة في الأساس هي في أن البعض يعمل -بوعي أو بغير وعي- على بناء النظام الطائفي والمجتمع السياسي الطائفي الذي يعيد إنتاج الطائفية في حروب متجددة حفاظاً على مصالح الطائفيين، من خلال خطاب قطيعة يتم إبرازه في الإعلام عبر إثارة الغرائز الطائفية وثقافة الاقتتال إلى القضاء على الخصوم.