أهل البحرين اليوم يختلفون تماماً عما كانوا عليه وفيه قبل سنتين من الآن، محبتهم لبعضهم البعض، أخلاقهم، مزاجهم، بساطتهم، إيثارهم لغيرهم، تعاونهم، كل شيء فيهم تأثر وتغير، لم يعد أهل البحرين كما كانوا دائماً لا مكان للأحقاد في قلوبهم. تابع التعليقات على المقالات في مختلف الصحف «وكثير منها لا ينشر بسبب تطرفه»، ستجد أن هامش التسامح قد ضاق كثيراً وحل محله هامش يتسع ويستوعب أحقاداً لا عهد للبحرينيين بها. لم يعد البحرينيون كما كانوا، والخوف أنهم لن يعودوا إلى نصف ما كانوا عليه وفيه بعد حين، فكلما تأخر الحل ازدادت مساحة الألم وحصلت الأحقاد على المرعى المناسب لتنمو فيه وتكبر. هذا يعني أنه لا بد من الإسراع في الوصول إلى حل مناسب للجميع، لكن هذا الحل لا يمكن أن يأتي في ظل إصرار كل طرف على رأيه وموقفه وإصراره على السعي إلى الحصول على كل شيء، لأنه ببساطة لا يمكن للآخر أن يقبل بخسارة كل شيء. المخرج من أزمتنا في البحرين هو التفاهم والحوار، والطريق إلى الحل يكون بتقديم التنازلات التي هي في كل الأحوال تنازلات للوطن، والتنازلات لا يمكن أن تأتي من طرف دون آخر، فكل الأطراف المعنية عليها أن تقدم التنازلات مهما كانت صعبة وقاسية. لا بد من وضع نقطة في نهاية السطر ولكن لا يمكن أن تكون النقطة على حساب طرف دون الأطراف الأخرى، فوضع النقطة في نهاية السطر هي مسؤولية الجميع من دون استثناء، إنها مسؤولية القيادة والحكومة و»المعارضة»، ومسؤولية كل ذي علاقة.لكن قبل هذا وذاك، لا بد من إزالة مختلف مظاهر التوتر في البلاد، يتم إعادة رجال الأمن إلى مقارهم ويتوقف المحتجون عن ممارسة العنف الذي يلاحظ الجميع أنه يزداد. ليس مهماً من يبدأ أولاً بالانسحاب والتوقف، المهم أن تثبت الأطراف كافة أنها تؤثر سلامة الوطن على كل شيء وأنها تريد للبحرين أن تنتصر. السؤال الذي يحتل جزءاً من تفكير الناس في البحرين اليوم هو: ما الذي يمكن أن يحدث لو أن وزارة الداخلية اتخذت قراراً بسحب رجال الأمن من الشوارع والقرى ومن كل مكان، هل سيتوقف أولئك عن ممارسة الاحتجاجات والعنف؟ وبالمقابل ما الذي يمكن أن يحدث لو أن المحتجين توقفوا عن ممارسة الاحتجاجات أو أنهم مارسوا هذا الحق الذي يكفله الدستور بالطريقة التي ينظمها القانون؟ السيناريوهات المتوقعة عديدة لكن أفضلها هو التوصل إلى اتفاق شجاع ينتج عنه إخفاء كل مظهر للتوتر في البلاد، ويجمد كل تحرك قد يعتبره الطرف الآخر سالباً، ففي وضع كهذا فقط يمكن لحوار التوافق الوطني المستمر حتى الآن أن ينجح، في وضع نهاية لفيلم الرعب الذي دخلنا فيه وصرنا جميعاً جزءاً منه، وفي وضع كهذا يمكن للأمور أن تعود إلى ما كانت عليه ويعود أهل البحرين كما كانوا عليه قبل سنتين.هذا تصور حالم لكنه قابل أن يكون ممكناً، فإذا أضيف إلى كل هذا ما يعبر عن حسن النوايا ويؤكدها فإن مساحة الأمل ستزداد وتضيق الفجوة التي اتسعت وأتاحت الفرصة للأحقاد كي تنمو. فهل نأمل في قرارات شجاعة من القيادة والحكومة؟ وهل نأمل في قرارات شجاعة من «المعارضة»؟ شخصياً لا أستبعد أبداً قرارات كهذه تصدر عن القيادة والحكومة في أي لحظة، ولكني أشكك في صدور ما يقابلها من «المعارضة»، فقراءتي للساحة تدفعني إلى الاعتقاد أن القرارات الشجاعة المطلوبة من «المعارضة» لم تعد بيد «الناعمة» منها.. ولم تعد بيد «الخشنة»!
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90