نتساءل دائماً لماذا ينجح البعض، فيما البعض الآخر، وهم الأغلبية لا تستطيع النجاح، ولا تستطيع أن تحقق أي إنجاز حقيقي في حياتها، رغم أن الجميع يملكون نفس الإمكانيات الداخلية، ونفس الحواس، وحتى إذا ما ضمرت بعض الحواس لعيب خلقي أو بسبب ظرف خارجي ما، فإن هذه الحاسة تعوض بحاسة أخرى أو بأكثر من حاسة.
إن النجاح الحقيقي، قبل أن يتحقق، على من يريد إنجازه، أن يبني قاعدة قوية ومتينة وصلبة من حسن النية، بينه وبين ذاته. بمعنى أن كل الناجحين الذين وصلوا إلى قمة نجاحهم، عقدوا صفقــات بينهـــم وبيــــن نواياهـم، فــي سرية تامة، وبعيــــداً عـــن أصحـــــاب الأفكار السلبية.
من هنا أرى دائماً، أنه لابد أن يكون هناك عقد مبرم طوعي بين نفسك، وما تريد أن تكون عليه أو تسعى لتحقيقه. حين يبدأ مثل هذا التعاقد، مباشرة سترى الأمور تسير كما تريد لها أن تسير وتفتح في وجهك الأبواب، حتى تلك الأبواب التي تتصورها عصية الفتح، وستجد الظروف كلها تتكاتف، لتشكل ما يسمى عصبة تعمل على مساعدتك لإنجاز ما تريده في حياتك.
ما أقوله ليس من باب الترويج لأفكار «كل شيء على ما يرام»، رغم أن مقولة «كل شيء على ما يرام» هي حقيقة تحاول الأغلبية أن تسكتها، من أجل أن تواصل العويل على حياتها، والتحدث عن الظلم الذي تمر به، ولو لم يكن كل شيء على ما يرام، لما كنت في هذه اللحظة تقرأ هذا العمود، الذي جذبك عنوانه لمحاولة التعرف على محتواه.
إن التعاقد مع الذات هو أول شروط التحقق، وتقول لذاتك إنني من هذه اللحظة، سأكون ما أريد أن أكون، غير مهتم بالذي مضى من عمري، فنتيجة الماضي ما أحياه الآن، ونتيجة الآن هي ما سأكون عليه مستقبلاً.
ومن يريد أن يتعاقد مع ذاته، عليه أن يعي أن عمره ليس مهماً، ووضعه الاجتماعي والمالــــي، ليــس مهمـاً، المهم أن يقــــف مـع نفسه، ويقول لها «إنني أريــــــد النجــاح»، وأضــــع لنفسي وقتاً محدداً وهو بعد سنة أو أكثر وفــــي الشهــر الفلاني وفي اليوم المحدد، سأكون أنــا كما رأيـــت نفسي أن أكون.
وهذا لا يعني أن أقف مكتوف اليدين، وأنتظر أن يأتيني النجاح على صحن من ذهب، إنما يعني المجاهدة، والمجاهدة تعني أن تتعب من أجل الوصول، تتخيل نفسك وصلت. اشعر بذاتك وإن حققت هذا النجاح، كيف ترى نفسك، كيف تصافح المهنئين من أهلك وأصحابك وجميع سكان مدينتك. كيف ترى إشراقة وجهك، ابتسامتك، مشاعرك. فأنت وصلت. إذن المجاهدة أن تتحرك قدميك، خطوة بعد الأخرى، لترى نفسك أنك تجاوزت مسافة، ولم تبق إلا المسافة التي حتماً ستقطعها، لأنك عرفت متعة الحركة التي تقودك للأمام.
الكثيرون يقولون: الصدفة، والحظ، أو الواسطة، هو ما أوصلهم إلى ما وصلوا، ناسين أن هناك ثمة خطة الهية أو كونية أو سماوية، لكل ما هو موجود من نباتات وجمادات، لكل إنسان على وجه الأرض، ربما الكواكب التي تملك إمكانية الحياة عليها.
تعاقد الآن مع ذاتك على ما ترغب في تحقيقه، ولا تقل للآخرين عن ذلك التعاقد.
فالحياة أمرتنا: استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود.