المشهد الذي رافق عودة المدافع الفرنسي المسلم «بلال أبيدال» إلى الملاعب بعد غيبة طويلة بسبب المرض جسد الوجه الآخر للرياضة عامة ولنادي برشلونة الإسباني -المعروف بأدائه الميداني المميز- بشكل خاص.
عشرات الآلاف ممن كانوا محتشدين في إستاد «النوكامب» لمتابعة لقاء برشلونة وريال مايوركا في الدوري الإسباني مساء السبت الماضي وقفوا تقديراً وإجلالاً للاعب العائد لحظة استعداده للدخول إلى أرض الملعب في منتصف الشوط الثاني بديلاً لزميله «جيرارد بيكيه» وانتظروا اللاعب المسلم حتى فرغ من قراءة الفاتحة ليهزوا أرجاء الملعب العملاق بالتصفيق والهتاف في مشهد إنساني حضاري مؤثر جداً يعكس الأبعاد الإنسانية النبيلة للرياضة ويجسد اللحمة التي تتميز بها الأسرة «البرشلونية».
ليست تلك هي المرة الأولى التي يقف فيها برشلونة هذه الوقفة الإنسانية مع هذا اللاعب فقد سبق أن منحه شرف رفع كأس الأندية الأوروبية في العام قبل الماضي وكانت قمة الوفاء والإخلاص التي يتعامل بها النادي مع منتسبيه في المواقف الشديدة.
لست معنياً هنا بالحديث عن المنافسة الميدانية المشروعة بين الأندية أياً كان لونها فتلك أمور طبيعية جداً في عالم الرياضة، إنما الأهم من كل ذلك هو الأبعاد الإيجابية للرياضة وكيف يمكن أن تعالج الكثير من المعاناة التي يتعرض لها الإنسان ومنها معاناة الأمراض العصيبة كالحالة التي تعرض لها اللاعب «أبيدال» وكيف لعبت الرياضة دورها الإيجابي في سرعة تعافيه بعد فضل الله عز وجل وثم إيمان وعزيمة اللاعب نفسه.
مشهد عودة «أبيدال» إنساني كل سيناريو المباراة وجعلني أتأمل في هذا التعامل الحضاري الذي يسهم بشكل كبير في رفع المعنويات والهمم ويترجم معنى القيم الإنسانية.
الكل يصفق ويحيي عودة اللاعب دون الالتفات لما سيقدمه من أداء.. عودته سالماً بعد أن من الله عليه بالشفاء هو الجانب الأهم وهنا يكمن جوهر الوفاء. كنت أعتقد بأنني مبالغ جداً في وصف المشهد ولكنني اكتشفت في اليوم التالي أن وسائل الإعلام في مختلف دول العالم تبرز هذا المشهد وتجعل منه عنواناً رئيساً للمباراة وتستمر فيما بعد في وصف المشهد وصفاً موسعاً باعتباره درساً من الدروس الحضارية للوجه النبيل للرياضة. مع دعواتي لكل رياضيي العالم بدوام الصحة والعافية أتمنى أن يظل مشهد عودة أبيدال إلى الملاعب أنموذجاً لاستثمار واستغلال الرياضة في علاج الكثير من الحالات التي يتعرض لها العديد من الرياضيين وتؤدي بهم إلى الإحباط والندم على اللحظات التي مارسوا فيها الرياضة!