ما هو مصير آلاف الخريجين الجامعيين في البحرين؟ وما هي الخطط التي يمكن أن توجهها الجهات الرسمية، وعلى رأسها وزارة العمل وديوان الخدمة المدنية بالتعاون مع مؤسسات الدولة، لتغطية احتياجات المؤسسات العامة والخاصة من الشواغر الوظيفية التي تتناسب ومتطلباتها ومن جهة أخرى، متطلبات سوق العمل؟
كل جهة من الجهات المختصة بشؤون توظيف العاطلين، ستطرح مبرراتها وكل جهة ستسوق لنا مجموعة من الأرقام والبيانات والإحصائيات، تدافع من خلالها وبشراسة عن مواقفها من ملف العاطلين عن العمل، وفي المحصلة النهائية، نجد أن أعداد الباحثين عن العمل تتكدس عاماً بعد آخر، ويظل هذا الملف الوطني الحساس، معلقاً بين التبريرات والإهمال.
إن أعداد الباحثين عن العمل، تتزايد مطلع كل عام، وربما تصل نسبتهم إلى نسبة حمراء في المستقبل المنظور، تنذر بالخطر، ومن الممكن جداً، أن يأخذ هذا الملف صبغة سياسية أكثر وأكبر من كونه ملفاً وطنياً يساعد ويؤهل الباحثين عن العمل للحصول على وظيفة تتناسب ومخرجاتهم التعليمية.
نحن هنا لا نريد أن نحمل الجهات المسؤولة كل القصور في معالجة هذا الملف، إذ هناك الكثير من الباحثين عن العمل اليوم، لا يجيدون التعامل مع «النفس» لمساعدتها والخروج بها من نفق التعطل إلى نور العمل، وهذا بحد ذاته أمر يجب معالجته بطريقة توعوية وتثقيفية تبدأ من داخل الأسرة، وقبل ذلك يكون معالجته من داخل الفرد.
لا يسع المجال هنا لطرح كل حالات التعطل، لكننا سنكتفي بعينة واحدة فقط، نثبت من خلالها مدى فوضى هذا الملف، وعجز الجهات المعنية عن معالجته، إنه ملف «زكية».
زكية، شابة بحرينية تبحث عن عمل، تخرَّجت من جامعة البحرين في عام 2007 بمعدل مميز، وتخصصها هو «تكنولوجيا تعليم»، قدَّمت امتحانات لأجل توظيفها، لثلاثة أعوام متلاحقة، وفي كل مرة تنجح زكية بامتياز وفي الجانبين «النظري والعملي»، وبعدها تدخل في مقابلة تعجيزية لاختبار قدراتها، وهذه المقابلة أشبه بالألغاز والمعلومات التي لا يعرف إجابتها حتى الشخص الذي قابلها، أما آخر صرعات هذه الامتحانات التي على ضوئها ستتوظَّف هذه الشابة المسكينة، فهي امتحانات باللغة الإنجليزية في غاية الصعوبة، ولا علاقة لها بتخصص الشابة زكية، لا من قريب ولا من بعيد، وكأنهم يقولون لها «مع السلامة»!!
مرة واحدة كل أسبوع، تذهب زكية إلى وزارة العمل، لتحديث بياناتها والبحث عن وظيفة تتناسب ومخرجاتها التعليمية، ومنذ 5 أعوام ووزارة العمل لم تجد لزكية وظيفة.
الأسئلة المهمة المطروحة هنا، متى ستتوظف زكية؟ وكيف أن الجهات المعنية فتحت المجال للطلبة الجامعيين للتخصص المذكور «تكنولوجيا تعليم»، وفي نهاية الأمر، نكتشف أن هذا التخصص ليس له شواغر؟ مع العلم أن هنالك من يؤكد أن مدارس البحرين في حاجة لهذا التخصص المذكور وبقوة!!
تجلس زكية اليوم في منزلها مع زوجها وأطفالها، ولا تعلم ما هو مصيرها، وكيف سيكون شكل مستقبلها. زكية عينة واحدة من كثير من العينات البحرينية الباحثة عن العمل. كلهم لهم ذات المواصفات والهموم والأمل، والأمر اليوم كل الأمر بيد الجهات المناط بها معالجة هذا الملف الوطني الخطير، بصورة هادئة وعلمية، بعيداً عن التبريرات والأرقام المجردة، وكل أشكال الإبر التخديرية الأخرى.