لسنا نعزي الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية فقط بمصابها الجلل بفقد “الرجل” الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، بل نعزي الأمتين العربية والإسلامية برحيل أحد الرجال الذين يذكرون بالضرورة حينما نتحدث عن توصيف “الرجولة”. السعودية، بعدنا الاستراتيجي، والأرض التي حباها المولى عز وجل باحتضان كعبة المسلمين، كانت ومازالت وستظل منبعاً للرجال العظماء بأفعالهم التي تسبق أقوالهم، ستظل بلداً شامخاً يعتز بعروبته وإسلامه وبثباته على الحق. ما يمس السعودية يمس البحرين أولاً قبل أي كيان آخر، علاقاتنا أكبر من أي توصيف، والبحرينيون منذ عقود طويلة -قبل اندساس أصحاب الأجندات بينهم- لا يرون السعودية ولا أهلها سوى أهل بيت ومكان، أشقاء في كل شيء، بلدانا جسد واحد أعضاؤه تتداعى لبعضها البعض عند كل سقم وحمى، ويتعب نفسه من يدخل بين المملكتين. نعزي القائد الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بفقدان أحد رجاله المخلصين، ونعزي إخواننا الشعب السعودي بفقد إنسان تنامت عظمته بعظمة أفعاله، لكن العزاء الأكبر للجميع بأن السعودية تبقى “ولادة” تبقى أرض خير ينبع منها الرجال، في زمن نرى فيه رجالاً بلا ملامح، نرى فيه أشباه رجال، نرى فيه “الرويبضة” تنطق فيتم تصديقها، مصداقاً لحديث رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام. ليس الأمير نايف أول رجل رفيع القامة تلده السعودية الشامخة ونفقده، بل سبقه رجال عظماء سطروا في التاريخ ملاحم لا تنسى، امتداداً من الملك عبدالعزيز مؤسس السعودية وصولاً إلى أبومتعب حفظه الله. عندما نتحدث عن رجال الشقيقة السعودية العظماء من الاستحالة أن ننسى طيب الذكر القائد العروبي الكبير الملك فيصل رحمه الله، هذا الرجل الذي أجبر الغرب على الخنوع وجعل من مارس الغطرسة منهم “يركع” في أرض الحرمين طالباً الرحمة راجياً الرضا والصفح. الكبير فيصل الذي لم يهنئوا إلا حينما اغتالوه، حينما ودع الدنيا شهيداً، لكنه بقى فيها مثالاً لرجل العزة والكرامة والأنفة، شيم وصفات تمثلت فيه وبات العرب يحذون حذوها. نايف يرحل اليوم إلى جوار ربه، لكن أفعاله باقية، حربه على الإرهاب وقوته دفعت حتى الحليفة الأمريكية للتجسس عليه حسبما أوردت أنباء حينها، بالتأكيد القوي يُراقب ويحسب له ألف حساب، وهكذا كان نايف الذي حاولوا اغتياله مراراً لكنه لم يقض برصاص غدر وخديعة جبناء. رحمة الله عليك، وأحسن الله عزاء إخواننا في السعودية والأمتين العربية والإسلامية. نايف رحل طيب الله ثراه، لكنه كشخصية لم ترحل، كرجل له إلهامه الباقي، ففي بلاد الحرمين عشرات من نايف، عشرات من الرجال الذين بهم حفظ الله بيته، وبهم باتت الشقيقة السعودية بعدنا الاستراتيجي ودرعنا الإقليمي والقوة العربية الكبرى التي يحسب لها أعداء الأمتين العربية والإسلامية ألف حساب. حفظ الله السعودية من كل سوء وشر، وحفظ الله البحرين من كيد الكائدين.