من الملاحظات المهمة التي يجب علينا أن نأخذها بعين الاعتبار، في حياتنا التي نحيا، وفي كل أيامنا، هي قضية مراقبة أفكارنا، خاصة إذا عرفنا اننا نتاج أفكارنا اليومية التي تدور في عقولنا وتتحرك بصورة لا ضابط لها. أي أننا لسنا أكثر مما نفكر فيه.
فمعظم الأفكار، كما يقولون هراء، على سبيل المثال، إن شاهدت إنساناً ما، رجلاً أو امرأة، تاجراً أو فقيراً، في مقهى أو مجلس، يتكلم بمناسبة أو بدون مناسبة عن مديره في العمل، أو عن زوجته، أو عن أحد أصدقائه، وكيف إن هذا المدير، أو الصديق، أو الزوجة، أو الزوج، أصبح سيئاً لدرجة أن من الصعب الاستمرار معه في العمل، أو في الحياة. إذا تحول حديث هذا الشخص إلى حديث يومي، كأنه لا يملك موضوعاً آخر يتكلم فيه، علينا أن نعرف أن الآخر يسيطر سيطرة تامة على هذا الشخص، بحيث لا يستطيع التخلص من التفكير فيه. الكلام الدائم عن شخص ما أو قضية ما، أو موقف ما يعني أن الشخص المتبرم والشاكي والمتذمر، واقع في هذه الدائرة، وان الظروف أو الأخر الذي يتحدث عنها، قد تمكن منه كل التمكن، إلى درجة انه تحول عبدا له، يسيره وفق ما يريد، لا يستطيع الاستمرار في حياته، من دون الحديث عن هذا الشيء المسيطر. لا يستطيع الفكاك والخلاص من آثاره.
إن الطريقة الوحيدة التي أعرفها جيداً، هي التحرر التام من الموقف أو القضية أو الشخص، والابتعاد عن كل ما هو سلبي ومراقبته عن بعد، أي التوقف عن الحديث عنها، وعدم التفكير فيها، أو كما يقول الصديق والكاتب والروائي البحريني المعروف أمين صالح “طنشّ”، أي اترك الموضوع ولا تفكر فيه، كأنه لم يكن.
وإذا كنت تعرف جيداً أن ما تفكر فيه يفكر فيك، وما تزرعه تحصده، فإن تفكيرك السيئ في الآخرين، حتى ولو كانوا بكل هذه الأفعال أو السلوك السيئ، فانه يرجع عليك بمردود عكسي.
تصور انك قمت بمدح هذا المدير، واعتبرته أنه أحد المدراء الذين يحاولون أن يرفعوا أسهم الشركة مالياً ومهنياً، وأنه استطاع بحنكته وصبره إنقاذ حياة الكثيرين غير المهتمين بتطوير أنفسهم في العمل، أو أن الظروف الحياتية، مقارنة بدول ومجتمعات أخرى، لهي ظروف رائعة، فأنت تعيش في آمان، وتحصل على راتب مجزٍ من خلال عملك، وتسكن في بيت، وإن كان بالإيجار، وتملك سيارة توصلك إلى مكان عملك، وأولادك يدرسون في مدارسهم.
بالفعل.. سترى نفسك أكثر فرحاً وسعادة.
إن ظل تفكيرك على مدى اليوم بهذه الصورة الايجابية، وقبل النوم قمت وحمدت ربك، على ما أنت فيه من النعم التي لا تحصى ولا تعد، ستشعر انك غير محتاج للتبرم والشكوى اليومية، من جشع التجار وانقطاع الكهرباء والماء وزحمة الشوارع، وزيادة أسعار بنزين السيارة، وغيرها من الأمور التي تحدث في أفضل المجتمعات وارقاها.
إن مراقبة أفكارنا السلبية، وطردها عن السيطرة علينا ـ واستعبادنا، هي الخطوة الأولى التي تعيد أجسادنا إلى طاقتها الطبيعية وحيويتها الفطرية.
فلننظر للحياة، مهما كانت الظروف التي نمر بها صعبة وقاسية، ولنكن إيجابيين ولنتبع قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم).