نعود قليلاً إلى شهر سبتمبر الماضي، عندما أقيم الاجتماع المشبوه بين القائم بالأعمال الإيراني وعيسى قاسم، وهو اجتماع أثير حوله جدل واسع، ولكن من الواضح أن كثيراً من تفاصيله مازالت غير معلنة.
مصادر هامة تؤكد أن جزءاً مما دار في الاجتماع هو الاتفاق على خطة التصعيد خلال الفترة المقبلة، وهي الفترة التي نعيشها الآن، بحيث ترتفع وتيرة الأعمال الإرهابية. وأكدت هذه المصادر أن الخطة تقتضي بزيادة استهداف رجال الأمن، وهو ما شاهدنا نتائجه نهاية الأسبوع الماضي عندما استشهد رجل الأمن عمران أحمد. أيضاً تتضمن خطة التصعيد تنفيذ سلسلة اغتيالات ضد بعض الشخصيات الرسمية والإعلامية، وشل الحركة في المنطقة الدبلوماسية التي تمثل قلب العاصمة التجاري.
مثل هذه المعلومات الهامة لم يتم نفيها حتى الآن، والأهم من ذلك أنه يمكن مشاهدتها على أرض الواقع من خلال تصاعد وتيرة الإرهاب في مختلف المناطق. وعودة الجماعات الراديكالية إلى استغلال أدواتها الإعلامية لتكوين صورة نمطية بأن قرية العكر تشهد حصاراً، ووصل وصف الوضع إلى أن القرية تتعرض إلى «إبادة إنسانية»، و»قصف بالمدفعية».
لم تظهر حالياً ضغوط دولية لـ «فك الحصار» الكاذب عن قرية العكر، ولكن من المتوقع أن تظهر قريباً، فمواقف الحكومات الأجنبية لا تأتي بسهولة إلا بعد تدخل منظمات المجتمع المدني التي تضغط على حكوماتها للقيام بمثل هذه الضغوط.
يرتبط بذلك ما كشفت عنه وسائل الإعلام اللبنانية قبل أقل من أسبوع عندما بيّنت وجود شبكة تمتد من دمشق مروراً بلبنان ووصولاً إلى المنطقة الشرقية من السعودية ووصولاً إلى البحرين مدعومة من طهران لتنفيذ عمليات إرهابية في المنطقة تتزامن مع تصاعد تداعيات العقوبات الدولية المفروضة على إيران، والرفض الدولي لنظام الأسد الحليف لطهران في دمشق. هذه الشبكة تشمل ثلاثة مراكز أساسية وهي؛ دمشق، وبيروت، وبغداد، وطهران، وستتأثر المناطق المجاورة لها بشكل مباشر مع وجود مناطق استهداف جغرافياً دول مجلس التعاون من بينها.
الكشف عن الشبكة لم يكد تنتهي إلا ووقع انفجار الأشرفية التي استهدف شخصية لبنانية استخبارية رفيعة المستوى، وأثار ما أثار من اضطرابات داخل الأراضي اللبنانية من المتوقع أن تستمر تداعياته لفترة ليست بالقليلة.
ننتقل الكويت لنشهد موجة اضطرابات أخرى بسبب خلافات عميقة بين القوى السياسية والنظام ينتهي بأحداث دامية لم تعتد الكويت عليها من قبل، تتزامن مع اكتشاف السعودية دخول عناصر إيرانية أراضيها.
هذه الاضطرابات لا يمكن تحليلها بمعزل عن بعضها بعضاً، بل يجب فهمها في سياق واحد، ونتيجتها تصاعد عدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط، وهـــــو عدم استقرار لا توجد مؤشرات على نهايته قريباً.