في الاجتماع الحادي والثلاثين لوزراء الداخلية لدول مجلس التعاون الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض في الأسبوع الماضي، أكد وزير الداخلية معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في كلمته التي ألقاها في الاجتماع، على ضرورة التعاون الأمني بين دول الخليج العربية من خلال وضع الاستراتيجيات التي تكفل المحافظة على أمن واستقرار المنطقة. وقد أحاط الوزير المجتمعون بالأخطار المحدقة بدول الخليج، وبين في كلمته أن ما تتعرض له البحرين اليوم من عمليات إرهابية تهدد أمنها واستقرارها لا يعني بأي حال من الأحوال أن البحرين هي الدولة الوحيدة المستهدفة فقط، لكن الحقيقة أن جميع دول الخليج العربية مستهدفة أيضاً.
ما ذهب إليه الوزير في كلامه تؤكده الأحداث التي جرت في كل من القطيف والكويت، حيث إن كل الأدلة تثبت بالفعل أن ما يجري في الساحة الخليجية من أحداث، حتى وإن ظهرت في صورة مطالبات بالديمقراطية، إلا أن غايتها واحدة؛ وهي زعزعة الأمن والاستقرار في هذه المنطقة التي ظلت تنعم بالأمن والأمان منذ استقلالها بفضل سياسات الاعتدال والاتزان التي سار عليها حكام المنطقة في تسيير شؤون دولهم وتوظيف عائدات النفط في تنمية بلدانهم حتى وصلت إلى مستويات متقدمة في مجالات التنمية المختلفة كالتعليم والصحة والإسكان والطرق وغيرها من الخدمات، والتي باتت واقعاً ملموساً يشعر به المواطن الخليجي في كل دولة.
إن نعمة الأمن والأمان التي حظي بها مواطنو دول الخليج العربية وتحقيق هذه الدول معدلات نمو مرتفعة في التعليم والصحة وفي مختلف برامج التنمية؛ هي أحد الأسباب التي دفعت بعض الدول والحاسدين والمنتفعين من القريبين والبعيدين إلى إثارة بعض المشكلات التي لا تنكر دول الخليج بوجودها وقد عملت ـولا تزال- من أجل حلها أو التخفيف من حدتها وتداعياتها.
فالديمقراطية على سبيل المثال من القضايا التي يتم إثارتها بين حين وآخر في الأوساط السياسية والحقوقية والإعلامية الإقليمية والدولية، حيث تعيب بعض هذه الأوساط على دول الخليج بأنها «دول غير ديمقراطية»، بل يذهب البعض إلى أكثر من هذا الوصف ووصل الأمر عندهم إلى نعت هذه الدول «بالدكتاتورية»، وهو وصف غير صحيح وبعيد عن الواقع؛ لأننا نحن أهل الخليج لم نشعر يوماً أن أنظمتنا السياسية التقليدية «دكتاتورية»، بما يعنيه هذا المفهوم في الأدبيات السياسية وعلم الاجتماع السياسي، وبما نراه من معاناة الشعوب في المجتمعات التي تحكمها الأنظمة الدكتاتورية في كثير من دول العالم وبعض الدول العربية. صحيح أننا لم نصل إلى مراحل متقدمة في مجال الديمقراطية؛ إلا أننا في الوقت ذاته أننا ليست دول دكتاتورية، وإذا كان البعض يستشهد بالحراك السياسي الذي تشهده بعض أقطار دول الخليج، خصوصاً ما يجري في البحرين، فإن هذا الحراك الذي تقوده بعض الجماعات السياسية هو في ظاهره وفي عنوانه الكبير «المطالبة بالديمقراطية وتوسيع المشاركة السياسية»، لكن في حقيقته وأهدافه غير المرئية هو تقويض للأنظمة السياسية والإطاحة بها بمباركة وتشجيع من بعض القوى الإقليمية والدولية، وكما بين وزير الداخلية أن «دولنا اليوم تتعرض لهجمة استعمارية باسم حقوق الإنسان أو الحرية أو باسم الديمقراطية».
ونحن إذ نؤيد ما ذهب إليه الوزير، وهو العارف ببواطن الأمور وبدوافع أولئك الذين يقومون بالأعمال الإرهابية في الساحة البحرينية، نقول إن الديمقراطية التي يتغنى بها المغرضون وأرادوا عبر بوابتها الدخول إلى دول الخليج وإثارة الشارع الخليجي حولها، فإن رأينا حول هذه المسألة واضح وصريح وهو أن رفع شعار الديمقراطية هي كلمة حق يراد بها باطل، ونبني هذا الرأي في ضوء معطيات واقعية نشهدها على الأرض وتتمثل في أن الأنظمة السياسية في دول الخليج العربية تتعاطى مع هذه المسألة بشكل واضح وجلي، فهي -أقصد الأنظمة- لم تغفل مسألة الديمقراطية إطلاقاً منذ استقلالها، وحتى الآن وهي مدركة تمام الإدراك أن المجتمعات تتطور في كل مناحي الحياة ومن ضمنها الحياة السياسية.
لذا فقد سعت هذه الدول منذ فجر استقلالها نحو تحديث مجتمعاتها في كل المجالات، ولم يغب عن بالها التحديث السياسي، وإذا كانت بعض دول الخليج تسير ببطء في هذا الاتجاه؛ إلا أن البعض الآخر قد اختار هذا الطريق منذ وقت مبكر. وفي هذا السياق نستحضر تجربة الكويت، وهي الدولة الرائدة في هذا المجال، فقد اختارت الديمقراطية منهجاً للحكم، وكان الشيخ عبدالله السالم الصباح الذي يوصف بـ «أبو الديمقراطية» هو من وضع حجر الأساس للديمقراطية في الكويت عام 1962.
وسارت البحرين على نفس الدرب عشية الاستقلال عام 1973، وإذا كانت تجربة البحرين قد تعثرت لأسباب موضوعية يمكن تقديرها في تلك الفترة؛ إلا أن الفكرة لم تُلْغَ من عقل الدولة، بدليل أنه تم إحياؤها ولو بشكل من أشكال المشاركة السياسية من خلال إنشاء مجلس الشورى. كما تم تطوير هذه التجربة لتظهر بصورة غير بعيدة عن التطورات السياسية التي تجري في دول العالم كافة، لهذا نرى في المشروع الإصلاحي إحياءً جديداً للمشاركة السياسية من خلال الأخذ بنظام المجلسين كأسلوب في تطوير النظام السياسي، وهي فكرة ستسهم في رفع كفاءة مخرجات الأداء السياسي الشعبي فضلاً عن أنها تنسجم مع الخصوصية الثقافية لدول الخليج. في ضوء هاتين التجربتين نستنتج أن دول الخليج العربية سائرة على هذا الطريق، لكن دون أن يملي عليها أحد الأسلوب الذي ينبغي أن تتبناه في هذا المجال.
على أية حال نحن على يقين أن الديمقراطية ما هي إلا حجة يتحججون بها لتكون سبباً أو ذريعة للتدخل في شؤون دول الخليج العربية، ونحمد الله أن قادة دول الخليج العربية قد فطنوا إلى هذه اللعبة، لذا جاء الرد حين أوعزوا لوزراء الداخلية في بلدانهم بالتوقيع على الاتفاقية الأمنية بعد أن تم إدخال بعض التعديلات عليها بما يتناسب مع التحديات الأمنية التي استجدت في الساحة الخليجية، لكن التوقيع عليها ليس كافياً؛ إذ المطلوب هو تفعيلها، لذا كانت أسئلة الشيخ راشد بن عبدالله واضحة وصريحة في ختام كلمته عندما طالب نظرائه الخليجيين بالعمل على ترجمتها على أرض الواقع من خلال زيادة التعاون الأمني بين دول المجلس من خلال وضع استراتيجيات موحدة تكفل منع التهديدات التي تقوض أمن واستقرار المنطقة وتقف سداً منيعاً في وجه الإرهاب.
ما ذهب إليه الوزير في كلامه تؤكده الأحداث التي جرت في كل من القطيف والكويت، حيث إن كل الأدلة تثبت بالفعل أن ما يجري في الساحة الخليجية من أحداث، حتى وإن ظهرت في صورة مطالبات بالديمقراطية، إلا أن غايتها واحدة؛ وهي زعزعة الأمن والاستقرار في هذه المنطقة التي ظلت تنعم بالأمن والأمان منذ استقلالها بفضل سياسات الاعتدال والاتزان التي سار عليها حكام المنطقة في تسيير شؤون دولهم وتوظيف عائدات النفط في تنمية بلدانهم حتى وصلت إلى مستويات متقدمة في مجالات التنمية المختلفة كالتعليم والصحة والإسكان والطرق وغيرها من الخدمات، والتي باتت واقعاً ملموساً يشعر به المواطن الخليجي في كل دولة.
إن نعمة الأمن والأمان التي حظي بها مواطنو دول الخليج العربية وتحقيق هذه الدول معدلات نمو مرتفعة في التعليم والصحة وفي مختلف برامج التنمية؛ هي أحد الأسباب التي دفعت بعض الدول والحاسدين والمنتفعين من القريبين والبعيدين إلى إثارة بعض المشكلات التي لا تنكر دول الخليج بوجودها وقد عملت ـولا تزال- من أجل حلها أو التخفيف من حدتها وتداعياتها.
فالديمقراطية على سبيل المثال من القضايا التي يتم إثارتها بين حين وآخر في الأوساط السياسية والحقوقية والإعلامية الإقليمية والدولية، حيث تعيب بعض هذه الأوساط على دول الخليج بأنها «دول غير ديمقراطية»، بل يذهب البعض إلى أكثر من هذا الوصف ووصل الأمر عندهم إلى نعت هذه الدول «بالدكتاتورية»، وهو وصف غير صحيح وبعيد عن الواقع؛ لأننا نحن أهل الخليج لم نشعر يوماً أن أنظمتنا السياسية التقليدية «دكتاتورية»، بما يعنيه هذا المفهوم في الأدبيات السياسية وعلم الاجتماع السياسي، وبما نراه من معاناة الشعوب في المجتمعات التي تحكمها الأنظمة الدكتاتورية في كثير من دول العالم وبعض الدول العربية. صحيح أننا لم نصل إلى مراحل متقدمة في مجال الديمقراطية؛ إلا أننا في الوقت ذاته أننا ليست دول دكتاتورية، وإذا كان البعض يستشهد بالحراك السياسي الذي تشهده بعض أقطار دول الخليج، خصوصاً ما يجري في البحرين، فإن هذا الحراك الذي تقوده بعض الجماعات السياسية هو في ظاهره وفي عنوانه الكبير «المطالبة بالديمقراطية وتوسيع المشاركة السياسية»، لكن في حقيقته وأهدافه غير المرئية هو تقويض للأنظمة السياسية والإطاحة بها بمباركة وتشجيع من بعض القوى الإقليمية والدولية، وكما بين وزير الداخلية أن «دولنا اليوم تتعرض لهجمة استعمارية باسم حقوق الإنسان أو الحرية أو باسم الديمقراطية».
ونحن إذ نؤيد ما ذهب إليه الوزير، وهو العارف ببواطن الأمور وبدوافع أولئك الذين يقومون بالأعمال الإرهابية في الساحة البحرينية، نقول إن الديمقراطية التي يتغنى بها المغرضون وأرادوا عبر بوابتها الدخول إلى دول الخليج وإثارة الشارع الخليجي حولها، فإن رأينا حول هذه المسألة واضح وصريح وهو أن رفع شعار الديمقراطية هي كلمة حق يراد بها باطل، ونبني هذا الرأي في ضوء معطيات واقعية نشهدها على الأرض وتتمثل في أن الأنظمة السياسية في دول الخليج العربية تتعاطى مع هذه المسألة بشكل واضح وجلي، فهي -أقصد الأنظمة- لم تغفل مسألة الديمقراطية إطلاقاً منذ استقلالها، وحتى الآن وهي مدركة تمام الإدراك أن المجتمعات تتطور في كل مناحي الحياة ومن ضمنها الحياة السياسية.
لذا فقد سعت هذه الدول منذ فجر استقلالها نحو تحديث مجتمعاتها في كل المجالات، ولم يغب عن بالها التحديث السياسي، وإذا كانت بعض دول الخليج تسير ببطء في هذا الاتجاه؛ إلا أن البعض الآخر قد اختار هذا الطريق منذ وقت مبكر. وفي هذا السياق نستحضر تجربة الكويت، وهي الدولة الرائدة في هذا المجال، فقد اختارت الديمقراطية منهجاً للحكم، وكان الشيخ عبدالله السالم الصباح الذي يوصف بـ «أبو الديمقراطية» هو من وضع حجر الأساس للديمقراطية في الكويت عام 1962.
وسارت البحرين على نفس الدرب عشية الاستقلال عام 1973، وإذا كانت تجربة البحرين قد تعثرت لأسباب موضوعية يمكن تقديرها في تلك الفترة؛ إلا أن الفكرة لم تُلْغَ من عقل الدولة، بدليل أنه تم إحياؤها ولو بشكل من أشكال المشاركة السياسية من خلال إنشاء مجلس الشورى. كما تم تطوير هذه التجربة لتظهر بصورة غير بعيدة عن التطورات السياسية التي تجري في دول العالم كافة، لهذا نرى في المشروع الإصلاحي إحياءً جديداً للمشاركة السياسية من خلال الأخذ بنظام المجلسين كأسلوب في تطوير النظام السياسي، وهي فكرة ستسهم في رفع كفاءة مخرجات الأداء السياسي الشعبي فضلاً عن أنها تنسجم مع الخصوصية الثقافية لدول الخليج. في ضوء هاتين التجربتين نستنتج أن دول الخليج العربية سائرة على هذا الطريق، لكن دون أن يملي عليها أحد الأسلوب الذي ينبغي أن تتبناه في هذا المجال.
على أية حال نحن على يقين أن الديمقراطية ما هي إلا حجة يتحججون بها لتكون سبباً أو ذريعة للتدخل في شؤون دول الخليج العربية، ونحمد الله أن قادة دول الخليج العربية قد فطنوا إلى هذه اللعبة، لذا جاء الرد حين أوعزوا لوزراء الداخلية في بلدانهم بالتوقيع على الاتفاقية الأمنية بعد أن تم إدخال بعض التعديلات عليها بما يتناسب مع التحديات الأمنية التي استجدت في الساحة الخليجية، لكن التوقيع عليها ليس كافياً؛ إذ المطلوب هو تفعيلها، لذا كانت أسئلة الشيخ راشد بن عبدالله واضحة وصريحة في ختام كلمته عندما طالب نظرائه الخليجيين بالعمل على ترجمتها على أرض الواقع من خلال زيادة التعاون الأمني بين دول المجلس من خلال وضع استراتيجيات موحدة تكفل منع التهديدات التي تقوض أمن واستقرار المنطقة وتقف سداً منيعاً في وجه الإرهاب.