أعتقد أننا في البحرين نتعامل مع مشاريع عظيمة جداً، لكننا نهمل ونتجاهل التفاصيل الصغيرة والتروس الصغيرة التي تدير عجلة المشروع، والتي تحمل المشروع كله على أكتافها، والنتيجة أننا نصرف دم قلوبنا بالعملة الصعبة والنتيجة للأسف الشديد تكون أقل بكثير مما نتوقع؛ مشروع مدارس المستقبل تنفذه وتولد طاقته تروس مهمة جداً اسمها «اختصاصيو تكنولوجيا التعليم». أخصائيو تكنولوجيا التعليم في مدارس الحكومة يشكون تجاهل وزارة التربية والتعليم ورفض الوزير مقابلتهم لعرض شكواهم بخصوص بقائهم على الدرجة الرابعة للسنة الثامنة على تعيينهم، فمنذ عام 2005 وهم يراوحون مكانهم غير متاح لهم أي فرصة للترقي في عملهم ولا حتى يجدون رداً شافياً، والمسألة بسيطة جداً لا تستدعي التهرب والتسويف، كل الأمر مجرد سؤال مشروع يحتاج إلى رد موجز ومقنع؛ إلا أنهم مازالوا يتأرجحون حتى اليوم بين الوزارة التي تخبرهم كل مرة أن الموضوع عند ديوان الخدمة المدنية والديوان الذي يعيدهم إلى الوزارة بدعوى أن الهيكلة من اختصاصها.جاء في رد الوزارة على ملاحظات تقرير الرقابة المالية أنه «فيما يتعلق بالهيكل التنظيمي المعتمد من المفروض أن تستكمل وظائف الهيكل التنظيمي المعتمد للمشروع حال اكتمال المشروع نفسه، مع العلم أن إشغال وظائف هذا الهيكل يكون حسب الأولويات والمتطلبات الخاصة بكل مرحلة من مراحل تنفيذ المشروع، وفي ضوء ما يعتمد للوزارة من ميزانيات لأغراض التوظيف بالتنسيق مع ديوان الخدمة المدنية».السؤال هنا؛ هل أن اكتمال المشروع له توقيت محدد حتى تتضح الصورة للعاملين فيه؟ نحن نتكلم عن مشروع ضخم يرسم ملامح مستقبل التعليم في البحرين هيكلته مؤجلة حتى اكتماله، فلماذا لا يتم إعلام فريق العمل بصراحة أن هذا هو وضعكم النهائي أو أنه سينظر في وضعكم المؤقت حال اكتمال المشروع بعد سنة أو عشر؟لا أظن الأمر يستدعي تنشيف ريق ومشاوير من الوزارة إلى الخدمة المدنية والعكس، وما الذي يمنع أن يبت في أمرهم، خصوصاً أن عددهم محدود (أخصائي بكل مدرسة إضافة للاحتياط). وكما نعلم وتعلمون، أن المهمة التي يضطلع بها أولئك الاختصاصيون هي تنفيذ مشروع جلالة الملك لمدارس المستقبل، وهو ليس بالمشروع الهين، وبعض الدول حولنا قطعت في مشاريع تطوير التعليم أشواطاً هائلة فاقت بها دول العالم الأول، وتراهن الحكومات اليوم على الرهان الرابح الذي هو التعليم، فيما مشروع مدارس المستقبل، كما اتضح في تقرير الرقابة، تعلوه بعض علامات الاستفهام. إضافة لذلك، فالهيكلة لن تكتمل في المستقبل المنظور ما يعني أن يكون القائمون على مشروع مدارس المستقبل هم أنفسهم مستقبلهم مجهول باقون على نفس الدرجة متذمرين من وضعهم الوظيفي، وهذا في نهاية الأمر يؤثر سلباً على إنتاجيتهم ومن ثم على مخرجات المشروع ككل.