في أواخر عام 2008، وأثناء العدوان الإسرائيلي آنذاك على غزة، كانت لي زيارة مع وفد بحريني للقطاع، وهناك شاهدت من القتل والتدمير ما لا يمكن وصفه بكلمات، إذ تحولت غزة إلى مدينة أشباح.. قتلى ومصابون من كل الأعمار.. بيوت مدمرة على رؤوس ساكنيها.. مؤسسات وطنية تحولت إلى كومة من الركام.. شوارع خالية إلا من عويل أم ثكلى أو طفلة يتيمة..
هذه صورة مختصرة عن غزة نهاية 2008 وبداية 2009، وهي الآن ذاتها تتكرر منذ أسبوع، دون سبب أو مبرر واضح؛ سوى رغبة إسرائيلية عارمة في إراقة الدم الفلسطيني مرة ثانية وثالثة وعاشرة..، عشرات الشهدات ومئات المصابين، جلهم من الأطفال، حصيلة جديدة لعدوان إسرائيلي جديد، لم يرتو طوال عقود من الزمن شرب أنخاب الدم الفلسطيني على مرآى العالم ومسمعه وصمت عربي مخزٍ.
قبل ذلك وبعده سيبقى الدم الفلسطيني مغرياً لكل من أراد التخلص من عقده أو تصدير مشاكله؛ فمن مجازر دير ياسين وقبية، مروراً بتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين عام 1948، وصولاً إلى النكسة وأيلول الأسود وحصار مخيمات بيروت ومجازر صبرا وشاتيلا ومجازر حي البلديات العراقي ومخيم اليرموك السوري، كان الدم الفلسطيني هو الهدف.
المستغرب أن حالات الإدانة والشجب والاستنكار، وهي ما يقدر عليها العرب فقط، كانت تقف دائماً بلا حراك أمام هذه السيل من الدماء، خصوصاً إذا كان الجاني من أبناء جلدتهم، فميلشيات أمل الشيعية في لبنان ومن بعدها مليشا القوات اللبنانية، لم ترَ من «العين الحمرا» العربية ما يردعها عن التمادي في سفك دماء الفلسطينين، والمليشيا الطائفية في العراق والمدعومة من نظام الملالي في قم والنجف تُركت لها الساحة لتكمل ما بدأته من مجازر بحق أبناء الشعب الفلسطنيني في حي البلديات العراقي، مدفوعة فقط بفتاوى طائفية ترى في الفلسطيني السبب الوحيد لسنوات من القمع في العراق.
واليوم جاء دور مليشيا وشبيحة الأسد للقضاء على الوجود الفلسطيني في سوريا من خلال إرغام المخيمات على الدخول في حرب لا ناقة لهم فيها ولاجمل، سوى أنهم علقوا رغماً عنهم بين طرفين، فتم استهداف مخيم اليرموك وقتل العشرات من أبنائه ودفعهم إلى هجرة جديدة أو الموت على أسوار دمشق.
الحرب الإسرائيلية الآن على غزة لا يمكن قراءتها إلا من خلال حرب شاملة أعلنها «الأخ والصديق» قبل العدو ضد الوجود الفلسطيني، فما يزيد عن ستين عاماً من عمر نكبة فلسطين لا تزال تتكرر سيناريوهاته عشرات المرات، مرة بأيدٍ إسرائيلية عدوة، ومرات كثيرة بأيدٍ عربية «صديقة»، ويبقى الرد العربي واحداً.. شجب.. استنكار.. وإدانة.
^^ ورقة بيضاء..
غزة، وكل فلسطين، تحتاج من العرب الشرفاء أكثر من الدعاء وكلمات الشجب والاستنكار، تحتاج إلى فعل قوي يوازي حجم وفظاعة ما تتعرض له، فإذا لم تحركنا صورة أطفال عائلة «الدلو» التي تناقلتها وسائل الإعلام أمس الأول، والتي قضت عليهم غارة إسرائيلية على حي النصر شمال غزة، فلا معنى لإنسانيتنا وعروبتنا.
{{ article.visit_count }}
هذه صورة مختصرة عن غزة نهاية 2008 وبداية 2009، وهي الآن ذاتها تتكرر منذ أسبوع، دون سبب أو مبرر واضح؛ سوى رغبة إسرائيلية عارمة في إراقة الدم الفلسطيني مرة ثانية وثالثة وعاشرة..، عشرات الشهدات ومئات المصابين، جلهم من الأطفال، حصيلة جديدة لعدوان إسرائيلي جديد، لم يرتو طوال عقود من الزمن شرب أنخاب الدم الفلسطيني على مرآى العالم ومسمعه وصمت عربي مخزٍ.
قبل ذلك وبعده سيبقى الدم الفلسطيني مغرياً لكل من أراد التخلص من عقده أو تصدير مشاكله؛ فمن مجازر دير ياسين وقبية، مروراً بتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين عام 1948، وصولاً إلى النكسة وأيلول الأسود وحصار مخيمات بيروت ومجازر صبرا وشاتيلا ومجازر حي البلديات العراقي ومخيم اليرموك السوري، كان الدم الفلسطيني هو الهدف.
المستغرب أن حالات الإدانة والشجب والاستنكار، وهي ما يقدر عليها العرب فقط، كانت تقف دائماً بلا حراك أمام هذه السيل من الدماء، خصوصاً إذا كان الجاني من أبناء جلدتهم، فميلشيات أمل الشيعية في لبنان ومن بعدها مليشا القوات اللبنانية، لم ترَ من «العين الحمرا» العربية ما يردعها عن التمادي في سفك دماء الفلسطينين، والمليشيا الطائفية في العراق والمدعومة من نظام الملالي في قم والنجف تُركت لها الساحة لتكمل ما بدأته من مجازر بحق أبناء الشعب الفلسطنيني في حي البلديات العراقي، مدفوعة فقط بفتاوى طائفية ترى في الفلسطيني السبب الوحيد لسنوات من القمع في العراق.
واليوم جاء دور مليشيا وشبيحة الأسد للقضاء على الوجود الفلسطيني في سوريا من خلال إرغام المخيمات على الدخول في حرب لا ناقة لهم فيها ولاجمل، سوى أنهم علقوا رغماً عنهم بين طرفين، فتم استهداف مخيم اليرموك وقتل العشرات من أبنائه ودفعهم إلى هجرة جديدة أو الموت على أسوار دمشق.
الحرب الإسرائيلية الآن على غزة لا يمكن قراءتها إلا من خلال حرب شاملة أعلنها «الأخ والصديق» قبل العدو ضد الوجود الفلسطيني، فما يزيد عن ستين عاماً من عمر نكبة فلسطين لا تزال تتكرر سيناريوهاته عشرات المرات، مرة بأيدٍ إسرائيلية عدوة، ومرات كثيرة بأيدٍ عربية «صديقة»، ويبقى الرد العربي واحداً.. شجب.. استنكار.. وإدانة.
^^ ورقة بيضاء..
غزة، وكل فلسطين، تحتاج من العرب الشرفاء أكثر من الدعاء وكلمات الشجب والاستنكار، تحتاج إلى فعل قوي يوازي حجم وفظاعة ما تتعرض له، فإذا لم تحركنا صورة أطفال عائلة «الدلو» التي تناقلتها وسائل الإعلام أمس الأول، والتي قضت عليهم غارة إسرائيلية على حي النصر شمال غزة، فلا معنى لإنسانيتنا وعروبتنا.