كثيرة هي الأفلام الأمريكية التي حكت قصص رجال من الإدارة الأمريكية أو العسكرية الأمريكية المهووسين بمهامهم، والمتحمسين لتنفيذها بشكل حميم، يصل إلى درجة رفض الانصياع لأوامر إلغاء المهمة التي تصدر لهم من القيادات، ويصرون على إكمالها، فالأمر يتحول بالنسبة لهم هوساً شخصياً.
ورغم أنه من الملاحظ أن هناك تراجعاً كبيراً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية عن دعم ما سمي بالربيع العربي الهادف لسقوط الأنظمة التقليدية، بعد أن دق الجرس الأول للإنذار في حادثة السفير الأمريكي في ليبيا، ومن ثم الاعتداء على مبنى السفارة الأمريكية في القاهرة، وتلاه ما شهدته دول الربيع العربي من موجة التراجع السريع عن استحقاقات الديمقراطية من قبل القوى الإسلامية التي وصلت لسدة الحكم هناك.
وبالرغم من الاستدراك الأمريكي لتبعات ربما لم تكن في الحسبان لأثر سقوط الأنظمة التقليدية كما صرحت هيلاري كلينتون في شهادتها أمام الكونغرس بأنه اتضح بأن الفراغ السياسي في دول الربيع العربي فتح شهية قوى إسلامية متشددة كانت هي الأقدر على احتلاله وشهدت المنطقة ارتدادات عكسية لاستحقاقات الديمقراطية جعل من الولايات المتحدة الأمريكية تعيد النظر في دعم التغيير الراديكالي في الدول العربية والتوصية بالتطوير لا التغيير.
إلا أننا بالرغم من ذلك كله حين يتعلق الأمر بالنسبة لمملكة البحرين فإننا لا ندري حقيقة درجة «التراجع» الأمريكية عن فكرة إسقاط النظام البحريني، وهل فعلاً تحول الهدف من «إسقاط» إلى «إصلاح» أو «تطوير» أو بالإنجليزية هل تحولت المهمة الآن في البحرين «ايفالوشن نوت ريفالوشن» تطوير لا تثوير إن صح التعبير؟
كما إننا لا ندري ما هو مفهوم الإدارة الأمريكية لمعنى التطوير ومعنى الإصلاح الذي من الممكن أن «يرضي» الإدارة الأمريكية في البحرين وتعتبره «جاداً» ودرجة قبوله تسمح بأن تتراجع فيها الإدارة الأمريكية عن دعم جماعة الولي الفقيه، وتترك الأمر للقوى السياسية الوطنية في البحرين أن تتدافع بشكل تلقائي طبيعي سليم ديمقراطياً في ما بينها بعيداً عن رعايتها لإحدى تلك القوى؟
وهنا نعود للمقدمة التي بدأنا بها مقالنا فلا ندري إن كان سلوك السفير الأمريكي الداعم بشكل سافر لجمعية الوفاق ينبئ عن هوس وإصرار على إكمال المهمة التي بدأت عام 2011 رغم مؤشرات التراجع الإداري الأمريكي عنها، أم أن المشروع الأمريكي لإسقاط النظام مازال قائماً؟!!
إلى أي درجة تحول مشروع إسقاط النظام إلى هوس لدى السفير الأمريكي الذي جاء مندفعاً لتحقيق مهمة يريد أن يختم بها سيرته الذاتية بنجاح مكمل لنجاحه في العراق، وقد تم اختياره خصيصاً لهذه المهمة نهاية عام 2011، بمعنى أنه جاء في زمن ومرحلة تشكل قمة اندفاع إدارته لإكمال سلسلة الربيع العربي، ليفاجأ بصدور الأوامر له بأن يسحب خيوله حسب التعبير الأمريكي، و»يفرمل» بعد ظهور مؤشرات عديدة مقلقة تدعو الإدارة إلى مراجعة تكتيكاتها وربما مراجعة استراتيجيتها بالكامل، فهل التزم السفير بهذا التراجع، أم أن المهمة تحولت لهوس خاص ومهمة خاصة؟
إنما الذي نعرفه والظاهر للعيان بأن السفير الأمريكي أصبح مهووساً بمهمة إسقاط النظام البحريني ومندفعاً بلا «فرامل» في مساعدة إحدى القوى السياسية، فتحركاته الآن تجاوزت كل صور الحياد والكياسة والدبلوماسية المطلوبة من أي سفير يحترم نفسه.
فالمنطق السليم يدعو كل السفراء لتجنب الظهور الآن بمظهر الانحياز لأي من أطارف الصراع السياسي في البحرين، فأن يحوم السفير في العرين في وقت انعقاد الحوار الوطني سلوك يمثل بلوغ ذروة الوقاحة، وأن يجتمع مع «الوفاق» الآن في هذا الوقت وهي التي تتحاور مع قوى سياسية بحرينية أخرى للوصول لتوافق وطني، يعد مؤشراً خطيراً على اندفاعه وحماسه بما يخالف تصريحات دعم الحوار التي صدع بها رؤوسنا المسؤولون الأمريكيون الذين يأتون لزيارة البحرين، لقد أصبح سلوك هذا السفير يشكل خطراً حتى على المصالح الأمريكية.
فإن لم يكن السفير قد تصرف من تلقاء نفسه، وإن تحرك بهذه الصفاقة بناء على تعليمات واضحة من وزارة الخارجية الأمريكية فإن على الولايات المتحدة الأمريكية إذاً أن تراجع مواقفها من جديد وترى ما هي تبعات ذلك الاندفاع نحو العبث بمعادلة التوازن السياسي في مملكة البحرين بهذا الشكل والانحياز السافر لواحدة من القوى السياسية؟ ما هي انعكاسات عدم الوقوف بمسافة واحدة من الجميع كما تقتضيه الكياسة الدبلوماسية والارتماء في أحضان إحدى القوى السياسية؟ مما يشكل منعطفاً كبيراً على صعيد العلاقات الثنائية بينها وبين دول مجلس التعاون ككل لا بينها وبين البحرين فحسب.
الخلاصة إما أن السفير أصبح مهووساً بمهمة أعيد النظر فيها، أو أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تحسبها صح.
ونكمل في الغد....
ورغم أنه من الملاحظ أن هناك تراجعاً كبيراً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية عن دعم ما سمي بالربيع العربي الهادف لسقوط الأنظمة التقليدية، بعد أن دق الجرس الأول للإنذار في حادثة السفير الأمريكي في ليبيا، ومن ثم الاعتداء على مبنى السفارة الأمريكية في القاهرة، وتلاه ما شهدته دول الربيع العربي من موجة التراجع السريع عن استحقاقات الديمقراطية من قبل القوى الإسلامية التي وصلت لسدة الحكم هناك.
وبالرغم من الاستدراك الأمريكي لتبعات ربما لم تكن في الحسبان لأثر سقوط الأنظمة التقليدية كما صرحت هيلاري كلينتون في شهادتها أمام الكونغرس بأنه اتضح بأن الفراغ السياسي في دول الربيع العربي فتح شهية قوى إسلامية متشددة كانت هي الأقدر على احتلاله وشهدت المنطقة ارتدادات عكسية لاستحقاقات الديمقراطية جعل من الولايات المتحدة الأمريكية تعيد النظر في دعم التغيير الراديكالي في الدول العربية والتوصية بالتطوير لا التغيير.
إلا أننا بالرغم من ذلك كله حين يتعلق الأمر بالنسبة لمملكة البحرين فإننا لا ندري حقيقة درجة «التراجع» الأمريكية عن فكرة إسقاط النظام البحريني، وهل فعلاً تحول الهدف من «إسقاط» إلى «إصلاح» أو «تطوير» أو بالإنجليزية هل تحولت المهمة الآن في البحرين «ايفالوشن نوت ريفالوشن» تطوير لا تثوير إن صح التعبير؟
كما إننا لا ندري ما هو مفهوم الإدارة الأمريكية لمعنى التطوير ومعنى الإصلاح الذي من الممكن أن «يرضي» الإدارة الأمريكية في البحرين وتعتبره «جاداً» ودرجة قبوله تسمح بأن تتراجع فيها الإدارة الأمريكية عن دعم جماعة الولي الفقيه، وتترك الأمر للقوى السياسية الوطنية في البحرين أن تتدافع بشكل تلقائي طبيعي سليم ديمقراطياً في ما بينها بعيداً عن رعايتها لإحدى تلك القوى؟
وهنا نعود للمقدمة التي بدأنا بها مقالنا فلا ندري إن كان سلوك السفير الأمريكي الداعم بشكل سافر لجمعية الوفاق ينبئ عن هوس وإصرار على إكمال المهمة التي بدأت عام 2011 رغم مؤشرات التراجع الإداري الأمريكي عنها، أم أن المشروع الأمريكي لإسقاط النظام مازال قائماً؟!!
إلى أي درجة تحول مشروع إسقاط النظام إلى هوس لدى السفير الأمريكي الذي جاء مندفعاً لتحقيق مهمة يريد أن يختم بها سيرته الذاتية بنجاح مكمل لنجاحه في العراق، وقد تم اختياره خصيصاً لهذه المهمة نهاية عام 2011، بمعنى أنه جاء في زمن ومرحلة تشكل قمة اندفاع إدارته لإكمال سلسلة الربيع العربي، ليفاجأ بصدور الأوامر له بأن يسحب خيوله حسب التعبير الأمريكي، و»يفرمل» بعد ظهور مؤشرات عديدة مقلقة تدعو الإدارة إلى مراجعة تكتيكاتها وربما مراجعة استراتيجيتها بالكامل، فهل التزم السفير بهذا التراجع، أم أن المهمة تحولت لهوس خاص ومهمة خاصة؟
إنما الذي نعرفه والظاهر للعيان بأن السفير الأمريكي أصبح مهووساً بمهمة إسقاط النظام البحريني ومندفعاً بلا «فرامل» في مساعدة إحدى القوى السياسية، فتحركاته الآن تجاوزت كل صور الحياد والكياسة والدبلوماسية المطلوبة من أي سفير يحترم نفسه.
فالمنطق السليم يدعو كل السفراء لتجنب الظهور الآن بمظهر الانحياز لأي من أطارف الصراع السياسي في البحرين، فأن يحوم السفير في العرين في وقت انعقاد الحوار الوطني سلوك يمثل بلوغ ذروة الوقاحة، وأن يجتمع مع «الوفاق» الآن في هذا الوقت وهي التي تتحاور مع قوى سياسية بحرينية أخرى للوصول لتوافق وطني، يعد مؤشراً خطيراً على اندفاعه وحماسه بما يخالف تصريحات دعم الحوار التي صدع بها رؤوسنا المسؤولون الأمريكيون الذين يأتون لزيارة البحرين، لقد أصبح سلوك هذا السفير يشكل خطراً حتى على المصالح الأمريكية.
فإن لم يكن السفير قد تصرف من تلقاء نفسه، وإن تحرك بهذه الصفاقة بناء على تعليمات واضحة من وزارة الخارجية الأمريكية فإن على الولايات المتحدة الأمريكية إذاً أن تراجع مواقفها من جديد وترى ما هي تبعات ذلك الاندفاع نحو العبث بمعادلة التوازن السياسي في مملكة البحرين بهذا الشكل والانحياز السافر لواحدة من القوى السياسية؟ ما هي انعكاسات عدم الوقوف بمسافة واحدة من الجميع كما تقتضيه الكياسة الدبلوماسية والارتماء في أحضان إحدى القوى السياسية؟ مما يشكل منعطفاً كبيراً على صعيد العلاقات الثنائية بينها وبين دول مجلس التعاون ككل لا بينها وبين البحرين فحسب.
الخلاصة إما أن السفير أصبح مهووساً بمهمة أعيد النظر فيها، أو أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تحسبها صح.
ونكمل في الغد....