أثار انتباهي حقيقة ردود الأفعال المتباينة للبعض على مقالي الأسبوع الماضي الذي حمل عنوان «نيزك «تريزومي 21» يضرب كوكب الأرض»، وكيف أن الأغلبية ممن أعرفهم فرحوا بتزويدهم بمعلومات غفلوا عنها، وكان المبرر لهذا «الجهل» أن هذا الأمر ليس من اهتماماتهم، وأنه لا يهمهم البحث والتفتيش عن شيء لا يمت لهم بصلة، وكأن كل واحد فينا يضمن ماذا يخبئ له الزمن!
الأمر الذي جذبني إلى ذكريات المقعد الدراسي، وبالأخص لحصص التاريخ، تذكرت كيف كانت المعلمة تهدئ من انزعاجنا لدراسة كتاب التاريخ وحياة الفينيقيين أو الفراعنة أو الحرب العالمية الأولى، فكانت دوماً تردد أنه «يجب أن نثري عقولنا بالمعلومات ونتعلم من ماضي أجدادنا ونحضر لمستقبل أحفادنا فنحن لا نضمن ماذا يخفي لنا القدر»، وفي المقابل أواجه في مقالي بأنه «لا شيء يدعوهم لمعرفة هذه الأمور باعتبارها أنها ليست جزءاً منهم».
أما الفئة الثانية والتي شعرت بخجل كونها ليست ملمة بقدرات ذوي الإعاقة وخاصة «تريزومي 21»، أو «كروموزمي 21»، أو «متلازمة داون»، وما هو السبب العلمي لتسميتهم بهذا الاسم كانوا ينصتون وكأنهم يسمعون قصة من قصص جدتي، ومتحمسين بشدة، يريدون معرفة المزيد، إلى أن استوقفت خلال محادثة أحدهم بسؤالي: مارأيك بـ «متلازمة داون»؟ فرد علي: «حقيقة كنت أجهل عنهم الكثير»، فقلت له: «وما شعورك الآن»، فأجابني: «أقدرهم وأجد أنه لا بد من إعطائهم فرص التطوير في حياتهم».
استبشرت بكلامه خيراً، وقلت له جميل: «ممكن أن تقول لي عن اسم مدرسة ولدك لأنني أعرف طفلاً في نفس عمره، أود أن أخبر أهله عنها، لعلها تكون مدرسة مناسبة له، ويكون هذا الطفل زميلاً لولدك، إلا أنني فوجئت بأن وجهه تغير ورد علي بصوت متهدج قليلاً: «نعم بالتأكيد ولكن لا أعتقد أن المدرسة ستقبله»!!
يا سبحان الله، بهذه السرعة تبدلت المواقف، من إعطائهم حق التطور، إلى أن إدارة المدرسة ممكن أن ترفض!!
ولا تعليق على ما سمعته غير الصمت.
أما المجموعة الثالثة والتي رأت أنه كان لا بد أن أكتب عن الأشخاص الذين يقدمون الدعم لهذه الفئة. فلنتأمل قليلاً حولنا، هل يكفي أن أقول إن هذه الفئة يجب أن تأخذ حقها في الحياة وأنا واقفة مكتوفة اليدين؟ هل يكفي أن أقدم الدعم المادي وأنا عاجزة عن التغيير؟ هل يكفي أن أقول إني أحبهم وفي الوقت عينه لا أولي لهم الاهتمام والرعاية الكافية؟
فلنتأمل قليلاً، ما هي نسبة هؤلاء الأبناء من سوق العمل، ومن البرامج الرياضية الرائدة، ومن المحاور الثقافية الواعدة؟
فالأمر لا يمكن أن يرتبط فقط بمناسبة معينة بل يجب الحث على الاستمرارية الدائمة في العطاء وما يمكن أن نقدمه لهم كي يصلوا إلى مرحلة الإنتاج، يجب أن يتملكنا الإيمان بأنهم فئة منتجة وليست عالة على المجتمع.
ولا شك في أنه يوجد مجموعة من الأشخاص الذين يوفرون كل جهدهم ويسخرون كل طاقاتهم البدنية والفكرية والمادية، وأعمالهم يشهد لها التاريخ بوقوفهم إلى جانب أبنائنا من متلازمة داون، إلا أن يداً واحدة لا تصفق، وإن صفقت، فإن الصوت لن يكون عالياً.
عذراً من الجميع، ولكن لا يسعني استيعاب الشخصية الأنانية والسلبية، التي يعيش فيها «الأغلبية»، وأنا لاأزال مصرة على تعبير «الأغلبية»، لأن هذه هي الحقيقة التي نعيشها ولا نستطيع تجاهلها.
أبناؤنا من ذوي الإعاقة، الغد مشرق لكم بإذن الله.
ومن باب العلم بالشيء، اليوم العالمي للتوحد صادف 2 أبريل الجاري.
الأمر الذي جذبني إلى ذكريات المقعد الدراسي، وبالأخص لحصص التاريخ، تذكرت كيف كانت المعلمة تهدئ من انزعاجنا لدراسة كتاب التاريخ وحياة الفينيقيين أو الفراعنة أو الحرب العالمية الأولى، فكانت دوماً تردد أنه «يجب أن نثري عقولنا بالمعلومات ونتعلم من ماضي أجدادنا ونحضر لمستقبل أحفادنا فنحن لا نضمن ماذا يخفي لنا القدر»، وفي المقابل أواجه في مقالي بأنه «لا شيء يدعوهم لمعرفة هذه الأمور باعتبارها أنها ليست جزءاً منهم».
أما الفئة الثانية والتي شعرت بخجل كونها ليست ملمة بقدرات ذوي الإعاقة وخاصة «تريزومي 21»، أو «كروموزمي 21»، أو «متلازمة داون»، وما هو السبب العلمي لتسميتهم بهذا الاسم كانوا ينصتون وكأنهم يسمعون قصة من قصص جدتي، ومتحمسين بشدة، يريدون معرفة المزيد، إلى أن استوقفت خلال محادثة أحدهم بسؤالي: مارأيك بـ «متلازمة داون»؟ فرد علي: «حقيقة كنت أجهل عنهم الكثير»، فقلت له: «وما شعورك الآن»، فأجابني: «أقدرهم وأجد أنه لا بد من إعطائهم فرص التطوير في حياتهم».
استبشرت بكلامه خيراً، وقلت له جميل: «ممكن أن تقول لي عن اسم مدرسة ولدك لأنني أعرف طفلاً في نفس عمره، أود أن أخبر أهله عنها، لعلها تكون مدرسة مناسبة له، ويكون هذا الطفل زميلاً لولدك، إلا أنني فوجئت بأن وجهه تغير ورد علي بصوت متهدج قليلاً: «نعم بالتأكيد ولكن لا أعتقد أن المدرسة ستقبله»!!
يا سبحان الله، بهذه السرعة تبدلت المواقف، من إعطائهم حق التطور، إلى أن إدارة المدرسة ممكن أن ترفض!!
ولا تعليق على ما سمعته غير الصمت.
أما المجموعة الثالثة والتي رأت أنه كان لا بد أن أكتب عن الأشخاص الذين يقدمون الدعم لهذه الفئة. فلنتأمل قليلاً حولنا، هل يكفي أن أقول إن هذه الفئة يجب أن تأخذ حقها في الحياة وأنا واقفة مكتوفة اليدين؟ هل يكفي أن أقدم الدعم المادي وأنا عاجزة عن التغيير؟ هل يكفي أن أقول إني أحبهم وفي الوقت عينه لا أولي لهم الاهتمام والرعاية الكافية؟
فلنتأمل قليلاً، ما هي نسبة هؤلاء الأبناء من سوق العمل، ومن البرامج الرياضية الرائدة، ومن المحاور الثقافية الواعدة؟
فالأمر لا يمكن أن يرتبط فقط بمناسبة معينة بل يجب الحث على الاستمرارية الدائمة في العطاء وما يمكن أن نقدمه لهم كي يصلوا إلى مرحلة الإنتاج، يجب أن يتملكنا الإيمان بأنهم فئة منتجة وليست عالة على المجتمع.
ولا شك في أنه يوجد مجموعة من الأشخاص الذين يوفرون كل جهدهم ويسخرون كل طاقاتهم البدنية والفكرية والمادية، وأعمالهم يشهد لها التاريخ بوقوفهم إلى جانب أبنائنا من متلازمة داون، إلا أن يداً واحدة لا تصفق، وإن صفقت، فإن الصوت لن يكون عالياً.
عذراً من الجميع، ولكن لا يسعني استيعاب الشخصية الأنانية والسلبية، التي يعيش فيها «الأغلبية»، وأنا لاأزال مصرة على تعبير «الأغلبية»، لأن هذه هي الحقيقة التي نعيشها ولا نستطيع تجاهلها.
أبناؤنا من ذوي الإعاقة، الغد مشرق لكم بإذن الله.
ومن باب العلم بالشيء، اليوم العالمي للتوحد صادف 2 أبريل الجاري.