حادثة مبعــوث الرئيــس الأمريكــي الأخيــر وزيارتــه السريــة للمنامــة كشفــت جانبــاً مهماً من دور سفارة واشنطن في البلاد. فالحديث طوال الفترة الماضية كان يدور بشأن حقيقة وجود أجندة سياسية للسفارة تقوم على حتمية التغيير السياسي لأسباب ترتبط بشكل رئيس بالفريق الدبلوماسي في السفارة. في الوقت الذي كانت فيه قيادة الأسطول الأمريكي الخامس -ومقره المنامة- تؤكد غياب أجندة التغيير في ظل العلاقات والمصالح الاستراتيجية المشتركة، وكذلك الحال بالنسبة للمسؤولين في واشنطن عندما تزورهم شخصيات بحرينية مسؤولة. فهل تغيرت الأجندة؟ أم الأجندة مرتبطة فقط بالفريق الدبلوماسي في السفارة؟
المبعوث الأمريكي عندما التقى المسؤولين البحرينيين، وكذلك بعض علماء الدين والسياسيين وممثلي مكونات المجتمع انصدم بسبب وجود وجهة نظر أخرى مختلفة، وأبدى صدمته بشكل علني، إذ أشار إلى أن هناك وجهة نظر أخرى سائدة لدى البيت الأبيض، وهي طبعاً وجهة نظر الجمعيات السياسية الراديكالية، ومعروفة مفرداتها ورسائلها الأساسية.
إذن توجد حلقة مفقودة هنا، فرغم أن هناك شبكة واسعة من المنظمات والمصالح المتداخلة بين واشنطن والجمعيات السياسية الراديكالية في ما يتعلق بالتغيير السياسي كمشروع استراتيجي مستقبلي. إلا أن هناك لوبياً نافذاً للغاية يسعى لإغلاق باب التواصل لضمان وصول وجهة نظر أحادية كالتي نسمعها يومياً من فعاليات الجمعيات الراديكالية، ومنع وصول وجهات نظر أخرى، كما حدث عندما حاولت السفارة الأمريكية منع المبعوث الرئاسي من الاستماع لوجهات نظر مختلفة عن تلك التي تصله في تقارير السفارة الدورية.
بالتالي فإن الإشكالية تتركز في أن اللوبي الداعم لمشروع التغيير السياسي في واشنطن متنفذ ومسيطر على السفارة التي يديرها شخصية مثيرة للجدل كتوماس كراجيسكي باعتباره من مهندسي مشروع التغيير السياسي في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003. ويبدو أن العلاقات البحرينية - الأمريكية مرتهنة بوجهات نظر دبلوماسيي واشنطن في المنامة الذين باتوا يفضلون التضحية بتحالف استراتيجي قديم بين البلدين لصالح أجندة التغيير في الشرق الأوسط دون إدراك كامل وحقيقي لعواقب التغيير المستقبلي.
إذا حافظت واشنطن على فريقها الدبلوماسي الحالي فإن تأثير ذلك على العلاقات البحرينية - الأمريكية مزيد من التباعد الخطر.
نفهم جيداً وجهات نظر دوائر صنع القرار في واشنطن، واللوبي الداعم للتغيير والذي نقرأ أدبياته، ولكن الخسارة لن تكون للبحرين فقط، وإنما حتى لواشنطن التي يعني دعمها للتغيير في البحرين خسارة لحلفائها التقليديين في الخليج العربي.