تزايدت في الآونة الأخيرة شكاوى الأندية من الأخطاء التحكيمية وتصاعدت حدة الغضب من هذه الأخطاء إلى درجة تجاوزت السلوك الرياضي المثالي الأمر الذي دفع الاتحادات المعنية باتخاذ عقوبات متفاوتة - كل بحسب لوائحه الداخلية – والتي غالباً ما تدفع الأندية ثمنها. لست هنا بصدد الدفاع عن الحكام بشكل عام والمخطئين منهم بشكل خاص كما إنني لست بالمدافع عن المخطئين بحق هؤلاء الحكام مهما بلغت درجة أخطائهم وتأثيراتها السلبية على نتائج المباريات. أنا اليوم أريد أن يجسد الحكام في مختلف الألعاب الرياضية وخصوصاً الجماعية منها روح القانون في بعض الحالات التي تتطلب أن تتقدم فيها روح القانون على النصوص القانونية وذلك لضمان الوصول بالمباريات إلى بر الأمان وبالأخص تلك المباريات التي تحمل أهمية وتتسم بالحساسية الدقيقة كالمباريات المصيرية واللقاءات النهائية. في الآونة الأخيرة لمسنا تذمراً واسعاً من المدربين واللاعبين والمسؤولين في الاندية تجاه التحكيم في الألعاب الجماعية الأربع وبدرجات متفاوتة دون أن نجد في المقابل أي قرارات جادة تجاه الحكام المخطئين مما قد يؤزم العلاقة بين الأندية والاتحادات المعنية ويزيد من درجة الاستياء من الحكام! نحن اليوم في زمن أصبح فيه اللاعب والإداري المسؤول مطلعاً على القوانين أكثر مما كان علية الجيل السابق ولذلك نجد أن وعي أغلب اللاعبين والمسؤولين يجعلهم على درجة قريبة من الحكم في تقديراته عند اتخاذ أي قرار. من هنا تبرز أهمية التعامل بروح القانون في الحالات التي تستدعي ذلك وخصوصاً الحالات التقديرية التي تكون متروكة للحكم نفسه. صحيح أن شخصية الحكم تشكل العامل الرئيس في تحديد نجاحه من عدمه إلا أن كيفية المزج بين نصوص القانون وروحه تعتبر من العوامل الأساسية لتحديد هذه الشخصية حتى وإن كان الحكم لا يتمتع بالخبرة الكافية. لقد عايشنا حكاماً كانوا يمتلكون من الخبرة والدراية القانونية الشيء الكثير ولكنهم لم يكونوا حكاماً ناجحين بالمعنى المطلق للنجاح وتسببوا في الكثير من المشاكل والأزمات لأنهم كانوا يفتقدون للشخصية القوية بسبب عدم إجادتهم التعامل مع روح القانون على عكس بعض الحكام الشباب الذين نجحوا في شق طريقهم نحو التألق بفضل ثقافتهم القانونية العالية وإجادتهم لتطبيق روح القانون في المواقف التي تتطلب ذلك!
أتمنى أن يحذو حكامنا حذو الحكام المرموقين الذين يجسدون روح القانون ونصوصه في قراراتهم من أجل أن يوقفوا هذه الهجمة الشرسة التي يتعرضون إليها نتيجة الأخطاء المؤثرة وحتى يعززوا الثقة بينهم وبين من يتعاملون معه من لاعبين وإداريين. كما وأتمنى من الاتحادات الرياضية أن تكون منصفة في تقييمها للأداء التحكيمي وأن لا تتغاضى عن معاقبة الحكم المخطئ بحجة حمايته! في المقابل أرجو أن لا تصل ردود الأفعال على الأخطاء التحكيمية إلى الدرجة التي بدأنا نشاهدها في الآونة الأخيرة والتي لا تتفق إطلاقاً مع الروح الرياضية ولا تتفق مع عاداتنا وتقاليدنا وأخلاقياتنا التي تربينا عليها.