في عام 2001 أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن الحرب على الإرهاب بعد ما تعرضت له الأراضي الأمريكية من اعتداءات إرهابية من قبل تنظيم القاعدة. حينها دعا بوش العالم إلى المشاركة في الحرب الدولية ضد الإرهاب، وأكد أن الإرهاب ليس له دين أو هوية، وينبغي محاربته مهما كان مصدره وشكله.
كان مثل هذا الطرح تأكيد لدول العالم بأن الحرب على الإرهاب ليس لها علاقة بأيديولوجية، وإنما ترتبط بالتطرف مهما كان مصدره. وهو ما شجع حكومات دول العالم على المشاركة في هذه الحرب، ولكن الجدل سرعان ما احتدم بعد مرور نحو عقد من الزمن، وخروج الرئيس بوش من البيت الأبيض. فهل كانت بالفعل حرباً ضد الإرهاب؟
لا أعتقد أنها كانت كذلك، بقدر ما كانت حرباً أمريكية خالصة من أجل حماية المصالح الاستراتيجية الأمريكية، وتوسيع النفوذ الأمريكي أكثر فأكثر مقابل صعود قوى دولية جديدة تنافس واشنطن وفي مقدمتها الصين طبعاً. ومن أهم مخرجات هذه الحرب الدولية القناعة التامة بازدواجية المعايير الخاصة بحقوق الإنسان، والفوضى الخلاقة التي عمت الشرق الأوسط الآن.
الدول التي وقفت مع واشنطن في الحرب ضد الإرهاب ترى عدم جدوى الدعم الهائل الذي قدمته لها على مدى 12 عاماً، حيث تبيّن أن العدو المستهدف من هذه الحرب تطرف من نوع واحد فقط، وقائم على الهوية فقط وليس الأيديولوجيا كما كانت الإدارة الأمريكية قد أعلنت.
على مدى العقد المنصرم كان العدو المرتبط بالإرهاب هو التطرف السني فقط، وكان هناك تجاهل كبير بأنواع أخرى من التطرف ومثالها التطرف الشيعي في صورة أيديولوجيا وممارسات تيار ولاية الفقيه، فهو لا يختلف عن أي فكر إرهابي متطرف يستحق الحرب عليه.
لنتحدث قليلاً عن البحرين، فالمنامة دعمت منذ البداية واشنطن في حربها على الإرهاب، وقدمت لها الكثير من التسهيلات العسكرية لهذه الحرب، والتزمت بكافة القرارات الدولية والأممية في إطار الحرب على الإرهاب، وتجفيف منابعه. الدافع الأساس من هذا التوجه هو قناعة حكومة البحرين بضرورة المشاركة في الحرب على الإرهاب لأنها تمس السلم والأمن الدوليين، وتمس أيضاً المصالح الاستراتيجية البحرينية ـ الأمريكية المشتركة. والمصلحة الوطنية تقتضي دعم الحلفاء متى ما اقتضت الحاجة باعتبار أن الحلفاء هم الذين سيقفون في وقت الحاجة لهم.
بعد مرور 10 سنوات على بداية الحرب ضد الإرهاب، تبيّنت حقيقة الإرهاب الذي كانت واشنطن تحاربه، فهو الإرهاب السني ـ رغم أنه حقيقة ـ وكأنه لا يوجد تطرف سوى التطرف السني. وتجاهلت تماماً الإرهاب الشيعي ممثلاً في فكر ولاية الفقيه المتطرف المدعوم إيرانياً، رغم أن واشنطن قدمت فرصة ذهبية عندما ساهمت في صعود التطرف الشيعي في العراق بعد الغزو «2003» وأتاحت المجال لطهران نحو التمدد السياسي والاقتصادي هناك، حتى صارت حكومة العراق مرتهنة بقرارات طهران سياسياً أو دينياً.
البحرين تعرضت لموجة من الإرهاب وتصاعد العنف السياسي بسبب التطرف الشيعي الذي يمثله تيار ولاية الفقيه منذ فبراير 2011 وحتى مارس الجاري. ورغم ذلك مازالت واشنطن لا ترى هذا الإرهاب تماماً، بل تراه حقاً من حقوق الإنسان عندما تكون هناك مطالبات بمزيد من الحريات والإصلاحات.
واشنطن مازالت تتجاهل عمداً إرهاب ولاية الفقيه في البحرين، رغم أنها تصدر تحذيرات شبه أسبوعية لمواطنيها المقيمين في المنامة أو الراغبين في السفر إليها. ويبدو أن الإرهاب في النظرة الأمريكية يعني ضرورة ارتباطه بالتطرف السني، ولا يمكن أن يكون بأي شكل من الأشكال مرتبطاً بالتطرف الشيعي.
التباعد التاريخي الهام في العلاقات الخليجية ـ الأمريكية اليوم أحد أسبابه نظرة واشنطن للإرهاب في المنطقة، وتخاذلها الكبير عن دعم دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة الإرهاب والتطرف الشيعي حالياً. وإذا استمر الحال على ما هو عليه اليوم فإن هناك ضرراً كبيراً تجاه المصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة ستظهر نتائجه قريباً.
{{ article.visit_count }}
كان مثل هذا الطرح تأكيد لدول العالم بأن الحرب على الإرهاب ليس لها علاقة بأيديولوجية، وإنما ترتبط بالتطرف مهما كان مصدره. وهو ما شجع حكومات دول العالم على المشاركة في هذه الحرب، ولكن الجدل سرعان ما احتدم بعد مرور نحو عقد من الزمن، وخروج الرئيس بوش من البيت الأبيض. فهل كانت بالفعل حرباً ضد الإرهاب؟
لا أعتقد أنها كانت كذلك، بقدر ما كانت حرباً أمريكية خالصة من أجل حماية المصالح الاستراتيجية الأمريكية، وتوسيع النفوذ الأمريكي أكثر فأكثر مقابل صعود قوى دولية جديدة تنافس واشنطن وفي مقدمتها الصين طبعاً. ومن أهم مخرجات هذه الحرب الدولية القناعة التامة بازدواجية المعايير الخاصة بحقوق الإنسان، والفوضى الخلاقة التي عمت الشرق الأوسط الآن.
الدول التي وقفت مع واشنطن في الحرب ضد الإرهاب ترى عدم جدوى الدعم الهائل الذي قدمته لها على مدى 12 عاماً، حيث تبيّن أن العدو المستهدف من هذه الحرب تطرف من نوع واحد فقط، وقائم على الهوية فقط وليس الأيديولوجيا كما كانت الإدارة الأمريكية قد أعلنت.
على مدى العقد المنصرم كان العدو المرتبط بالإرهاب هو التطرف السني فقط، وكان هناك تجاهل كبير بأنواع أخرى من التطرف ومثالها التطرف الشيعي في صورة أيديولوجيا وممارسات تيار ولاية الفقيه، فهو لا يختلف عن أي فكر إرهابي متطرف يستحق الحرب عليه.
لنتحدث قليلاً عن البحرين، فالمنامة دعمت منذ البداية واشنطن في حربها على الإرهاب، وقدمت لها الكثير من التسهيلات العسكرية لهذه الحرب، والتزمت بكافة القرارات الدولية والأممية في إطار الحرب على الإرهاب، وتجفيف منابعه. الدافع الأساس من هذا التوجه هو قناعة حكومة البحرين بضرورة المشاركة في الحرب على الإرهاب لأنها تمس السلم والأمن الدوليين، وتمس أيضاً المصالح الاستراتيجية البحرينية ـ الأمريكية المشتركة. والمصلحة الوطنية تقتضي دعم الحلفاء متى ما اقتضت الحاجة باعتبار أن الحلفاء هم الذين سيقفون في وقت الحاجة لهم.
بعد مرور 10 سنوات على بداية الحرب ضد الإرهاب، تبيّنت حقيقة الإرهاب الذي كانت واشنطن تحاربه، فهو الإرهاب السني ـ رغم أنه حقيقة ـ وكأنه لا يوجد تطرف سوى التطرف السني. وتجاهلت تماماً الإرهاب الشيعي ممثلاً في فكر ولاية الفقيه المتطرف المدعوم إيرانياً، رغم أن واشنطن قدمت فرصة ذهبية عندما ساهمت في صعود التطرف الشيعي في العراق بعد الغزو «2003» وأتاحت المجال لطهران نحو التمدد السياسي والاقتصادي هناك، حتى صارت حكومة العراق مرتهنة بقرارات طهران سياسياً أو دينياً.
البحرين تعرضت لموجة من الإرهاب وتصاعد العنف السياسي بسبب التطرف الشيعي الذي يمثله تيار ولاية الفقيه منذ فبراير 2011 وحتى مارس الجاري. ورغم ذلك مازالت واشنطن لا ترى هذا الإرهاب تماماً، بل تراه حقاً من حقوق الإنسان عندما تكون هناك مطالبات بمزيد من الحريات والإصلاحات.
واشنطن مازالت تتجاهل عمداً إرهاب ولاية الفقيه في البحرين، رغم أنها تصدر تحذيرات شبه أسبوعية لمواطنيها المقيمين في المنامة أو الراغبين في السفر إليها. ويبدو أن الإرهاب في النظرة الأمريكية يعني ضرورة ارتباطه بالتطرف السني، ولا يمكن أن يكون بأي شكل من الأشكال مرتبطاً بالتطرف الشيعي.
التباعد التاريخي الهام في العلاقات الخليجية ـ الأمريكية اليوم أحد أسبابه نظرة واشنطن للإرهاب في المنطقة، وتخاذلها الكبير عن دعم دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة الإرهاب والتطرف الشيعي حالياً. وإذا استمر الحال على ما هو عليه اليوم فإن هناك ضرراً كبيراً تجاه المصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة ستظهر نتائجه قريباً.