لا تختلف خطبة الجمعة في يوليو 2011 للمدعو أحمد جنتي أمين مجلس صيانة الدستور الإيراني، التي قال فيها «يجب أن نفتح البحرين كما فتحنا إيران وطهرناها من براثن الاستعمار، يجب أن يفتح المسلمون هذا البلد وأن يحكم الإسلام البحرين»، وما قاله خليل المرزوق في تصريحه إن «السلطة تعيش مغالطة كبيرة في أصل وجود دولة على أسس حقيقية في البحرين، والبحرين لم تشهد قيام دولة منذ 200 سنة»، فكلاهما، جنتي والمرزوق متشابهان في العقيدة، مشتركان في الأصل والفصل، متطابقان في الهوية والفكر، ولا غرابة أن تتطابق أقوالهما وأفعالهما فهم من فصيلة «التتار» و»دار الدجال».
ونعود إلى خطبة «جنتي الإيراني»، التي على أثرها قامت وزارة الخارجية البحرينية بتايخ 10 يوليو 2011، بتسليم القائم بأعمال السفارة الإيرانية مذكرة احتجاج رسمية تدين فيها ما جاء في خطبة جنتي من إساءة وتهديد للبحرين، كما احتجت أيضاً دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية رسمياً لدى حكومة طهران على ما ورد في خطبة «جنتي»، معتبرة أن «ما جاء على لسان جنتي استفزاز وادعاء باطل وتتعارض مع قواعد حسن الجوار وميثاق الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والشرعية الدولية». ويبقى السؤال هنا ماذا عن تصريح «جنتي البحريني» الذي يحمل الجنسية البحرينية ويجلس على طاولة الحوار يناقش مستقبل البحرين؟ ماذا عمن يحمل جنسية دولة ثم ينكر وجودها ؟ فهل ستسكت الدولة، أو قد تستنكر أو توبخ بكتاب منمق فيه إشارة لطيفة وعبارة رقيقة، يراعى فيها تقديم السلام، وتختم بالشكر والاحترام؟ أو أنه لا كتاب ولا حساب، وستمر كما مر قبلها من كلام مس ويمس شرعية الدولة، وكلام يسيء إلى مكانة كبار المسؤولين فيها، ستمر كما مرت «ارحلوا»، ومرت عبارات التسقيط، ومرت صور المشانق والتوابيت، ومر الكثير الكثير وكأن ما مر سحاب وليس زلزالاً مدمراً، مازال يهز في البحرين، ويفتق شوارعها، ويقطع جسورها، ولازال يمرر ويمرر، حتى وصل إحساس «جنتي البحريني» بعدم وجود دولة حقيقية يعيش فيها، إحساسه قد يكون نابعاً بأنه لم تمس له شعرة، بل تمت دعوته إلى «العرين» لمحادثته ومعرفة ما في خاطره.
ونعود مرة أخرى إلى ما جاء على لسان «جنتي البحريني»، لنكشف الرياء والنفاق فهو مساعد الأمين العام لجمعية «الوفاق»، وما يأتي على لسانه فهو يمثل «الوفاق» رسمياً في تصريحاته وبياناته، فيقول «جنتي البحرين»، في نفس التصريح «نتساءل أيعقل أن تكون دولة وهي تقاد بشخص واحد»، وبهذا التصريح يكشف زيف «الوفاق»، التي تحاول أن تحقق مصالح سياسية، وتحصل على مبتغاها، ومنها دخول ميليشياتها المؤسسة العسكرية، والتي أشار إليها «جنتي البحريني» وفي نفس التصريح أيضاً، حيث قال «نطالب بانضمام كل المكونات للجيش وهذا حق وهذا جزء من كيان الدولة الحقيقية»، وهنا «مربط الفرس»، وهو التقاء «جنتي الإيراني» و»جنتي البحريني» بأن «يكون هناك فتح وتحرير البحرين من براثن الاستعمار العربي الذي قصده «جنتي إيران»»، يقابله خلايا في الجيش على أتم الاستعداد مضمونة الولاء تقع تحت يدها الدبابات والطائرات والمدافع ومخازن الأسلحة الخفيفة والثقيلة، تنتظر لحظة إعلان «جنتي إيران» لـ»الجهاد المقدس».
وفي الأخير، نرد على «جنتي البحريني» في تساؤله: هل الدولة الحقيقية موجودة أم لا؟ نقول له إن كنت تسأل عن دولة المملكة البحرينية الخليفية فهي موجودة رغم أنفك وقسمات وجهك الفارسية، وإن كنت تقصد في تساؤلك دولة «ولاية الفقيه» فهي غير موجودة في البحرين، ولن يكون لها وجود أبداً، إنها موجودة في بلاد «جنتي الإيراني»، التي نرجو أن تلحق به، لتستشعر بوجودك في دولتك الحقيقية عندما تعيش في كنف أخوالك وأعمامك وعلى أرض أجدادك، وتترك مملكة البحرين لشعب البحرين الذي يستشعر بوجود دولته في كل نسمة هواء يستنشقها، وفي كل شربة ماء يشربها، وفي كل حبة من ترابها يتحسس فيها آثار أقدام أجداده وأجداد أجداده، وهو الإحساس الذي تفتقده، إحساس حب الوطن الذي لن تعرفه ولن يعرفك أبداً.