الانفراد بالحكم وعزله عن الشعب هو وسيلة مجموعة الولي الفقيه للوصول إلى وضع مثالي يمنحهم فرصة تصفير دولة عمرها 200 عام ووضع عقد جديد يخولها حكم الدولة، ذلك ما تحلم به وتخطط له الوفاق.
أمس تحدثنا عن كوابيسها التي تريد إزاحتها كي تعزل الحكم عن شعبه من خارج طاولة الحوار، وتجبره على الجلوس معها وحدها على الطاولة بعد أن تقول «عملت اللي علي» لكن الحوار مسدود.
واليوم سندخل معهم لنرى تكتيكاتها المفضوحة والمكشوفة هي الأخرى لعزل الحكم عن شعبه والتحاور معهم وحدهم.
التكتيك الأول هو الضغط على عامل الاستقرار بربط الحوار بالعنف فحين يصرح موفد الوفاق في الحوار لقناة العالم بأنهم في الحوار «يعتمدون على سواعد الثوار» فذلك إقرار واعتراف بأن الوفاق تبتز شعب البحرين بتهديد بالعنف و بالإرهاب.
فالعنف الذي تشهده مناطقهم الغرض منه مساندة جولات الحوار ويتصاعد كلما حان موعد الجلسات، وهذا تكتيك فشلت فيه الوفاق لأنه لا القيادة ولا الشعب يقبل الابتزاز، بل حتى المجتمع الدولي بات يعرف أن الوفاق مدعومة من إيران وتستخدم العنف وسيلة ابتزاز «على فكرة هل كان هناك لقاءان لوزير الدولة البريطاني»!!
التكيتك الثاني والذي فشلت به هو أيضاً كان وضع شروط مسبقة بأن الحوار يضمها هي وحدها ومعها الحكم، ولم يخضع الشعب لابتزازها ولا لتهديدها، كما لم يخضع المجتمع الدولي لكذبها، وحين قال المجتمع الدولي وقال الشعب البحريني وقالت القيادة حوار بلا شروط أسقط في يدها.
وهي الآن تخشى أن تسمي طلبها تمثيل الملك في الحوار على أنه شرط، فالعم سام قال لها الدخول للحوار بلا شروط، لكن العم خام «خامنئي» يقول لها لابد من شرط تمثيل الحكم وهي حائرة الآن بين سام وخام!!
التكتيك الثالث الذي فشلت به إلى الآن هو تدويل الحوار، وهي تقاتل من أجل إدخال أي عنصر دولي، مرة كمراقب ومرة كخبراء ومرة كرفيق عشاء يحوم متأبطاً ذراع رفيقه قرب القاعات، يتبادلون الاتصالات!!
التكتيك الرابع مازالت تحلم به وهو عزل الحكم عن طريق تهميش الشعب بدفع ممثليه للانسحاب لتبقى هي وحدها وتجبر الحكم على التفاوض معها، وهنا نزلت في هذا التكتيك إلى الحضيض الأسفل من الوازع الأخلاقي. واستخدمت وسيلة يتنزه عنها اللسان، فشتموا أعضاء الشورى رجالاً و نساء وتلفظوا بألفاظ بذيئة تجاه عضو المجلس النيابي وهي سيدة، ولا أستبعد أن يقوموا بحركات بذيئة أيضاً فما قيل من ألفاظ هو كشف للعورة، وليس ببعيد أن يقوموا بهذا السلوك بالمعنى الحرفي للكلمة، لذلك فالحوار معهم أصبح بحاجة لرقابة تشطب أو تضع ستارة حاجزة بين البذاءة وبين بقية المتحاورين.
خامساً هم يعملون الآن عن قصة التمثيل النسبي وهي قصة محسومة وتجارب الدول في عملية التوافق الوطني كلها أكدت لهم أن العدد لا يعني شيئاً في حوارات التوافق فليس هناك تصويت وغلبة العدد داخل الحوار لا تعني شيئاً «أرجو متابعة برنامج كلمة أخيرة الليلة وسيتطرق ضيف الحلقة رشاد هورمزلو لتجربة تركيا في حوارها للتوافق الوطني المشابه».
سادسا سيحاولون إخراج المستقلين وما ذلك إلا لغرض استبعاد وجوه محددة من الحوار لأنها تحولت لكابوس قانوني ودستوري هو الآخر يعكر صفو أحلامهم.
سابعاً هم يخشون من تثبيت تسميتهم بالجمعيات الست، تمييزاً لهم عن جمعيات الائتلاف، لأنهم يظنون أنهم سجلوا ماركة «المعارضة» كملكية فكرية باسمهم.
ألا يعرفون أن توصيف «المعارضة» يمنح لأي حزب سياسي مرخص ويعمل وليس له تمثيل في السلطة التنفيذية؟ وبالتالي فجمعيات الائتلاف تعد معارضة حتى وإن كان للمنبر وزير وللأصالة وزير في الحكومة، وبغض النظر عن موقفهم من الحكومة في هذا المفصل موافقة أو اعتراضاً.
فهذا العدد الفردي لا يخرجها من تصنيف القوى السياسية غير الممثلة في الحكومة، وبالتالي فجمعيات الائتلاف هي الأخرى معارضة إلى أن تتشكل غالبية أعضاء السلطة التنفيذية منها.
إنما غرض الوفاق من تثبيت مصطلح «المعارضة» حكراً لها، كي تثبت واقعاً، ومن ثم تستغله لاحقاً على الأرض، فليس تشبثها بالمصطلح لمجرد المناكفة إنما كي يترتب عليه وضع سياسي محدد تحلم أن تستأثر به.
تكتيكها الثامن هو رمي بالونات اختبار، تقود جميعها إلى تصفير مؤسسات الدولة وإلغاء الشعب البحريني من الوجود وإبقائها هي مع حكم معزول عن شرعيته التاريخية وعن شرعيته الدستورية وعن شرعيته على أرض الواقع شعبياً، وأحيلكم هنا إلى مقال الزميل كمال الذيب في جريدة الأيام ليوم أمس والذي حلل فيه خطابهم في الوثيقة المسماة «وثيقة المبادئ والمصالح المشتركة» التي ألقوها كبالون اختبار لما يروجون له من طرح مستقبلي ويهدف في النهاية لإلغاء كل منجزات الشعب البحريني وخيانته بإلغاء وجوده من خلال إلغاء الميثاق كمرجعية صوت عليها وإلغاء الدستور والمؤسسات التشريعية التي شاركوا هم فيها لفصلين تشريعيين وإلغاء ممثلي الشعب أو إجبارهم على الانسحاب من الحوار.
«ضحكني فطحل الوفاق حين سئل ما تفسيره للتناقض بين كونه نائب لسلطة أقسم أن يحترمها ثم صرح أنه لا يعترف بها، فأجاب -ما شاء الله عليه- «أن تقسم بأنك تحترم شيء ما.. شيء، وأن تكون مقتنعاً به شيء آخر!!» .. «لا والأخ يقول فهمتون والا أفهمكم أكثر؟ ... لا رجاءً .. فهمنا.. فهمنا.. ما يحتاج تشرح أكثر..»
لم هذا الجهد كله الذي يبذل من أجل إقصاء الشعب البحريني؟ هم يريدون أن يصلوا لنتيجة بأن الحوار مسدود، وأنه لابد من تدخل ولي العهد أو جلالة الملك، ثم سيقولون الحوار مسدود ولابد من تدخل العم سام، والباقي عندكم على رأي ولدنا «الفاروق».
يبذلون الجهد لإلغاء شعب البحرين وتاريخه وإنجازاته وحقه، يعلمون على هدم الدولة بمن فيها وبنائها وفق أهوائهم، ولعقيل سوار تعبير جميل عن دور الجمعيات «اللي ما تصلي ولا تصوم»، وهي أنها هي التي تمسك بقرني الثور وتساعده على فعل هذه الخيانة.
كيف تريدون أن نلغي وصف الخيانة لمن يكرس كل هذا الجهد وهذا المخطط وهذه التكتيكات فقط لإلغاء شركائه في الوطن ومحوهم من الوجود؟ عن أي ثقة تتحدثون؟ دلوني على فعل واحد يتطابق مع بناء الثقة مع شركائكم؟ داخل أو خارج الحوار.
لو بذلتم نصف هذا الجهد للتقرب من شركائكم في الوطن لاختصرتم لفة طويلة وطريقاً وعراً اخترتم أن تسلكوه بإرادتكم، كل خطوة فيه باعدت بينكم وبين إخوتكم في الوطن آلاف الأميال، واليوم تبحثون عن ثقة؟ من أين؟