إحباط وامتعاض ومرارة، هي أقل ما يمكن أن نصف به شعور المتقاعدين حينما علموا برفض المقترح النيابي بزيادة رواتهم في القطاعين العام والخاص بواقع 150 ديناراً!!
نعم لا يمكن أن نصف شعور 37 ألف متقاعد بالقطاعين العام والخاص بغير ذلك، وهم الذين أفنوا زهرة شبابهم ليبنوا ويعمروا ويرفعوا من شأن البحرين التي وصلت لما هي عليه اليوم بجهود أبائنا وأجدادنا الأحياء منهم والأموات، المتقاعدين والذين هم على مشارف التقاعد.
بنت الحكومة رفضها مبررة أن قيمة المبالغ المالية المترتبة عن زيادة رواتب المتقاعدين في الموازنة العامة للدولة للعامين 2013-2014 تبلغ نحو 133.7 مليون دينار!! تقسم نحو 65.8 مليون دينار للعام 2013، ونحو 67.8 مليون للعام 2014، فهل هذه مبالغ ضخمة؟! وهل 1800 دينار زيادة سنوية لكل متقاعد كثيرة؟! ألا يستحق «شيابنه وعجايزنه» الله يطول في أعمارهم هذه الزيادة البسيطة؟!
أقول ذلك وأنا أستشهد بالأرقام الرسمية التي تؤكد أن نحو 14 ألف متقاعد تتراوح معاشاتهم بين 200-299 ديناراً يشكلون 44% من إجمالي المتقاعدين، نعم 44% من المتقاعدين يحصلون على هذه المبالغ الزهيدة بعد كل سنوات العمل والكفاح، ألا يستحق هؤلاء أن يرتاحوا وتحفظ كرامتهم في هذه السن المتقدمة التي غالباً ما يصل إليها المتقاعد، ألا يستحقون أن يشعروا بعدم الحاجة لأحد؟!
يذكر لي «بوعبدالله» وهو أحد المتقاعدين كنت قد التقيت به صدفة في أحد المجمعات التجارية ودار بيننا حديث بدأ بتعليقه على خبر رفض زيادة المتقاعدين، وقال لي بلهجة المعاتب «ليش ماتكتبون ليش ماتقولون؟ تره شيوخنه لو درو ماراح يرضون باللي يصير، ألحين إحنه مانستحق جم بيزه تحسن أوضاعنه؟!» يضيف بوعبدالله وهو الذي عمل في الميناء لأكثر من 35 سنة، أنه «يشعر بالحرج كلما زاره أبناؤه وأحفاده الذين يصل عددهم إلى 9 ويشعر أنه غير قادر على إعطائهم ولو مبلغاً قليلاً أو شراء هدية صغيرة لحفيد من أحفاده ستدخل الفرح لقلب «الشيبة» قبل الطفل»!!
نعلم إن الدولة بتوجيهات من جلالة الملك حفظه الله تسعى لتقديم كل الرعاية للمتقاعدين، وقد اعتمدت الحكومة في وقت سابق سلسلة من الإجراءات التي من شأنها تحسين معيشتهم، كان آخرها زيادة سنوية لا تقل عن 3% للمتقاعدين في القطاع الخاص أسوة بالعام بشقيه المدني والعسكري، كما صادق جلالة الملك على القانون رقم 58 لسنة 2009 بشأن حقوق المسنين حيث ورد في المادة التاسعة إصدار بطاقة خدمة المسن يمنح من خلالها تخفيض لا يقل عن 50% على الرسوم التي تفرضها المملكة، وسوف يبدأ العمل بها في مايو المقبل مع وجود مطالبات لتنويع وزيادة الخدمات المقدمة من خلالها، لكن كل ذلك يظل أقل من طموح المتقاعدين الذين يتمنون في المقام الأول حفظ كرامتهم من خلال رواتبهم بما يساعدهم على مواجهة متطلبات الحياة وسط موجة الغلاء التي طالت الجميع، يقول لي بوعبدالله «ياولدي العشرين دينار كانت تترس «جاري» كامل في السوبرماركت ألحين ماتسوي شي وبعد مايبون يزيدونه؟!».
في هذا السياق، وفي ما يتعلق بزيادة معاشات التقاعد، يرى بعض المختصين والاقتصاديين أنه وفي حال الخوف من زيادة العجز في ميزانية السنتين المقبلتين والتي تبلغ 660 مليون دينار للعام 2013، و752.9 مليون دينار للعام 2014، فإنه يجب التوجه إلى تسديد كلفة الزيادة من ميزانية هيئة التأمينات الاجتماعية والتي ستبلغ مع نهاية السنتين الماليتين نحو 5 مليارات دينار!!
نعم انظروا لحجم المبلغ الذي تصل إليه أموال هيئة التأمينات الاجتماعية «أموال المتقاعدين والموظفين» من خلال الأصول والسيولة والمحافظ الاستثمارية، وهي تعتبر وفرة يجوز معها بحسب المادة 16 نقطة 2 من قانون التأمينات «أنه في حال وجود مال زائد «وفرة» يرحل هذا المال إلى حساب خاص بالصندوق ويمكن صرفه بموافقة مجلس الإدارة على زيادة المعاشات والتعويضات والبدلات اليومية والمنح الإضافية والإعانات والمكافآت إلى آخره» إذن وبحسب القانون فإنه يمكن زيادة المعاشات التقاعدية من أموال هيئة التأمينات الاجتماعية، وبحسبة بسيطة من خلال صرف نحو 50% من العوائد السنوية الصافية، فعوائد الهيئة في حدود 600 مليون سنوياً، تصرف منها 240 مليوناً على المصاريف الإدارية والتأمينية على المتقاعدين ويبقى نحو 260 مليوناً عوائد صافية، من الممكن أخذ نصف هذا المبلغ وهو 130 مليوناً من أجل توفير المبالغ المطلوبة لزيادة المتقاعدين للسنتين الماليتين المقبلتين.
إن هذا الحل عملي وقانوني ويطرحه اقتصاديون ومختصون من ذوي الخبرة ممن عملوا لعقود في التأمينات من أجل زيادة معاشات التقاعد، أما إذا لم يعجبكم هذا الحل «فأعطوا الميزانية للزميل هشام الزياني لأني اقتنعت إنه راح يجيب للمتقاعدين والموظفين أحلى زيادة»*.
شريط إخباري:
هل يعقل أن تقدر أموال هيئة التأمينات الاجتماعية بخمسة مليارات دينار بنهاية 2014 ولا تصرف منها 133 مليون دينار فقط لزيادة المتقاعدين لسنتين؟!
* مقال «عطوني الميزانية.. وأجيب لكم أحلى زيادة» للكاتب هشام الزياني في صحيفة «الوطن» بتاريخ 31 مارس 2013.
{{ article.visit_count }}
نعم لا يمكن أن نصف شعور 37 ألف متقاعد بالقطاعين العام والخاص بغير ذلك، وهم الذين أفنوا زهرة شبابهم ليبنوا ويعمروا ويرفعوا من شأن البحرين التي وصلت لما هي عليه اليوم بجهود أبائنا وأجدادنا الأحياء منهم والأموات، المتقاعدين والذين هم على مشارف التقاعد.
بنت الحكومة رفضها مبررة أن قيمة المبالغ المالية المترتبة عن زيادة رواتب المتقاعدين في الموازنة العامة للدولة للعامين 2013-2014 تبلغ نحو 133.7 مليون دينار!! تقسم نحو 65.8 مليون دينار للعام 2013، ونحو 67.8 مليون للعام 2014، فهل هذه مبالغ ضخمة؟! وهل 1800 دينار زيادة سنوية لكل متقاعد كثيرة؟! ألا يستحق «شيابنه وعجايزنه» الله يطول في أعمارهم هذه الزيادة البسيطة؟!
أقول ذلك وأنا أستشهد بالأرقام الرسمية التي تؤكد أن نحو 14 ألف متقاعد تتراوح معاشاتهم بين 200-299 ديناراً يشكلون 44% من إجمالي المتقاعدين، نعم 44% من المتقاعدين يحصلون على هذه المبالغ الزهيدة بعد كل سنوات العمل والكفاح، ألا يستحق هؤلاء أن يرتاحوا وتحفظ كرامتهم في هذه السن المتقدمة التي غالباً ما يصل إليها المتقاعد، ألا يستحقون أن يشعروا بعدم الحاجة لأحد؟!
يذكر لي «بوعبدالله» وهو أحد المتقاعدين كنت قد التقيت به صدفة في أحد المجمعات التجارية ودار بيننا حديث بدأ بتعليقه على خبر رفض زيادة المتقاعدين، وقال لي بلهجة المعاتب «ليش ماتكتبون ليش ماتقولون؟ تره شيوخنه لو درو ماراح يرضون باللي يصير، ألحين إحنه مانستحق جم بيزه تحسن أوضاعنه؟!» يضيف بوعبدالله وهو الذي عمل في الميناء لأكثر من 35 سنة، أنه «يشعر بالحرج كلما زاره أبناؤه وأحفاده الذين يصل عددهم إلى 9 ويشعر أنه غير قادر على إعطائهم ولو مبلغاً قليلاً أو شراء هدية صغيرة لحفيد من أحفاده ستدخل الفرح لقلب «الشيبة» قبل الطفل»!!
نعلم إن الدولة بتوجيهات من جلالة الملك حفظه الله تسعى لتقديم كل الرعاية للمتقاعدين، وقد اعتمدت الحكومة في وقت سابق سلسلة من الإجراءات التي من شأنها تحسين معيشتهم، كان آخرها زيادة سنوية لا تقل عن 3% للمتقاعدين في القطاع الخاص أسوة بالعام بشقيه المدني والعسكري، كما صادق جلالة الملك على القانون رقم 58 لسنة 2009 بشأن حقوق المسنين حيث ورد في المادة التاسعة إصدار بطاقة خدمة المسن يمنح من خلالها تخفيض لا يقل عن 50% على الرسوم التي تفرضها المملكة، وسوف يبدأ العمل بها في مايو المقبل مع وجود مطالبات لتنويع وزيادة الخدمات المقدمة من خلالها، لكن كل ذلك يظل أقل من طموح المتقاعدين الذين يتمنون في المقام الأول حفظ كرامتهم من خلال رواتبهم بما يساعدهم على مواجهة متطلبات الحياة وسط موجة الغلاء التي طالت الجميع، يقول لي بوعبدالله «ياولدي العشرين دينار كانت تترس «جاري» كامل في السوبرماركت ألحين ماتسوي شي وبعد مايبون يزيدونه؟!».
في هذا السياق، وفي ما يتعلق بزيادة معاشات التقاعد، يرى بعض المختصين والاقتصاديين أنه وفي حال الخوف من زيادة العجز في ميزانية السنتين المقبلتين والتي تبلغ 660 مليون دينار للعام 2013، و752.9 مليون دينار للعام 2014، فإنه يجب التوجه إلى تسديد كلفة الزيادة من ميزانية هيئة التأمينات الاجتماعية والتي ستبلغ مع نهاية السنتين الماليتين نحو 5 مليارات دينار!!
نعم انظروا لحجم المبلغ الذي تصل إليه أموال هيئة التأمينات الاجتماعية «أموال المتقاعدين والموظفين» من خلال الأصول والسيولة والمحافظ الاستثمارية، وهي تعتبر وفرة يجوز معها بحسب المادة 16 نقطة 2 من قانون التأمينات «أنه في حال وجود مال زائد «وفرة» يرحل هذا المال إلى حساب خاص بالصندوق ويمكن صرفه بموافقة مجلس الإدارة على زيادة المعاشات والتعويضات والبدلات اليومية والمنح الإضافية والإعانات والمكافآت إلى آخره» إذن وبحسب القانون فإنه يمكن زيادة المعاشات التقاعدية من أموال هيئة التأمينات الاجتماعية، وبحسبة بسيطة من خلال صرف نحو 50% من العوائد السنوية الصافية، فعوائد الهيئة في حدود 600 مليون سنوياً، تصرف منها 240 مليوناً على المصاريف الإدارية والتأمينية على المتقاعدين ويبقى نحو 260 مليوناً عوائد صافية، من الممكن أخذ نصف هذا المبلغ وهو 130 مليوناً من أجل توفير المبالغ المطلوبة لزيادة المتقاعدين للسنتين الماليتين المقبلتين.
إن هذا الحل عملي وقانوني ويطرحه اقتصاديون ومختصون من ذوي الخبرة ممن عملوا لعقود في التأمينات من أجل زيادة معاشات التقاعد، أما إذا لم يعجبكم هذا الحل «فأعطوا الميزانية للزميل هشام الزياني لأني اقتنعت إنه راح يجيب للمتقاعدين والموظفين أحلى زيادة»*.
شريط إخباري:
هل يعقل أن تقدر أموال هيئة التأمينات الاجتماعية بخمسة مليارات دينار بنهاية 2014 ولا تصرف منها 133 مليون دينار فقط لزيادة المتقاعدين لسنتين؟!
* مقال «عطوني الميزانية.. وأجيب لكم أحلى زيادة» للكاتب هشام الزياني في صحيفة «الوطن» بتاريخ 31 مارس 2013.