في الوقت الذي يفكر فيه المواطن المحرقي قبل أن يعود إلى منزله، في أن يجد موقفاً لسيارته في دواعيس المحرق، فقط يفكر في موقف لا غير، هنالك من يفكر من المسؤولين أن يعطوا ما تبقى للناس من أراضٍ محرقية لمستثمر هنا أو هناك ليُقيم عليها مجمعاً تجارياً وكأن الناس (قاصرتها الزحمة)!
قبل أن يعود أي محرقي إلى بيته يفكر وهو في طريق عودته في السؤال الأهم؛ هل سأجد موقفاً لسيارتي؟ أم إنني سأظل أقطع المحرق ذهاباً وإياباً للحصول على (بارك)؟
في هذا الجو المضحك المبكي يفكر بعض المسؤولين في تحويل بعض الأراضي التي ينتظرها الأهالي من أجل تحويلها إلى مواقف لسياراتهم، بحجزها لسنين طويلة وتحويلها لمشروع تجاري دون مراعاة خصوصية محافظة المحرق، التي أصبحت كلها (Full) من الناس والسيارات والعمالة الأجنبية والمتاجر، فماذا تبقى من المحرق وأراضيها حتى أصبحنا نفكر ببناء مشاريع تجارية واستثمارية فيها؟
من يتعمد ويصرّ أن يطرح المحرق كمكان للاستثمار التجاري؛ نقول له إنك اخترت المكان الخطأ، لأن للاستثمار بيئته ومجالاته وأماكنه المختصة والمخصصة، أما المحرق ودواعيسها وفرجانها الضيقة جداً، فإنها لا تصلح لمثل تلك المشاريع الكبيرة، ومن يصر على ذلك من المسؤولين فإنه يصر على منع مواقف السيارات وراحة بال أهل المحرق.
يا أخي، أهل المحرق وخلال التقائي بهم، وخصوصاً أهالي الدائرة الثالثة، لا يريدون أن تُستثمر الأراضي المتبقية لإقامة مشاريع استثمارية عليها، بل كل ما يريدونه مواقف لسياراتهم لا غير، وعليه لا داعي للعناد وكسر رغبة أهالي المحرق، بل والسير في الاتجاه المعاكس لحاجاتهم الضرورية، فقط ليقول هؤلاء لمن يقطنون في محافظة المحرق إن منطقتكم بيئة خصبة للاستثمار.. (يا أخي المسألة مب بالقوة ولا بالفشخرة)، فأعطي الناس ما يرغبون به وما يحتاجون إليه (وخلاص).
أكبر مثال على هذه المأساة هي مشكلة كراج بلدية المحرق، هذا الكراج الذي يضم بين دفتيه كل (كَجَرَات) وأوساخ ومخلفات وأنقاض محافظة المحرق، مما أدى لانتشار الأمراض عبر وجود الحشرات والكلاب والقطط وكل أنواع القوارض، والتي غزت منازل الأهالي المجاورة، كل ذلك كان بحجة أن هنالك من يريد استثمار الأرض لإقامة مشروع تجاري عليها، وأخيراً فشلت الصفقة مع المستثمر، وخسر الأهالي لأعوام طويلة هذه الأرض التي مازال أهالي ثالثة المحرق يحلمون بها كمواقف لسياراتهم.
ربما المسألة -حسب المسؤولين- تحلّ قريباً، لكن ما الفائدة من إضاعة الوقت والتلاعب بقيمته وبمشاعر أهالي الدائرة الثالثة تحديداً من أجل مستثمر، أو من أجل مجمع تجاري؟
أهالي المحرق كلهم اليوم، وخصوصاً أهالي المناطق القديمة، يصرخون بأعلى أصواتهم إنهم يريدون حلاً جذرياً لقضاياهم، التي هي أهم من كل المجمعات التجارية التي يحلم بها المسؤولون في بنائها بين منازلهم. هم يريدون مواقف للسيارات، وتطوير مناطقهم، وإنشاء المزيد من المدارس والحدائق والمراكز الصحية وتوفير كافة الخدمات الأخرى، وعلى رأسها تخصيص مواقف للسيارات تكون لهم خالصة لا للعمالة الآسيوية والشركات، وحتى إن تم الأمر باستملاك كل الأراضي، وعلى رأسها كراج بلدية المحرق، فهل وصلت الرسالة كاملة أم مازال حلم المجمع التجاري يراودك يا مسؤول؟.