يوجد اتفاق بين الباحثين على أن هناك أربعة عوامل يجب توافرها تعجل من انهيار أي نظام حاكم خاصة في الدول المتسلطة، ومن بينها بالطبع النظام السوري. أول هذه العوامل؛ تفكك الائتلاف الحاكم، واختلافه فيما يتعلق بطريقة معالجة الأزمة القائمة للنظام السوري، وثاني هذه العوامل؛ التماسك والتنسيق بين القوى المعارضة وحملها لشعارات سياسية بالأساس، وثالث العوامل؛ الاقتصاد السياسي لانهيار النظام، خصوصاً فيما يتعلق بدعم رجال الأعمال للنظام وضخ الأموال لمساندته، واللحظة التي يرون أن التمسك بالنظام يضيَّع عليهم أموالهم يتخلون عنه. ورابع هذه العوامل؛ دعم القوى الدولية والإقليمية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن دعم الخارج لا يأتي إلا بعد قابلية النظام الداخلي للانهيار، خصوصاً تماسك قوى المعارضة وتفكك الائتلاف الحاكم.
لذا قد يستغرب البعض أن الخطاب السياسي الأمريكي والفرنسي طالب برحيل الأسد، إلا أنه مازال في الحكم، وتزداد يومياً العمليات العسكرية ضد الشعب السوري بالآليات العسكرية بما فيها الطيران. وهنا يكون الرد أن النظام السوري لم يصل بعد إلى لحظة الانهيار، وأن قابليته للانهيار لم تحن بعد لعاملين رئيسيين؛ تماسك الائتلاف الحاكم رغم بعض الانشقاقات ولكنها انشقاقات هامشية، وتفكك وعدم التنسيق بين قوى المعارضة السورية. فعلى الأقل توجد قوى معارضة مثل؛ اللجان التنسيقية، والجيش السوري الحر، والمجلس الوطني المعارض.. وغيرها. تقترب بعض الأمور فيما بينها وتختلف حول التعامل مع النظام السوري، خصوصاً قضية لحظة الحسم؛ هل تأتي من الداخل أم من الخارج؟ فبعض القوى المعارضة يعول على القوى الدولية أكثر من القوى المعارضة داخل سوريا.
وكذلك الحال بالنسبة للدول العربية التي أعلنت صراحة ضرورة رحيل الأسد عن الحكم؛ فخطابها يساند قوى المعارضة، لكنه أيضاً يجب أن يركز على أن حسم الصراع في سوريا سيأتي من الداخل السوري، وأن دعمهم لقوى المعارضة الأفضل سيتمثل في التنسيق فيما بينها، وتوحيدها خاصة فيما يتعلق بطريقة الحسم، والتخلص من الأسد.
وفيما يتعلق بالقوى الإقليمية والدولية الداعمة للنظام السوري، خصوصا إيران وحزب الله والصين وروسيا، فترى الأزمة السورية من منظورين؛ الأول متعلق بأن النظام السوري مازال متماسكاً ولم يتفكك بعد، والثاني أن انهيار النظام الذي ساندته يعني سيطرة القوى الدولية الداعمة للتغيير في سوريا. وبالتالي لن يكون لها موطئ قدم في سوريا بعد الأسد.
وختاماً، يمكن القول إن لحظة انهيار النظام السوري لم تحن بعد رغم دعم الخطاب السياسي لبعض القوى الإقليمية والدولية، لأن الموقف الدولي الداعم للتغيير تحدث آثاره عند قابلية النظام السوري للانهيار، خصوصاً فيما يتعلق بتماسك الائتلاف الحاكم الذي مازال قائماً، وعدم تماسك قوى المعارضة التي مازالت مختلفة في طريقة تخلصها من الأسد. ومن ثم على المعارضة السورية أن توحِّد صفوفها، وتتفق فيما بينها على طريقة التخلص من نظام الأسد، فالتخلص من هذا النظام التسلطي لن يأتي سوى من داخل سوريا.