جاءت نتائج تصويت 724 مشاركاً في استطلاع للرأي قام به موقع «روسيا اليوم» الإلكتروني من أجل معرفة «ما هو هدف إسرائيل من عمليتها في غزة؟» على النحو التالي:
«16.02% (116) تصفية المسلحين والحد من إطلاق الصواريخ على المناطق الإسرائيلية. 45.58% (330) عرقلة التوجه الفلسطيني لنيل اعتراف في الأمم المتحدة. 38.4% (278) تحقيق أغراض انتخابية لنتنياهو».
طبيعة الأسئلة ونتائج التصويت تكشف عن مسألتين، في غاية الأهمية، فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، الأولى هي أن هناك عنصراً مشتركاً، يقوم على توجيه ضربة عسكرية لغزة، يجمع بين الأهداف الثلاثة التي عرضها الاستفتاء، إذ يصعب حصر المسألة في هدف واحد، نظراً لتداخل القضايا السياسية ذات العلاقة بالصراع، ولهذا السبب جاءت إجابات في «تحقيق أغراض انتخابية لنتنياهو» قريبة جداً من «نيل الاعتراف». أما الثاني وهو الأهم، فهو كما يقال، «وضع العصي في دولاب» المساعي الفلسطينية النشطة هذه الأيام من أجل تحقيق مكسب في الأروقة العالمية مثل الأمم المتحدة. وهذه نتيجة منطقية نظراً لعمق ترابط علاقة الأوضاع الداخلية الإسرائيلية، أكثر من أية دولة أخرى، بعلاقاتها الخارجية، ومصدر ذلك طبيعة تكون هذا الكيان، ومسارات التطور الذي سلكها لترسيخ وجوده الاستعماري.
فعلى المستوى الأول الخارجي، تنسجم نتائج استطلاع الرأي ذلك مع ما نقله موقع الأمم المتحدة عن المراقب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور الذي عقد مؤتمراً صحافياً قال فيه «إن إسرائيل تصعّد حملتها العسكرية ضد الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، مضيفاً أن العدوان الإسرائيلي يتزامن مع جهودنا في الجمعية العامة من أجل تغيير وضع فلسطين لتصبح دولة مراقبة».
أما بالنسبة للثاني الداخلي، فقد فضحت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، وأكثر وضوحاً منها تحليلات المعلقين السياسيين اليهود، تلك الأهداف الداخلية الخفية وراء العملية، حيث كتبت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة «يديعوت أحرنوت»، سيما كدمون، مؤكدة على أن «نتنياهو غيّر الأجندة أمس، لكن لا يمكن الادعاء أن العملية في غزة تتم لاعتبارات سياسية، فالوضع في الجنوب لا يحتمل ولا يقبل التأجيل، مضيفة بأن الفترة الزمنية المتبقية حتى الانتخابات، (شهران) لا تدل على وجود خدعة غايتها تحويل الأجندة الاجتماعية إلى أجندة أمنية تصب في مصلحة نتنياهو، مستدركة بأنه حتى لو لم يكن للانتخابات تأثير على العملية في غزة، فإنه سيكون للعملية تأثير على الانتخابات، ولا أحد يعرف كيف سنخرج من هذه العملية».
يشاطر كدمون في تحليلها هذا رئيس تحرير صحيفة «هآرتس» ألوف بن، الذي أشار إلى أنه «عندما يشعر الحزب الحاكم أنه مهدد في صندوق الاقتراع فإن أصبعه يصبح خفيفاً على الزناد»، وربط ألوف بن، بين عملية «عمود السحاب» الحالية وبين ثلاث عمليات عسكرية سبق وأن نفذها الجيش الإسرائيلي، الأولى «ما حدث عشية انتخابات العام 1981 عندما تم تدمير المفاعل النووي العراقي، (والثانية) عندما تم تنفيذ عملية (عناقيد الغضب) في لبنان عشية انتخابات العام 1996، و(الثالثة) عملية (الرصاص المصبوب) عشية انتخابات العام 2009، لكن في الحالتين الأخيرتين خسر الحزب الحاكم الحكم».
في السياق ذاته نشرت صحيفة «جيروساليم بوست»، على موقعها الإلكتروني، كما تناقلت وكالات الأنباء «أن كافة الأحزاب السياسية الإسرائيلية علقت حملاتها الانتخابية حيث تدخل عملية (عمود السحاب) الهجومية ضد غزة يومها الثاني».
ينقص استطلاع الرأي الذي نتناوله، سؤال رابع هو، هل هناك بعد ديني للعملية؟ ولربما كان لهذا السؤال أن يتبوأ المرتبة الأولى في نتائج ذلك الاستبيان للرأي، لو أضيف إلى قائمة الأسئلة. ما يدفعنا لذلك مجموعة من الحقائق على الأرض، الأولى هو الاسم الذي أطلقته تل أبيب على العملية وهو «عمود السحاب»، والمستمد من قصة الملاك الذي رافق بني إسرائيل في رحلة الخروج، والذي أطلقت عليه صفة «الربانية» كما جاء في (سفر الخروج 13: 20-20) «وكان الرب يسير أمامهم نهاراً في عمود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلاً في عمود نار ليضيء لهم... فانتقل ملاك الله السائر أمام عسكر إسرائيل وسار وراءهم. وانتقل عمود السحاب من أمامهم، ووقف وراءهم».
وردت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» بإطلاق تسمية دينية على عملياتها المواجهة للهجوم الإسرائيلي على غزة فاختارت «حجارة سجيل»، تيمناً بسورة الفيل في القرآن الكريم.
هذا يعطي عملية «عمود السحاب» العسكرية بعداً سياسياً آخر، ربما لم يرد في ذلك الاستفتاء، هو البعد الديني، فبخلاف العمليات العسكرية الثلاث السابقات التي أشير لها أعلاه، يحكم مصر اليوم حزب إسلامي، أوصل أحد أعضائه محمد مرسي إلى كرسي الرئاسة، ومن ثم فلم تعد مصر مرسي اليوم كما هي مصر السادات، ولا من جاء بعده مبارك. وهذا يفسر مسارعة رئيس لجنة الخارجية والأمن عضو الكنيست روني بار أون، الذي نوه في اجتماع اللجنة إلى الدور المصري المتغير حيث سحبت مصر سفيرها من تل أبيب، عندما قال إنه «يجب الانتباه لموضوع مصر، ولا توجد لدى إسرائيل نيّة ولا رغبة بإلحاق الأذى بسكان غزة غير الضالعين في الإرهاب، مضيفاً أدعو الرئيس المصري محمد مرسي إلى القيام بخطوات سريعة وأحادية الجانب لأن الاستقرار الإقليمي والحفاظ على السلام هو ذخر لكلتا الدولتين».
ربما يعتبر البعض منا الموقف المصري غير كافٍ مقارنة بوحشية العملية واحتمالات تصاعدها، لكن عندما يقاس هذا الموقف بمواقف مصر السابقة إبان حكم السادات، ومن بعده مبارك، يأخذ الموقف بعداً مختلفاً، فقد غادر «السفير الإسرائيلي يعقوب أميتاي وطاقم سفارته القاهرة إلى تل أبيت بعدما تسلم احتجاجاً مصرياً إثر مطالبة الرئاسة المصرية من وزارة الخارجية استدعاء السفير الإسرائيلي في القاهرة لتسليمه رسالة احتجاج على قتل الأبرياء في غزة». وفي الوقت ذاته «قررت مصر سحب سفيرها لدى إسرائيل عاطف سالم، كما دعا الرئيس مرسي إلى عقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لبحث الموقف في غزة، وطالب ممثل الأمم المتحدة بالدعوة لاجتماع عاجل في مجلس الأمن».
هذا يضيف البعد الديني للعملية التي لا ينبغي إسقاطه من أهداف عملية «عمود السحاب»، فليس من المستبعد أن تكون، «عمود السحاب»، في بعض جوانبها بمثابة بالون اختبار أطلقته إسرائيل كي تجس نبض ردة الفعل المصرية، فيما لو أرادت هي شن حرب شاملة على غزة، أو أخرى جديدة على جنوب لبنان أو الجولان مثلاً، وما إذا كانت القاهرة ستقف مكتوفة الأيدي، طالما المعارك لم تمس حدودها، أم أنها سوف تتحرك، لكن هذه المرة ليست مستندة إلى خلفية سياسية فحسب، وإنما قائمة على دوافع ومنطلقات دينية أيضاً.
لقد رمت تل أبيب بالورقة الدينية في تلك الحرب، دون أن تعي خطورة وقوة الأوراق الدينية التي بين أيدي العرب، فيما لو قرروا استخدامها، وأحسنوا ذلك الاستخدام.
«16.02% (116) تصفية المسلحين والحد من إطلاق الصواريخ على المناطق الإسرائيلية. 45.58% (330) عرقلة التوجه الفلسطيني لنيل اعتراف في الأمم المتحدة. 38.4% (278) تحقيق أغراض انتخابية لنتنياهو».
طبيعة الأسئلة ونتائج التصويت تكشف عن مسألتين، في غاية الأهمية، فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، الأولى هي أن هناك عنصراً مشتركاً، يقوم على توجيه ضربة عسكرية لغزة، يجمع بين الأهداف الثلاثة التي عرضها الاستفتاء، إذ يصعب حصر المسألة في هدف واحد، نظراً لتداخل القضايا السياسية ذات العلاقة بالصراع، ولهذا السبب جاءت إجابات في «تحقيق أغراض انتخابية لنتنياهو» قريبة جداً من «نيل الاعتراف». أما الثاني وهو الأهم، فهو كما يقال، «وضع العصي في دولاب» المساعي الفلسطينية النشطة هذه الأيام من أجل تحقيق مكسب في الأروقة العالمية مثل الأمم المتحدة. وهذه نتيجة منطقية نظراً لعمق ترابط علاقة الأوضاع الداخلية الإسرائيلية، أكثر من أية دولة أخرى، بعلاقاتها الخارجية، ومصدر ذلك طبيعة تكون هذا الكيان، ومسارات التطور الذي سلكها لترسيخ وجوده الاستعماري.
فعلى المستوى الأول الخارجي، تنسجم نتائج استطلاع الرأي ذلك مع ما نقله موقع الأمم المتحدة عن المراقب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور الذي عقد مؤتمراً صحافياً قال فيه «إن إسرائيل تصعّد حملتها العسكرية ضد الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، مضيفاً أن العدوان الإسرائيلي يتزامن مع جهودنا في الجمعية العامة من أجل تغيير وضع فلسطين لتصبح دولة مراقبة».
أما بالنسبة للثاني الداخلي، فقد فضحت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، وأكثر وضوحاً منها تحليلات المعلقين السياسيين اليهود، تلك الأهداف الداخلية الخفية وراء العملية، حيث كتبت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة «يديعوت أحرنوت»، سيما كدمون، مؤكدة على أن «نتنياهو غيّر الأجندة أمس، لكن لا يمكن الادعاء أن العملية في غزة تتم لاعتبارات سياسية، فالوضع في الجنوب لا يحتمل ولا يقبل التأجيل، مضيفة بأن الفترة الزمنية المتبقية حتى الانتخابات، (شهران) لا تدل على وجود خدعة غايتها تحويل الأجندة الاجتماعية إلى أجندة أمنية تصب في مصلحة نتنياهو، مستدركة بأنه حتى لو لم يكن للانتخابات تأثير على العملية في غزة، فإنه سيكون للعملية تأثير على الانتخابات، ولا أحد يعرف كيف سنخرج من هذه العملية».
يشاطر كدمون في تحليلها هذا رئيس تحرير صحيفة «هآرتس» ألوف بن، الذي أشار إلى أنه «عندما يشعر الحزب الحاكم أنه مهدد في صندوق الاقتراع فإن أصبعه يصبح خفيفاً على الزناد»، وربط ألوف بن، بين عملية «عمود السحاب» الحالية وبين ثلاث عمليات عسكرية سبق وأن نفذها الجيش الإسرائيلي، الأولى «ما حدث عشية انتخابات العام 1981 عندما تم تدمير المفاعل النووي العراقي، (والثانية) عندما تم تنفيذ عملية (عناقيد الغضب) في لبنان عشية انتخابات العام 1996، و(الثالثة) عملية (الرصاص المصبوب) عشية انتخابات العام 2009، لكن في الحالتين الأخيرتين خسر الحزب الحاكم الحكم».
في السياق ذاته نشرت صحيفة «جيروساليم بوست»، على موقعها الإلكتروني، كما تناقلت وكالات الأنباء «أن كافة الأحزاب السياسية الإسرائيلية علقت حملاتها الانتخابية حيث تدخل عملية (عمود السحاب) الهجومية ضد غزة يومها الثاني».
ينقص استطلاع الرأي الذي نتناوله، سؤال رابع هو، هل هناك بعد ديني للعملية؟ ولربما كان لهذا السؤال أن يتبوأ المرتبة الأولى في نتائج ذلك الاستبيان للرأي، لو أضيف إلى قائمة الأسئلة. ما يدفعنا لذلك مجموعة من الحقائق على الأرض، الأولى هو الاسم الذي أطلقته تل أبيب على العملية وهو «عمود السحاب»، والمستمد من قصة الملاك الذي رافق بني إسرائيل في رحلة الخروج، والذي أطلقت عليه صفة «الربانية» كما جاء في (سفر الخروج 13: 20-20) «وكان الرب يسير أمامهم نهاراً في عمود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلاً في عمود نار ليضيء لهم... فانتقل ملاك الله السائر أمام عسكر إسرائيل وسار وراءهم. وانتقل عمود السحاب من أمامهم، ووقف وراءهم».
وردت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» بإطلاق تسمية دينية على عملياتها المواجهة للهجوم الإسرائيلي على غزة فاختارت «حجارة سجيل»، تيمناً بسورة الفيل في القرآن الكريم.
هذا يعطي عملية «عمود السحاب» العسكرية بعداً سياسياً آخر، ربما لم يرد في ذلك الاستفتاء، هو البعد الديني، فبخلاف العمليات العسكرية الثلاث السابقات التي أشير لها أعلاه، يحكم مصر اليوم حزب إسلامي، أوصل أحد أعضائه محمد مرسي إلى كرسي الرئاسة، ومن ثم فلم تعد مصر مرسي اليوم كما هي مصر السادات، ولا من جاء بعده مبارك. وهذا يفسر مسارعة رئيس لجنة الخارجية والأمن عضو الكنيست روني بار أون، الذي نوه في اجتماع اللجنة إلى الدور المصري المتغير حيث سحبت مصر سفيرها من تل أبيب، عندما قال إنه «يجب الانتباه لموضوع مصر، ولا توجد لدى إسرائيل نيّة ولا رغبة بإلحاق الأذى بسكان غزة غير الضالعين في الإرهاب، مضيفاً أدعو الرئيس المصري محمد مرسي إلى القيام بخطوات سريعة وأحادية الجانب لأن الاستقرار الإقليمي والحفاظ على السلام هو ذخر لكلتا الدولتين».
ربما يعتبر البعض منا الموقف المصري غير كافٍ مقارنة بوحشية العملية واحتمالات تصاعدها، لكن عندما يقاس هذا الموقف بمواقف مصر السابقة إبان حكم السادات، ومن بعده مبارك، يأخذ الموقف بعداً مختلفاً، فقد غادر «السفير الإسرائيلي يعقوب أميتاي وطاقم سفارته القاهرة إلى تل أبيت بعدما تسلم احتجاجاً مصرياً إثر مطالبة الرئاسة المصرية من وزارة الخارجية استدعاء السفير الإسرائيلي في القاهرة لتسليمه رسالة احتجاج على قتل الأبرياء في غزة». وفي الوقت ذاته «قررت مصر سحب سفيرها لدى إسرائيل عاطف سالم، كما دعا الرئيس مرسي إلى عقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لبحث الموقف في غزة، وطالب ممثل الأمم المتحدة بالدعوة لاجتماع عاجل في مجلس الأمن».
هذا يضيف البعد الديني للعملية التي لا ينبغي إسقاطه من أهداف عملية «عمود السحاب»، فليس من المستبعد أن تكون، «عمود السحاب»، في بعض جوانبها بمثابة بالون اختبار أطلقته إسرائيل كي تجس نبض ردة الفعل المصرية، فيما لو أرادت هي شن حرب شاملة على غزة، أو أخرى جديدة على جنوب لبنان أو الجولان مثلاً، وما إذا كانت القاهرة ستقف مكتوفة الأيدي، طالما المعارك لم تمس حدودها، أم أنها سوف تتحرك، لكن هذه المرة ليست مستندة إلى خلفية سياسية فحسب، وإنما قائمة على دوافع ومنطلقات دينية أيضاً.
لقد رمت تل أبيب بالورقة الدينية في تلك الحرب، دون أن تعي خطورة وقوة الأوراق الدينية التي بين أيدي العرب، فيما لو قرروا استخدامها، وأحسنوا ذلك الاستخدام.