يؤسفنا أن مؤسسات «دعم الديمقراطية» الأمريكية تحولت إلى عدو للشعوب العربية بعد أن كنا قد عقدنا الأمل عليها في بداية إنشائها لمساعدتنا لتطوير التجارب الديمقراطية الحديثة كالتي تجري في البحرين على سبيل المثال، وكم وقفنا مع المعهد الديمقراطي في بداياته ودعمنا نشاطه، بل كنا ضد خروجه من البحرين حينها.
وكنا نأمل من هذه المؤسسات أن تعزز التجربة البحرينية وتجعلها مشجعة لبقية الأنظمة في دول الخليج؛ التي مازالت تتخوف منها ومن تبعاتها، وأن تكون التجربة مشجعة لدمج الأقليات كالمرأة والإثنيات والقوى الليبرالية التي تعد من الأقليات لا لقلة عدد معتنقي الفكر الليبرالي إنما لشتاتهم وتبعثرهم بين غير مبالٍ وبين يساري متقاعد!!
القصد بأننا نحتاج من يدعم التجربة عن طريق تطويرها وعن تقديم برامج تدريب للناشطين فيها، فالأدوات جديدة في أيدي مستخدميها وتحتاج إلى تدريب وممارسة وتراكم معرفي والاستفادة من الخبرات العريقة.
من قال إننا ضد التطوير وتقوية تلك الأدوات؟ من قال إننا لا نريد لتجربتنا الديمقراطية أن تقوى وأن يشتد عودها وأن تضاهي الديمقراطيات العريقة؟ من قال إننا لا نريد أن نحارب الفساد ونحارب الإهمال ونحارب سوء الإدارة والتخطيط؟ من قال إننا مع التفريق والتمييز؟ إنما الذي فعلته تلك المؤسسات لم يكن دعماً للتجربة بل نسفاً لها وعودة البلد بها إلى المربع رقم واحد.
تصادم مشروع «دعم الديمقراطية» الأمريكي مع مشروع «تمكين الأقلية» تصادماً قضى به الثاني على الأول.
فهناك مؤسسات أمريكية تعتقد أنها «بتمكين الأقلية» المذهبية ستطور التجربة الديمقراطية، فكان ذلك أول مسمار في نعش الديمقراطية لأنهم يجهلون التركيبة العربية تماماً.
العراق مثال على «أقلية» سياسية دخلت وحكمت العراق على ظهر دبابة أمريكية، أي الولايات المتحدة الأمريكية نجحت في «تمكين» إحدى الأقليات سياسياً، إنما السؤال هل استطاعت تلك الأقلية أن تعطي العراق نموذجاً ديمقراطياً مشجعاً للمنطقة ولشعوب المنطقة -دعك من أنظمتها-؟ الجواب هو بعيداً عما تحاول أمريكا أن تروجه عن نجاح تجربتها في العراق، إن الواقع يقول لا أحد يتمنى العيش في العراق الآن، وعدد من هاجرها من العراقيين بعد تمكين الأقلية أضعاف مضاعفة عمن هاجرها أيام الديكتاتور صدام حسين!
لذا فإن التدخل الأمريكي اليوم في أي بلد تحت أي مسمى أو غطاء بالقوى الخشنة أو بالقوى الناعمة لا يترك مجالاً لأي صورة أخرى غير الصورة العراقية التي لا يرغب أحد بها بما فيهم العراقيون.
نحن نريد دعم التجربة الديمقراطية البحرينية وتطويرها، نريد تدريباً وتأهيلاً وتعليماً ديمقراطياً؛ أنما أن يكون متاحاً هذا الدعم وهذا التدريب لكافة القوى البحرينية دون استثناء؛ للمرأة كما للرجل، للأقليات الدينية كما للأغلبية، للسُنة كما للشيعة، للتجار كما للعمال، نريد دمج الأقليات لا تمكينهم.
نريد مجلساً تشريعياً رقابياً منتخباً قوياً مؤهلاً تأهيلاً سياسياً يقف بشراسة وبمنطق في ذات الوقت أمام البرامج الحكومية وأمام الميزانية وأمام تقارير ديوان الرقابة المالية.
نريد تجربةً بلدية متطورة، نريد تجربةً نقابية نبني عليها نريد اتحادات نوعية تدافع عن حقوق منتسبيها ومن تمثلهم، لا نريد إمعات وجودهم وعدم وجودهم واحد.
الشعب البحريني متعطش للمشاركة في بناء الدولة ومتعطش لتطوير التجربة الديمقراطية، وما انتقاداته الحادة لأداء السلطة التشريعية إلا دليل وعي بأهمية تدريب وتطوير أعضائها.
نحن إذاً لسنا ضد برامج «دعم الديمقراطية»؛ بل نحن ضد برامج «تمكين الأقلية» المتعارض مع الأول والمناقض والهادم له.
الولايات المتحدة الأمريكية تنتقي من الأقليات من تريد أن تمكنه وتفرضه على الشعوب؛ إما بالدبابة كما فعلت في العراق «القوى الخشنة» أو بالضغط السياسي وبخنق الغالبية «بالقوى الناعمة» كما تريد أن تفعل في البحرين.
إنما تكرار التجربة «الجلبية» عبارة عن تكرار للدمار العراقي، وتلك ليست تباشير ديمقراطية جعلت من الشعوب العربية، خصوصاً البحريني، يتحسس من أي برنامج «تدريب» أمريكي.
نحن ننظر لمن شارك وتأهل ضمن هذه البرامج على أنه خائن لا للنظام السياسي، بل خائن لشركائه في الوطن ومتآمر عليهم، إذ مجرد أن تتحرك «كأقلية» فمعنى هذا أن تحركك ككيان منفصل عن بقية شركائك في الوطن، فأنت مارست فعل الخيانة مبدئياً، فما بالك حين تسمح لقوى أجنبية أن تمكنك رغماً عن أنف شركائك لتتحكم في مصيرهم ومستقبلهم وقرارهم، أنت إذاً خائن مع سبق الإصرار والترصد، الشعب البحريني يزدري الوجوه التي دربتها ويحاول أن يفرضها الإعلام الأمريكي والمنظمات الأمريكية ويمنحها الجوائز، بل هو يحتقرها، فكلها مكافآت تقدمها الإدارة الأمريكية بدل أتعاب نظير خدمات العمالة.
هكذا تقسم الولايات المتحدة الأمريكية الشعوب وتزرع بينهم الفرقة، وذلك خرق لأبسط مبادئ الديمقراطية وأهمها، وهدم لأسس المواطنة وتكافؤ الفرص.
هكذا أضرت الولايات المتحدة الأمريكية بأية «أقلية» حاولت أن تمكنهم، فجعلتهم موضع ازدراء من شعوبهم، كان بالإمكان أن يكون مشروعها هو «دمج» الأقلية لا تمكينها، وحينها سيكون التحرك إيجابياً ومقبولاً من كل الأطراف.
أما مشاريعها الحالية فلا هي خدمت الديمقراطية ودعمتها ولا هي خدمت الأقلية ومكنتها.
فهل تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بذلك الفعل بغباء أم بجهل أم بعلم وسبق إصرار وترصد؟
وكنا نأمل من هذه المؤسسات أن تعزز التجربة البحرينية وتجعلها مشجعة لبقية الأنظمة في دول الخليج؛ التي مازالت تتخوف منها ومن تبعاتها، وأن تكون التجربة مشجعة لدمج الأقليات كالمرأة والإثنيات والقوى الليبرالية التي تعد من الأقليات لا لقلة عدد معتنقي الفكر الليبرالي إنما لشتاتهم وتبعثرهم بين غير مبالٍ وبين يساري متقاعد!!
القصد بأننا نحتاج من يدعم التجربة عن طريق تطويرها وعن تقديم برامج تدريب للناشطين فيها، فالأدوات جديدة في أيدي مستخدميها وتحتاج إلى تدريب وممارسة وتراكم معرفي والاستفادة من الخبرات العريقة.
من قال إننا ضد التطوير وتقوية تلك الأدوات؟ من قال إننا لا نريد لتجربتنا الديمقراطية أن تقوى وأن يشتد عودها وأن تضاهي الديمقراطيات العريقة؟ من قال إننا لا نريد أن نحارب الفساد ونحارب الإهمال ونحارب سوء الإدارة والتخطيط؟ من قال إننا مع التفريق والتمييز؟ إنما الذي فعلته تلك المؤسسات لم يكن دعماً للتجربة بل نسفاً لها وعودة البلد بها إلى المربع رقم واحد.
تصادم مشروع «دعم الديمقراطية» الأمريكي مع مشروع «تمكين الأقلية» تصادماً قضى به الثاني على الأول.
فهناك مؤسسات أمريكية تعتقد أنها «بتمكين الأقلية» المذهبية ستطور التجربة الديمقراطية، فكان ذلك أول مسمار في نعش الديمقراطية لأنهم يجهلون التركيبة العربية تماماً.
العراق مثال على «أقلية» سياسية دخلت وحكمت العراق على ظهر دبابة أمريكية، أي الولايات المتحدة الأمريكية نجحت في «تمكين» إحدى الأقليات سياسياً، إنما السؤال هل استطاعت تلك الأقلية أن تعطي العراق نموذجاً ديمقراطياً مشجعاً للمنطقة ولشعوب المنطقة -دعك من أنظمتها-؟ الجواب هو بعيداً عما تحاول أمريكا أن تروجه عن نجاح تجربتها في العراق، إن الواقع يقول لا أحد يتمنى العيش في العراق الآن، وعدد من هاجرها من العراقيين بعد تمكين الأقلية أضعاف مضاعفة عمن هاجرها أيام الديكتاتور صدام حسين!
لذا فإن التدخل الأمريكي اليوم في أي بلد تحت أي مسمى أو غطاء بالقوى الخشنة أو بالقوى الناعمة لا يترك مجالاً لأي صورة أخرى غير الصورة العراقية التي لا يرغب أحد بها بما فيهم العراقيون.
نحن نريد دعم التجربة الديمقراطية البحرينية وتطويرها، نريد تدريباً وتأهيلاً وتعليماً ديمقراطياً؛ أنما أن يكون متاحاً هذا الدعم وهذا التدريب لكافة القوى البحرينية دون استثناء؛ للمرأة كما للرجل، للأقليات الدينية كما للأغلبية، للسُنة كما للشيعة، للتجار كما للعمال، نريد دمج الأقليات لا تمكينهم.
نريد مجلساً تشريعياً رقابياً منتخباً قوياً مؤهلاً تأهيلاً سياسياً يقف بشراسة وبمنطق في ذات الوقت أمام البرامج الحكومية وأمام الميزانية وأمام تقارير ديوان الرقابة المالية.
نريد تجربةً بلدية متطورة، نريد تجربةً نقابية نبني عليها نريد اتحادات نوعية تدافع عن حقوق منتسبيها ومن تمثلهم، لا نريد إمعات وجودهم وعدم وجودهم واحد.
الشعب البحريني متعطش للمشاركة في بناء الدولة ومتعطش لتطوير التجربة الديمقراطية، وما انتقاداته الحادة لأداء السلطة التشريعية إلا دليل وعي بأهمية تدريب وتطوير أعضائها.
نحن إذاً لسنا ضد برامج «دعم الديمقراطية»؛ بل نحن ضد برامج «تمكين الأقلية» المتعارض مع الأول والمناقض والهادم له.
الولايات المتحدة الأمريكية تنتقي من الأقليات من تريد أن تمكنه وتفرضه على الشعوب؛ إما بالدبابة كما فعلت في العراق «القوى الخشنة» أو بالضغط السياسي وبخنق الغالبية «بالقوى الناعمة» كما تريد أن تفعل في البحرين.
إنما تكرار التجربة «الجلبية» عبارة عن تكرار للدمار العراقي، وتلك ليست تباشير ديمقراطية جعلت من الشعوب العربية، خصوصاً البحريني، يتحسس من أي برنامج «تدريب» أمريكي.
نحن ننظر لمن شارك وتأهل ضمن هذه البرامج على أنه خائن لا للنظام السياسي، بل خائن لشركائه في الوطن ومتآمر عليهم، إذ مجرد أن تتحرك «كأقلية» فمعنى هذا أن تحركك ككيان منفصل عن بقية شركائك في الوطن، فأنت مارست فعل الخيانة مبدئياً، فما بالك حين تسمح لقوى أجنبية أن تمكنك رغماً عن أنف شركائك لتتحكم في مصيرهم ومستقبلهم وقرارهم، أنت إذاً خائن مع سبق الإصرار والترصد، الشعب البحريني يزدري الوجوه التي دربتها ويحاول أن يفرضها الإعلام الأمريكي والمنظمات الأمريكية ويمنحها الجوائز، بل هو يحتقرها، فكلها مكافآت تقدمها الإدارة الأمريكية بدل أتعاب نظير خدمات العمالة.
هكذا تقسم الولايات المتحدة الأمريكية الشعوب وتزرع بينهم الفرقة، وذلك خرق لأبسط مبادئ الديمقراطية وأهمها، وهدم لأسس المواطنة وتكافؤ الفرص.
هكذا أضرت الولايات المتحدة الأمريكية بأية «أقلية» حاولت أن تمكنهم، فجعلتهم موضع ازدراء من شعوبهم، كان بالإمكان أن يكون مشروعها هو «دمج» الأقلية لا تمكينها، وحينها سيكون التحرك إيجابياً ومقبولاً من كل الأطراف.
أما مشاريعها الحالية فلا هي خدمت الديمقراطية ودعمتها ولا هي خدمت الأقلية ومكنتها.
فهل تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بذلك الفعل بغباء أم بجهل أم بعلم وسبق إصرار وترصد؟