تقديم معلومات مغلوطة لجهات أجنبية لها اتفاقات مع الدولة بتعمد يعد جريمة يعاقب عليها القانون وليس حرية رأي، وقد تعمد الاتحاد العام للعمال تقديم معلومات مغلوطة للإعلام المحلي والأجنبي و للمنظمات الدولية، لا بقصد “الإساءة” للدولة فحسب؛ فذلك ضرر غير ملموس، إنما بقصد الإضرار بالأمن القومي للدولة وسنوات عديدة قدم الاتحاد فيها معلومات تضر بالأمن القومي دون رقيب أو حسيب.
وقد قام بفعل ذلك ليس سهواً ولا تقصيراً غير مقصود؛ بل كررها بدل المرة ألفاً، والكل نبه وزارة العمل لتلك الأفعال المجرمة قانونياً وغيرها من التجاوزات والمخالفات القانونية التي تمادت فيها هذه المؤسسة خارج الإطار القانوني المشروع، ومع ذلك للتو فقط “صدم” الوزير بممارستها!!
اليوم بعد أن كرر الاتحاد تقديم “معلومات” مغلوطة لم يعد الأمر حرية تعبير، ولم يعد الأمر مقبولاً من الناحية القانونية، بل قام بنشر اتهامات محددة لجهات وطنية يتهمها فيها بجرائم عنصرية، وعليه إما أن يقدم الدليل على تلك الاتهامات فالبينة على من ادعى وإلا إن فشل في تقديم الدليل فإن ذلك جريمة يعاقب عليها القانون.
الأهم أنه لابد من وضع تلك الجريمة في سياقها الظرفي والالتزام به وعدم التعامل مع تقديم “المعلومات” المغلوطة لوسائل الإعلام أو للمنظمات الدولية بعد اليوم دون مراقبة قانونية ومحاسبة، فذلك الفعل يعد هذه الأيام تحديداً جريمة ترتكب بظروف كادت الدولة تتعرض فيه لخطر الاحتلال كما حدث في العراق وكما حدث في ليبيا وكما حدث في دول أخرى تم التدخل فيها عسكرياً لإسقاط الدولة، بناء على “معلومات” تعرضها مجموعات إثنية أو مذهبية أو سياسية -لا يهم- للمجتمع الدولي عن طريق التعاون مع منظمات دولية أو مباشرة مع الحكومات كما حدث في العراق وليبيا تحديداً.
وحين تتعرض مملكة البحرين لما تعرضت له خلال العام الماضي من تهديد مباشر لسقوطها كدولة، وكاد التدخل العسكري أن يحدث قاب قوسين أو أدنى، فإن “للمعلومات المغلوطة” التي روجتها مجموعات محددة دوراً كبيراً في وقوع ذلك التهديد، وذلك فعل لا يمكن أن يوصف إلا بالخيانة العظمى، ولا أن يعامل قضائياً إلا وفقاً لهذا الظرف المشدد.
فالمعلومات المغلوطة الآن تأتي في سياق تهديد الأمن القومي ولا تأتي اعتباطاً، كما إنها ليست حرية تعبير يا سعادة الوزير، وليست هناك دولة في العالم تترك المنظمات الأهلية والمؤسسات المدنية تسبح في الفضاء التشريعي دون ضوابط، فهل تستطيع مؤسسة أهلية أمريكية مثلاً أن تتواصل مع طالبان تحت بند حرية التعبير!
هل تستطيع أن تقدم مؤسسة مدنية بريطانية معلومات للمنظمات الدولية تتهم فيها حكومتها “باغتيال” مؤسسها مثلاً دون أن يجرها القضاء البريطاني لأروقته ويطالبها بتقديم الدليل وإلا سيحاسب من روج تلك المعلومات المغلوطة؟
بالأمس دفعت محطة الـ«بي بي سي” 300 ألف دولار لأحد النواب لأنها بثت “معلومات” مغلوطة ولم يقبل منها أحد عذراً أقبح من ذنب، كذلك الذي يتم التدثر به في البحرين بأن بث المعلومات المغلوطة يقع ضمن حرية التعبير! بل أجبرت المحطة العريقة على تقديم اعتذار علني لمن أساءت له ودفعت الغرامة صاغرة لحكم القانون، إذاً حرية التعبير ليست حقاً مطلقاً كما يراد لنا أن نتقبله!!
أما عن صدمة الوزير بالاتحاد والقائمين عليه فنحن مصدومون من صدمتكم؟ نحن مصدومون لأن كل البحرينيين قد نبهوكم لما يقوم به الاتحاد، والبحرينيون مصدومون من إخوان لنا صحونا ذات يوم وفوجئنا بحجم تآمرهم علينا، ومنهم اتحاد العمال الذي أوقع البحرين بأكبر أزمة حين غرر بالعمال وأقنعهم أن الإضراب لا ضوابط له، وأن الحق الدستوري لا يستوجب الالتزام بتلك الضوابط، وأنه يجوز للعمال شل البلد وقتلها اقتصادياً لأسباب سياسية!!
انظروا لحجم المغالطات في الحقوق الدستورية كيف يعمم عن طريق القائمين على مؤسسات تعمل وتظلل بالدستور والقانون وتقوم بتعميمها دون تمحيص وسيلة إعلامية “حاصلة على جوائز أمريكية” ثم يكرر وزير في الدولة ذات المفاهيم المغلوطة ويترك جرائم قانونية تقع تحت سمعه وبصره بحجة أنها تقع ضمن “حرية التعبير”؟!!
كيف يضلل العامة حول مسألة حق التعبير من قبل وسائل إعلامية مرخصة ومن قبل وزير للدولة ومن قبل جمعيات سياسية مرخصة، وكيف يضلل العامة حول حق الإضراب دون محاسبة؟
فتحت مظلة هذا التضليل قاموا بفعل لا يمكن أن يوصف إلا بالخيانة العظمى ثم قالوا “حق دستوري”!!