عندما عصفت الأجواء قبل نحو أسبوعين بالكويت وكادت الأمور تسيء إلى مجتمعه وناسه الطيبين فينقسمون على أنفسهم ويسيئون إلى بعضهم البعض؛ انبرى ضاحي خلفان عبر حسابه المثير على التويتر وتغريداته المؤثرة إلى نشر تغريدة على شكل دعاء يناجي به رب العالمين حيث قال «اللهم احفظ الكويت من تهور المتهورين، ورعونة المغرورين، وتخطيط المخربين المندسين، وسذاجة الغوغائيين يا رب العالمين»، وهو دعاء جميل تعرض فيه أيضاً إلى جانب من أسباب المشكلة في الكويت، واتهم بذلك جهات معينة ودعا إلى الضرب على أيديهم بيد من حديد للحد من المشكلة وعدم السماح بتفاقمها من ثم تخريب تجربة ديمقراطية نضجت ولفتت انتباه العالم، حتى صارت مجالاً للبحث والدرس.
لكن دعاء خلفان لا يخص الكويت وحدها وإن ذكرها بالاسم؛ حيث الحال نفسها في البحرين وفي كثير من الدول تحتاج إلى مثل هذا الدعاء الديني والسياسي الصادق. فالبحرين مثلاً تعاني من تهور المتهورين ومن رعونة المغرورين، وتعاني من المخربين والمندسين ومن الغوغائيين السذج، والبحرين أيضا تحتاج بشدة، إلى هذا الدعاء الجميل لعل الله سبحانه وتعالى يستجيب ويحفظ لأهلها ما سعوا إلى المحافظة عليه سنين طويلة ويتعرض اليوم إلى التدمير.
أما المتهورون في البحرين فهم اليوم كثر، كذلك المغرورون والمخربون والذين يندسون كما الحية في التراب، يفعلون ما يفعلون ويختبئون دون أن نعرفهم، وكذلك الفوضويون الغوغائيون الذين لا يدركون ما هو أمامهم وقريب منهم؛ فكيف بالذي هو حولهم؟ البحرين اليوم تعاني من هكذا شخوص وهكذا نفوس مريضة لا ترى في هذا العالم غير نفسها، ولا ترى من الأمور غير أحلامها غير ذات الصلة بالواقع وغير القابلة للتحقق والمتهورة.
دعاء ضاحي خلفان نحتاجه في بلداننا التي تتعرض للسوء؛ بل نحتاجه في كل مناسبة؛ في المسيرات والتجمعات، وفي الندوات وفي الاجتماعات، وبالتأكيد نحتاجه في اليومين المقبلين اللذين هما الذروة فيما يخص الاحتفال بذكرى سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام، ذلك أن المتهورين والمغرورين والمخربين المندسين والغوغائيين والساعين إلى الإضرار بهذا الوطن الجميل تمثل هذه المناسبة وأمثالها بالنسبة إليهم الفرصة التي يعبرون فيها عن تخلفهم الفكري وضيق أفقهم ومراهقتهم، وفيها يصبون جام حقدهم على كل من هو ليس معهم أو لا يوافقهم الرأي، ما يؤكد حاجتنا الماسة إلى دعاء ضاحي خلفان نردده في كل ساعة وكل حين، ويؤكد حاجتنا إلى الانتباه جيدا كي لا يندس بيننا من لا يريد لنا إلا السوء وإلا المضرة.. وهم اليوم كثر.
اليوم الجميع يدعو من كل قلبه أن تنقضي مناسبة العاشوراء على خير، فلا يعكر الصفو حاقد ولا مندس، ولا يحدث فيها ما يزيدنا ألما ويوسع الهوة بيننا ويفرقنا عن بعضنا البعض، الجميع يلهج قلبه ولسانه بالدعاء ليمر اليومان المقبلان، التاسع والعاشر من محرم، دون أن يسيء فيه أحد لأحد أو نعاني فيه من فعل مخرب مندس لا يعترف إلا بنفسه ويعتقد أنه الوحيد (الصح) في هذا العالم.
أما الدور الأكبر فيقع على عاتق هيئة المواكب الحسينية وأصحاب المآتم الذين عليهم أن يحكموا الأمور، وألا يسمحوا بأي تجاوزات، وأن يصروا على أن عاشوراء مناسبة لإحياء ذكرى الحسين، وأن الحسين يستحق أن نحتفل به، وأنها ليست مناسبة يمكن استغلالها للتعبير عن قناعات متطرفة والتهجم على من لا يتوافق فكره مع فكرهم وتوجهاتهم. وبالتأكيد فإن المسؤولية الملقاة على عاتق هذه الهيئة لا تعفي الآخرين من تحمل مسؤولياتهم، فكل فرد منا مسؤول وعلى كل واحد منا واجب هو حق لهذا الوطن ينبغي الوفاء به.