أكثر الخسائر إيلاماً هي خسارة أشخاص كنت تعدهم من الرموز الفكرية، وتنظر لهم طوال تشكل تراكمك الفكري كهامات وقامات لتكتشف أثناء هذه الأزمة تحديداً كم كنت ساذجاً!
يؤلمك هذا الاكتشاف لا لخسارتهم بل لأنهم عروا جزءاً غير ناضج وغير مكتمل في شخصيتك كان يصدر أحكامه متسرعاً على كلمات وأقوال وتنظيرات وحلاوة من طرف اللسان، ولا ينتظر لمطابقتها مع الأفعال، وذلك قصور منك؛ لأنك حين تصدم بالأفعال وتصدم بالممارسات اليومية البسيطة الحياتية التي تباعد بين أفكار ذلك الشخص وواقعه، فذلك قصور في آليات أحكامك لا قصور في المفكر.
كل يوم كانت أفعال ذلك الشخص الرمز والمفكر العربي الكبير تباعد بينه وبين أفكاره ومثله وقيمه بوصة وراء بوصة، حتى جاءت الأزمة فقذفت بالممارسة بعيداً عن التنظير مسافات ضوئية فسقطت تلك الهامات سقوطاً مدوياً محزناً.
لن يكون عقاباً جماعياً أن استعرضنا بعضاً مما جاء في مقالة زوجة ذلك المفكر لولا أن ورد في مقالها موقف له محاسب عليه بحكم كونه «مفكراً».
تقول الزوجة في مقالها المنشور أمس الأول في «الوسط» تعليقاً على إسقاط الجنسية عن 31 «كنت بصدد كتابة المقال حينما سألني زوجي مستغرباً: هل قرأتِ هذا الخبر؟ وكنت على جهاز الكمبيوتر مستعدةً للشروع في الكتابة. كل ما سمعته هو سحب الجنسيات، فقلت: ما الذي فعله هؤلاء المجنسون حتى يسحبوا منهم الجنسيات؟ فربما سرق بعضهم من برادة أو ضرب أحداً، أو اعتدى أطفاله على أطفال آخرين في المدرسة كما يحدث أحياناً. ولكن زوجي لم يدعني أسترسل كثيراً وقال: لا، لم يسحبوها من المجنسين كما تظنين يا الحلمانة! بل من البحرينيين الأصليين وبعضهم كان في البرلمان! ففتحت عينيّ على سعتهما قائلة: ماذا تقول؟ واحد وثلاثون بحرينياً؟ غير معقول! قلتها بعفوية وأنا في غاية الاندهاش والاستياء» (انتهى الاقتباس)
أتعجبون؟ هل صدمتم؟ (اسمله عليكم)!! هل فعلاً لا تعرفون ماذا فعل هؤلاء بوطنكم؟ إن كنت لا تعرف فتلك مصيبة وإن كنت تعرف فالمصيبة أعظم.
أتساءل حقاً؛ من «الحلمان» نحن أم الزوجان الكريمان؟ ألا ترى أيها المفكر العظيم الحرائق على أرض وطنك؟ ألا ترى الجثث التي حرقت والتي دهست والتي انفجرت والتي دخلت الأسياخ في رأسها؟ ألا ترى المتفجرات؟ ألا ترى العبوات الناسفة؟ ألا ترى اقتصاد وطنك؟ وخسائر أبناء وطنك؟ ألا ترى أسياخ الحديد تدخل في أجساد رجال أمن ربما كان أحدهم يوماً حارساً لك وزوجتك يحمون منزلك ومدينتك ويحمون أطفالك ويحمون أهلك حين كنت مسؤولاً كبيراً بالدولة؟!!
وحين تتساءلين أنتِ وزوجكِ عن معاناة من أسقطت عنهم جنسياتهم بقول «ما هي ردّات فعلهم والآلام التي تتنازعهم؟ وأين سيسيحون بانتماءاتهم؟ وهل يمكن أن تُسحب الانتماءات من البشر بجرة قلم؟ وهل هي فعلاً تستحق هذا العقاب؟ إنه شيء من الأمور المستحيلة التي يصعب تصديقها!» (اسمله عليكم).
ألم تسأل نفسك كيف قتل كاشف أو المريسي أو فاروق أو ظافر أو عامر الذين ربما كانوا أحد حراسك يوماً، والذين حموا ظهرك وبيتك وأهلك حين كنت مسؤولاً كبيراً في الدولة، وها هم اليوم تحت التراب؟ ألا تعرف أن من قتلهم شباب لم يكونوا سوى وقود لهؤلاء الذين سحبت جنسياتهم والذين تقلق على معاناتهم. أدعوك لزيارة أم المريسي وأم ظافر وأم عامر لتعرف المعاناة، وحتى معاناة قتلى الطرف الثاني التي لا نستهين بها؛ أتعتقد أن من سحبت منهم الجنسية بريئون منها، بل هم من سكب البنزين على حرائقهم وهم من حرضهم وزج بهم في معركة غير متكافئة ليكونوا هم ومن قتلوهم ضحايا لفكر مدمر يقوده هؤلاء الثلاثون، فهل مازلت تعجب لمَ سحبت جنسياتهم وتتساءل أنت وزوجتك لماذا؟
هل كنت نائماً حين كان هؤلاء الثلاثون يتحدثون في الفضائيات؟ ألم تسمعهم كيف يشتمون ويسبون ويسقطون من أكرمك ومن وثق بك ومن جعلك من المقربين؛ فكنت الوزير وكنت السفير وكنت من الدائرة المقربة، وكنت مسؤولاً بإمكانك أن تغير ما تنتقده وما لا يعجبك، فهل صحوت الآن من نومك لتسأل ماذا فعل هؤلاء؟
أحدهم قبّل رأس نجاد، وثانيهما، وهو من البرلمانيين، قالها بالحرف لنجاد خادمكم المطيع، وآخر داس على الجواز حين سحب منه! أحقاً أنت في عجب؟ كيف تسحب الجنسية من «بحرينيين»؛ من البحريني في نظرك؟ البحريني هو الذي يقبل أن يموت على أن يلحق الضرر بأرضه، البحريني هو الأم الحقيقية التي رفضت حكم القاضي بقسمة الطفل نصفين بينها وبين الأم المدعية، فحبها الحقيقي جعلها تؤثر حياته ومصلحته على مصلحتها، فهل رعى هؤلاء مصلحة للوطن؟ بل آثروا حرقه بمن وبما فيه.
إليك وإلى كل النائمين الحالمين؛ أنصحكم بعد أن تزيلوا أثر النوم من أعينكم أن تعقدوا ندوة علنية تدعون فيها أهلكم وناسكم من البحرينيين ليخبروكم ماذا فعل هؤلاء في وطنكم أثناء غفوتكم، إذ يبدو أنها كانت غفوةً طويلة بل غيبوبة استغلها الثلاثون بأن أخذوا بصمتكم وتوقيعكم ومهروا بها «صك الوحدة الوطنية» فبكم يروّجون سلامة موقفهم وبغفوتك يطرحون حياديتهم!!
لذا أزيدكم من الشعر بيتاً أيها الحالمون النائمون الناعسون، أياديكم ملطخة بدماء كل من سقط قتيلاً وهو يقوم بواجبه لحمايتكم وحماية أبنائكم وأحفادكم.. فأي هاوية هذه التي تتساقطون فيها يوماً بعد يوم؟
يؤلمك هذا الاكتشاف لا لخسارتهم بل لأنهم عروا جزءاً غير ناضج وغير مكتمل في شخصيتك كان يصدر أحكامه متسرعاً على كلمات وأقوال وتنظيرات وحلاوة من طرف اللسان، ولا ينتظر لمطابقتها مع الأفعال، وذلك قصور منك؛ لأنك حين تصدم بالأفعال وتصدم بالممارسات اليومية البسيطة الحياتية التي تباعد بين أفكار ذلك الشخص وواقعه، فذلك قصور في آليات أحكامك لا قصور في المفكر.
كل يوم كانت أفعال ذلك الشخص الرمز والمفكر العربي الكبير تباعد بينه وبين أفكاره ومثله وقيمه بوصة وراء بوصة، حتى جاءت الأزمة فقذفت بالممارسة بعيداً عن التنظير مسافات ضوئية فسقطت تلك الهامات سقوطاً مدوياً محزناً.
لن يكون عقاباً جماعياً أن استعرضنا بعضاً مما جاء في مقالة زوجة ذلك المفكر لولا أن ورد في مقالها موقف له محاسب عليه بحكم كونه «مفكراً».
تقول الزوجة في مقالها المنشور أمس الأول في «الوسط» تعليقاً على إسقاط الجنسية عن 31 «كنت بصدد كتابة المقال حينما سألني زوجي مستغرباً: هل قرأتِ هذا الخبر؟ وكنت على جهاز الكمبيوتر مستعدةً للشروع في الكتابة. كل ما سمعته هو سحب الجنسيات، فقلت: ما الذي فعله هؤلاء المجنسون حتى يسحبوا منهم الجنسيات؟ فربما سرق بعضهم من برادة أو ضرب أحداً، أو اعتدى أطفاله على أطفال آخرين في المدرسة كما يحدث أحياناً. ولكن زوجي لم يدعني أسترسل كثيراً وقال: لا، لم يسحبوها من المجنسين كما تظنين يا الحلمانة! بل من البحرينيين الأصليين وبعضهم كان في البرلمان! ففتحت عينيّ على سعتهما قائلة: ماذا تقول؟ واحد وثلاثون بحرينياً؟ غير معقول! قلتها بعفوية وأنا في غاية الاندهاش والاستياء» (انتهى الاقتباس)
أتعجبون؟ هل صدمتم؟ (اسمله عليكم)!! هل فعلاً لا تعرفون ماذا فعل هؤلاء بوطنكم؟ إن كنت لا تعرف فتلك مصيبة وإن كنت تعرف فالمصيبة أعظم.
أتساءل حقاً؛ من «الحلمان» نحن أم الزوجان الكريمان؟ ألا ترى أيها المفكر العظيم الحرائق على أرض وطنك؟ ألا ترى الجثث التي حرقت والتي دهست والتي انفجرت والتي دخلت الأسياخ في رأسها؟ ألا ترى المتفجرات؟ ألا ترى العبوات الناسفة؟ ألا ترى اقتصاد وطنك؟ وخسائر أبناء وطنك؟ ألا ترى أسياخ الحديد تدخل في أجساد رجال أمن ربما كان أحدهم يوماً حارساً لك وزوجتك يحمون منزلك ومدينتك ويحمون أطفالك ويحمون أهلك حين كنت مسؤولاً كبيراً بالدولة؟!!
وحين تتساءلين أنتِ وزوجكِ عن معاناة من أسقطت عنهم جنسياتهم بقول «ما هي ردّات فعلهم والآلام التي تتنازعهم؟ وأين سيسيحون بانتماءاتهم؟ وهل يمكن أن تُسحب الانتماءات من البشر بجرة قلم؟ وهل هي فعلاً تستحق هذا العقاب؟ إنه شيء من الأمور المستحيلة التي يصعب تصديقها!» (اسمله عليكم).
ألم تسأل نفسك كيف قتل كاشف أو المريسي أو فاروق أو ظافر أو عامر الذين ربما كانوا أحد حراسك يوماً، والذين حموا ظهرك وبيتك وأهلك حين كنت مسؤولاً كبيراً في الدولة، وها هم اليوم تحت التراب؟ ألا تعرف أن من قتلهم شباب لم يكونوا سوى وقود لهؤلاء الذين سحبت جنسياتهم والذين تقلق على معاناتهم. أدعوك لزيارة أم المريسي وأم ظافر وأم عامر لتعرف المعاناة، وحتى معاناة قتلى الطرف الثاني التي لا نستهين بها؛ أتعتقد أن من سحبت منهم الجنسية بريئون منها، بل هم من سكب البنزين على حرائقهم وهم من حرضهم وزج بهم في معركة غير متكافئة ليكونوا هم ومن قتلوهم ضحايا لفكر مدمر يقوده هؤلاء الثلاثون، فهل مازلت تعجب لمَ سحبت جنسياتهم وتتساءل أنت وزوجتك لماذا؟
هل كنت نائماً حين كان هؤلاء الثلاثون يتحدثون في الفضائيات؟ ألم تسمعهم كيف يشتمون ويسبون ويسقطون من أكرمك ومن وثق بك ومن جعلك من المقربين؛ فكنت الوزير وكنت السفير وكنت من الدائرة المقربة، وكنت مسؤولاً بإمكانك أن تغير ما تنتقده وما لا يعجبك، فهل صحوت الآن من نومك لتسأل ماذا فعل هؤلاء؟
أحدهم قبّل رأس نجاد، وثانيهما، وهو من البرلمانيين، قالها بالحرف لنجاد خادمكم المطيع، وآخر داس على الجواز حين سحب منه! أحقاً أنت في عجب؟ كيف تسحب الجنسية من «بحرينيين»؛ من البحريني في نظرك؟ البحريني هو الذي يقبل أن يموت على أن يلحق الضرر بأرضه، البحريني هو الأم الحقيقية التي رفضت حكم القاضي بقسمة الطفل نصفين بينها وبين الأم المدعية، فحبها الحقيقي جعلها تؤثر حياته ومصلحته على مصلحتها، فهل رعى هؤلاء مصلحة للوطن؟ بل آثروا حرقه بمن وبما فيه.
إليك وإلى كل النائمين الحالمين؛ أنصحكم بعد أن تزيلوا أثر النوم من أعينكم أن تعقدوا ندوة علنية تدعون فيها أهلكم وناسكم من البحرينيين ليخبروكم ماذا فعل هؤلاء في وطنكم أثناء غفوتكم، إذ يبدو أنها كانت غفوةً طويلة بل غيبوبة استغلها الثلاثون بأن أخذوا بصمتكم وتوقيعكم ومهروا بها «صك الوحدة الوطنية» فبكم يروّجون سلامة موقفهم وبغفوتك يطرحون حياديتهم!!
لذا أزيدكم من الشعر بيتاً أيها الحالمون النائمون الناعسون، أياديكم ملطخة بدماء كل من سقط قتيلاً وهو يقوم بواجبه لحمايتكم وحماية أبنائكم وأحفادكم.. فأي هاوية هذه التي تتساقطون فيها يوماً بعد يوم؟