هكذا كتب أحدهم بعد تسلمه إحضارية لزيارة مركز الشرطة لسؤاله عن بعض الأمور، وهو أمر عادي في كل الأحوال أن يتسلم المواطن أو المقيم مثل هذه الورقة؛ وهي عبارة عن إشعار دعوة للحضور إلى جهة رسمية تريد أن تستفسر عن أمر ما.
المستدعى كتب الآتي: (أكثر من 47 منظمة إقليمية ودولية وحكومات تتصل بي لتسألني عن الإحضارية التي قدمت لي للتحقيق. أشكركم من صميم القلب على وقفتكم الشريفة)! أما القصد فواضح وضوح الشمس؛ وهو «شوفوني.. المنظمات الإقليمية والدولية والحكومات كلها دفعها القلق لتسأل عني أنا وتطمئن علي أنا وتعلن وقوفها إلى جانبي أنا. فأنا شخص مهم محلياً وإقليمياً ودولياً، وبالتالي إن فكرتم يا حكومة في حجزي أو اعتقالي فلا تقولون إني ما قلت لكم، هذاني قلت لكم ونبهتكم وانتوا كيفكم»!
هذا الجو الذي يدخل أولئك (المضرّون بالوطن) أنفسهم فيه يجعلهم يعتقدون أنهم أشخاص مهمون وأنهم هم من يملكون الموقف ويستطيعون تحريكه، ليس محلياً فقط ولكن إقليمياً ودولياً أيضاً! وإلا ما هو سر نشر عشرات التغريدات لمجرد حصول أحدهم على إحضارية؟
ليس الحديث هنا عن شخص بعينه؛ فاختيار صاحب هذه التغريدة هو لبيان حالة يعاني منها أولئك الذين تسببوا في إيصال هذا الوطن الجميل الذي ظل دائماً يستوعب الجميع ويستوعب تنوعهم إلى هذه الحال التي لا تفرح إلا تلك الأطراف التي تعتقد أنها ستربح منها عاجلاً أو آجلاً.
جولة سريعة في التويتر والفيسبوك وما لف لفهما من شأنها أن تكشف مقدار ما يعانيه أولئك من حالة نفسية صعبة، ذلك أن نشر تغريدات من هذا النوع الذي تبرز فيه الأنا بشكل فاضح لا معنى له سوى أن هؤلاء يريدون أن يصنعوا من أنفسهم أبطالاً بتكلفة بسيطة لا تتعدى الكلمات، وإلا ما أهمية هذا الذي أرسلت إليه الإحضارية وما أهمية ذاك الذي تسلم إحضارية أخرى أو تم استدعاؤه أو حجزه ليوم أو يومين؟
في كل العالم تحدث مشكلات ويتم حجز أو اعتقال أو سجن أفراد وجماعات، وفي كل البلدان تحدث مشكلات يصاب بسببها البعض، والجميع يغرد عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويعبر عن رأيه وقضيته، لكن لم يحدث قط أن قرأ العالم تغريدات تفصيلية ومليئة بالأنا كالتي ينشرها أولئك الذين اعتبروا أنفسهم قياديين حتى أوصلوا الناس إلى هذه الحال التي صارت عليها البلاد والعباد.
المتابع لما ينشره أولئك عبر التويتر يكتشف بسهولة مقدار سيطرة الذات والأنانية على أولئك، فهم يكتبون عن أنفسهم في كل لحظة وحين، ولعلهم يفكرون في طريقة يغردون فيها وهم نائمون. هذا يكتب أنه سيشارك في الفعالية الفلانية، وذاك يكتب أنه الآن متوجه للمشاركة في الفعالية العلانية، وهذا وذاك يغردان مع كل شهيق وزفير؛ «الآن أنا متوجه إلى حيث المسيرة.. الآن أنا أكاد أصل إلى حيث المسيرة.. الآن أنا وصلت.. الآن أهتف مع الهاتفين.. الآن فلان يسلم علي.. الآن أنا أسلم على علان.. الآن انتهت المسيرة.. الآن يأخذون لي صور تذكارية.. الآن أعود إلى حيث سيارتي.. الآن وصلت إلى سيارتي.. الآن ركبت سيارتي..الآن أرى كذا وكذا.. ولا أرى كذا وكذا.. الآن وصلت إلى البيت.. فاصل وأعود»!
أما إن وصلت هذا الشخص إحضارية فهذا يعني أن فيلماً آخر سيتم إنتاجه قوامه آلاف التغريدات التي تبين أن مئات المنظمات والحكومات تسأل عن الإحضارية وظروفها!
{{ article.visit_count }}
المستدعى كتب الآتي: (أكثر من 47 منظمة إقليمية ودولية وحكومات تتصل بي لتسألني عن الإحضارية التي قدمت لي للتحقيق. أشكركم من صميم القلب على وقفتكم الشريفة)! أما القصد فواضح وضوح الشمس؛ وهو «شوفوني.. المنظمات الإقليمية والدولية والحكومات كلها دفعها القلق لتسأل عني أنا وتطمئن علي أنا وتعلن وقوفها إلى جانبي أنا. فأنا شخص مهم محلياً وإقليمياً ودولياً، وبالتالي إن فكرتم يا حكومة في حجزي أو اعتقالي فلا تقولون إني ما قلت لكم، هذاني قلت لكم ونبهتكم وانتوا كيفكم»!
هذا الجو الذي يدخل أولئك (المضرّون بالوطن) أنفسهم فيه يجعلهم يعتقدون أنهم أشخاص مهمون وأنهم هم من يملكون الموقف ويستطيعون تحريكه، ليس محلياً فقط ولكن إقليمياً ودولياً أيضاً! وإلا ما هو سر نشر عشرات التغريدات لمجرد حصول أحدهم على إحضارية؟
ليس الحديث هنا عن شخص بعينه؛ فاختيار صاحب هذه التغريدة هو لبيان حالة يعاني منها أولئك الذين تسببوا في إيصال هذا الوطن الجميل الذي ظل دائماً يستوعب الجميع ويستوعب تنوعهم إلى هذه الحال التي لا تفرح إلا تلك الأطراف التي تعتقد أنها ستربح منها عاجلاً أو آجلاً.
جولة سريعة في التويتر والفيسبوك وما لف لفهما من شأنها أن تكشف مقدار ما يعانيه أولئك من حالة نفسية صعبة، ذلك أن نشر تغريدات من هذا النوع الذي تبرز فيه الأنا بشكل فاضح لا معنى له سوى أن هؤلاء يريدون أن يصنعوا من أنفسهم أبطالاً بتكلفة بسيطة لا تتعدى الكلمات، وإلا ما أهمية هذا الذي أرسلت إليه الإحضارية وما أهمية ذاك الذي تسلم إحضارية أخرى أو تم استدعاؤه أو حجزه ليوم أو يومين؟
في كل العالم تحدث مشكلات ويتم حجز أو اعتقال أو سجن أفراد وجماعات، وفي كل البلدان تحدث مشكلات يصاب بسببها البعض، والجميع يغرد عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويعبر عن رأيه وقضيته، لكن لم يحدث قط أن قرأ العالم تغريدات تفصيلية ومليئة بالأنا كالتي ينشرها أولئك الذين اعتبروا أنفسهم قياديين حتى أوصلوا الناس إلى هذه الحال التي صارت عليها البلاد والعباد.
المتابع لما ينشره أولئك عبر التويتر يكتشف بسهولة مقدار سيطرة الذات والأنانية على أولئك، فهم يكتبون عن أنفسهم في كل لحظة وحين، ولعلهم يفكرون في طريقة يغردون فيها وهم نائمون. هذا يكتب أنه سيشارك في الفعالية الفلانية، وذاك يكتب أنه الآن متوجه للمشاركة في الفعالية العلانية، وهذا وذاك يغردان مع كل شهيق وزفير؛ «الآن أنا متوجه إلى حيث المسيرة.. الآن أنا أكاد أصل إلى حيث المسيرة.. الآن أنا وصلت.. الآن أهتف مع الهاتفين.. الآن فلان يسلم علي.. الآن أنا أسلم على علان.. الآن انتهت المسيرة.. الآن يأخذون لي صور تذكارية.. الآن أعود إلى حيث سيارتي.. الآن وصلت إلى سيارتي.. الآن ركبت سيارتي..الآن أرى كذا وكذا.. ولا أرى كذا وكذا.. الآن وصلت إلى البيت.. فاصل وأعود»!
أما إن وصلت هذا الشخص إحضارية فهذا يعني أن فيلماً آخر سيتم إنتاجه قوامه آلاف التغريدات التي تبين أن مئات المنظمات والحكومات تسأل عن الإحضارية وظروفها!