كان الله في عون الدكتور محمد مرسي؛ فقيادة بلد مثل مصر ليس بالأمر الهين، خصوصاً بعد عامين من اندلاع الثورة الشعبية التي أدت إلى الإطاحة بنظام الرئيس السابق محمد حسني مبارك.
لكن هناك مصاعب استثنائية يتعرض لها الرئيس الحالي الدكتور محمد مرسي عائدة إلى خلفيته الحزبية الدينية وإلى سلسلة من الممارسات أدت إلى إفقاد المواطن المصري لثقته في مؤسسة الرئاسة، بعضها كان قبل تولي الرئيس مقاليد الحكم، وبعضها الآخر راجع لممارسات وسياسات غير موفقة، فالصوت المعارض اليوم يتذكر أن الأخوان المسلمين لم يكونوا مبادرين للنزول إلى التحرير، ويذكر أنهم مدوا أيديهم من تحت الطاولة وتعاطوا مع النظام السابق، ومدوا يدهم مرة أخرى للمجلس العسكري، ووعدوا لاحقاً بنسبة معينة في مجلس الشعب ثم اكتسحوه، ثم وعدوا بالابتعاد عن الشورى قبل أن يبتلعوه أيضاً، ثم وعدوا بعدم ترشيح أي كان لمنصب الرئاسة قبل أن يرشحوا اثنين هما؛ خيرت الشاطر ومحمد مرسي.
كل هذه الأمور إذا أضفنا إليها الوعود التي قطعها الرئيس مرسي يوم خطب ود الأحزاب السياسية في الجولة الثانية من الانتخابات؛ فوعد بمجلس رئاسي يتولى الحكم بعيداً عن الاستبداد والاستفراد، ووعد بالعمل مع مستشارين ومساعدين من كافة الأطياف السياسية، ووعد بالحفاظ على مدنية الدولة، وبناءً على هذه الوعود صوت له غير المنتمين للأحزاب الدينية، ورأوا فيه مواطناً عاش ردحاً من حياته خارج مصر واطلع على تجارب وشارك في الحياة السياسية في ظل الحكم السابق، لكن ما أن آل إليه الأمر حتى تنصل من ذلك كله؛ وهي بلا شك أمور تعزز حالة فقدان الثقة التي تجعل الجدل السياسي الدائر في مصر شبيهاً بحوار الطرشان، وهو ما سيجعل كل ما يقوله لمعارضيه محلاً للتخوف ومدعاة للقلق.
ويعود جزء لا يستهان فيه من هذه الأزمة إلى حداثة تجربة الإخوان المسلمين في الحكم، وهي تجربة تمر بالمصاعب والعقبات، وينقصها النضج والفهم السياسي العميق سواءً في مصر أو تونس، خصوصاً أن النخبة السياسية الجديدة في بعض دول الربيع قدمت لشعوبها سيرة ذاتية لا تعتمد على الخبرة والإنجاز السياسي قدر ما تعتمد على سنوات النفي والسجن، وكأن المعاناة وحدها كفيلة بخلق رئيس ناجح، إضافة إلى كثير من الممارسات السلبية التي تقوم بها الأحزاب الإسلامية الممثلة للخلفية السياسية لهذه القيادات، وهو ما يؤجج الوضع ويفرز المزيد من الاحتقان. في هذا الوضع المتأزم الذي لا ينذر بخير ليس أمام الدكتور محمد مرسي لينجح في قيادة مصر إلا أن يحاول استعادة ثقة الشارع المعارض، ويعود بالذاكرة ليوم إعلان نتائج الرئاسة ليعلم أن ما يقارب من نصف الصوت الانتخابي كان ضده، وهو مايستدعي عملاً متواصلاً لكسب هذا الصوت وليس لمناكفته ومكايدته وممارسة القهر السياسي ضده وتجاهله.
لو كنت الدكتور محمد مرسي.. لعملت على زرع الثقة مرة أخرى في نفوس هؤلاء ولأبعدت أصوات التجبر والإقصاء التي تزين فكرة الفوز بأغلبية وملحقاتها من تجبر وإقصاء، ولأوقفت الذين ينطقون باسم الرئيس ويعلنون قراراته من حزب الحرية والعدالة، ومنهم من يتعمد خلق الأزمات..
لو كنت مكان الدكتور محمد مرسي لتجنبت أخطاء القيادة السابقة لمصر؛ وهي التي دفعت الناس دفعاً للثورة ضدها بعد أن حاولت جعل مصر كلها حزباً وطنياً، والقاعدة تقول (من أراد كل شيء لا ينال أي شيء)، وما يسمى مشروع أخونة الدولة يسير على قدم وساق ولا يحتاج لجهد كبير لملاحظته، ولما سمح لمكتب الإرشاد للإيحاء للداخل والخارج أنهم من يحكم مصر فعلياً، وهنا الانتقاص الحقيقي لسلطة الرئيس، خصوصاً عندما يستخدم التلفزيون الرسمي للدعوة لمظاهرة التأييد ويأمر أئمة المساجد بتأييد قرار الإعلان الدستوري.
لو كنت الدكتور محمد مرسي.. لما دخلت في حربٍ مع القضاء والإعلام؛ فتلك حرب محسومة النتائج، فما من حاكم دخل في معركة مع القلم والميزان إلا وخسر، أُقلب قنوات مصر فأرى ضيوفاً من التيار الإسلامي على جميع القنوات المتهمة، وأرى قنوات أخرى دينية ذات صوت ولون واتجاه واحد لا ينتقدها أحد.. لو كنت مكانه لعملت على إرساء دولة القانون بمشاركة الجميع، وهذه المشاركة تقتضي الصدق والإعراض عن الخداع والغدر.
لو كنت مكانه.. لجرمت بالقانون استخدام كلمة «فلول» التي أصبحت كتهمة معاداة السامية تطال كل من يعارض فكر الإخوان وحلفائهم، ومنهم من ساند النظام السابق بفتاوى تحرم الخروج على الحاكم، ومنهم اليوم مسؤولون في رئاسة وزراء مصر الحالية، لكنها أيضاً تهمة تلاحق رفقاء ميدان التحرير الذين كانوا في طليعة المعتصمين في يناير 2011، ولجرمت بالقانون استخدام المنابر للدعاية السياسية وهي من ستجر مصر لما لا يحمد عقباه بتكفير المخالف. لو كنت مكان الدكتور المرسي.. كنت خلقت نموذجاً مصرياً فريداً محتفظاً بالنكهة المصرية التي عرفها العالم وألفها وأحبها، دون أن يطغى فيه مكون على آخر، ودون أن يجد المصريون أنفسهم بحاجة لاستيراد نموذج قطري أو تركي.
لو كنت، والحمدلله أنني لست مرسي، بل موسى..
لكن هناك مصاعب استثنائية يتعرض لها الرئيس الحالي الدكتور محمد مرسي عائدة إلى خلفيته الحزبية الدينية وإلى سلسلة من الممارسات أدت إلى إفقاد المواطن المصري لثقته في مؤسسة الرئاسة، بعضها كان قبل تولي الرئيس مقاليد الحكم، وبعضها الآخر راجع لممارسات وسياسات غير موفقة، فالصوت المعارض اليوم يتذكر أن الأخوان المسلمين لم يكونوا مبادرين للنزول إلى التحرير، ويذكر أنهم مدوا أيديهم من تحت الطاولة وتعاطوا مع النظام السابق، ومدوا يدهم مرة أخرى للمجلس العسكري، ووعدوا لاحقاً بنسبة معينة في مجلس الشعب ثم اكتسحوه، ثم وعدوا بالابتعاد عن الشورى قبل أن يبتلعوه أيضاً، ثم وعدوا بعدم ترشيح أي كان لمنصب الرئاسة قبل أن يرشحوا اثنين هما؛ خيرت الشاطر ومحمد مرسي.
كل هذه الأمور إذا أضفنا إليها الوعود التي قطعها الرئيس مرسي يوم خطب ود الأحزاب السياسية في الجولة الثانية من الانتخابات؛ فوعد بمجلس رئاسي يتولى الحكم بعيداً عن الاستبداد والاستفراد، ووعد بالعمل مع مستشارين ومساعدين من كافة الأطياف السياسية، ووعد بالحفاظ على مدنية الدولة، وبناءً على هذه الوعود صوت له غير المنتمين للأحزاب الدينية، ورأوا فيه مواطناً عاش ردحاً من حياته خارج مصر واطلع على تجارب وشارك في الحياة السياسية في ظل الحكم السابق، لكن ما أن آل إليه الأمر حتى تنصل من ذلك كله؛ وهي بلا شك أمور تعزز حالة فقدان الثقة التي تجعل الجدل السياسي الدائر في مصر شبيهاً بحوار الطرشان، وهو ما سيجعل كل ما يقوله لمعارضيه محلاً للتخوف ومدعاة للقلق.
ويعود جزء لا يستهان فيه من هذه الأزمة إلى حداثة تجربة الإخوان المسلمين في الحكم، وهي تجربة تمر بالمصاعب والعقبات، وينقصها النضج والفهم السياسي العميق سواءً في مصر أو تونس، خصوصاً أن النخبة السياسية الجديدة في بعض دول الربيع قدمت لشعوبها سيرة ذاتية لا تعتمد على الخبرة والإنجاز السياسي قدر ما تعتمد على سنوات النفي والسجن، وكأن المعاناة وحدها كفيلة بخلق رئيس ناجح، إضافة إلى كثير من الممارسات السلبية التي تقوم بها الأحزاب الإسلامية الممثلة للخلفية السياسية لهذه القيادات، وهو ما يؤجج الوضع ويفرز المزيد من الاحتقان. في هذا الوضع المتأزم الذي لا ينذر بخير ليس أمام الدكتور محمد مرسي لينجح في قيادة مصر إلا أن يحاول استعادة ثقة الشارع المعارض، ويعود بالذاكرة ليوم إعلان نتائج الرئاسة ليعلم أن ما يقارب من نصف الصوت الانتخابي كان ضده، وهو مايستدعي عملاً متواصلاً لكسب هذا الصوت وليس لمناكفته ومكايدته وممارسة القهر السياسي ضده وتجاهله.
لو كنت الدكتور محمد مرسي.. لعملت على زرع الثقة مرة أخرى في نفوس هؤلاء ولأبعدت أصوات التجبر والإقصاء التي تزين فكرة الفوز بأغلبية وملحقاتها من تجبر وإقصاء، ولأوقفت الذين ينطقون باسم الرئيس ويعلنون قراراته من حزب الحرية والعدالة، ومنهم من يتعمد خلق الأزمات..
لو كنت مكان الدكتور محمد مرسي لتجنبت أخطاء القيادة السابقة لمصر؛ وهي التي دفعت الناس دفعاً للثورة ضدها بعد أن حاولت جعل مصر كلها حزباً وطنياً، والقاعدة تقول (من أراد كل شيء لا ينال أي شيء)، وما يسمى مشروع أخونة الدولة يسير على قدم وساق ولا يحتاج لجهد كبير لملاحظته، ولما سمح لمكتب الإرشاد للإيحاء للداخل والخارج أنهم من يحكم مصر فعلياً، وهنا الانتقاص الحقيقي لسلطة الرئيس، خصوصاً عندما يستخدم التلفزيون الرسمي للدعوة لمظاهرة التأييد ويأمر أئمة المساجد بتأييد قرار الإعلان الدستوري.
لو كنت الدكتور محمد مرسي.. لما دخلت في حربٍ مع القضاء والإعلام؛ فتلك حرب محسومة النتائج، فما من حاكم دخل في معركة مع القلم والميزان إلا وخسر، أُقلب قنوات مصر فأرى ضيوفاً من التيار الإسلامي على جميع القنوات المتهمة، وأرى قنوات أخرى دينية ذات صوت ولون واتجاه واحد لا ينتقدها أحد.. لو كنت مكانه لعملت على إرساء دولة القانون بمشاركة الجميع، وهذه المشاركة تقتضي الصدق والإعراض عن الخداع والغدر.
لو كنت مكانه.. لجرمت بالقانون استخدام كلمة «فلول» التي أصبحت كتهمة معاداة السامية تطال كل من يعارض فكر الإخوان وحلفائهم، ومنهم من ساند النظام السابق بفتاوى تحرم الخروج على الحاكم، ومنهم اليوم مسؤولون في رئاسة وزراء مصر الحالية، لكنها أيضاً تهمة تلاحق رفقاء ميدان التحرير الذين كانوا في طليعة المعتصمين في يناير 2011، ولجرمت بالقانون استخدام المنابر للدعاية السياسية وهي من ستجر مصر لما لا يحمد عقباه بتكفير المخالف. لو كنت مكان الدكتور المرسي.. كنت خلقت نموذجاً مصرياً فريداً محتفظاً بالنكهة المصرية التي عرفها العالم وألفها وأحبها، دون أن يطغى فيه مكون على آخر، ودون أن يجد المصريون أنفسهم بحاجة لاستيراد نموذج قطري أو تركي.
لو كنت، والحمدلله أنني لست مرسي، بل موسى..